تركي الدخيل: مراكز الدراسات العربية تحمل رسالة الوعي إلى العالم.. ويجب الحذر من التكفير والولاءات العابرة للحدود

في حلقة نقاشية عن مستقبل الإسلام السياسي نظمها مركز تريندز

أبوظبي – الوحدة:

أكد سعادة تركي الدخيل، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، أن الخلاف مع الجماعات الإسلاموية المتطرفة ليس خلافاً في الرأي كما يحاول البعض أن يصوره، بل هو خلاف جوهري وأخلاقي، من أبرز معالمه رفض اعتراف هذه الجماعة بالوطنية والوطن والمجتمع، مقابل ترويجهم لولاءات عابرة للحدود الوطنية، فهم لا يؤمنون بالولاء للوطن إلا إذا كان الوطن تحت سيطرة حكمهم هم دون غيرهم، ويمارسون أدوات تفكيك المجتمع ويعزلون أفراد الأسرة الواحدة عن بعضها، بأساليب تجنيد نفسية وشعورية خطيرة.

ونبه الدخيل إلى أن خطر جماعات الإسلام السياسي ومفكريها، وعلى رأسهم “سيد قطب” ومن تبنى فكره، لم يزل قائماً، إذ تبقى أدبيات الجماعة خالية من إعلاء قيمة الوطن أو الوفاء للمجتمع، وشدد على محورية دور مراكز الدراسات في تفكيك خطاب التطرف، وصناعة الخطاب البديل الذي يعزز قيمة الوطن، ويعزز ثقة المجتمع بنفسه وتاريخه، وقيادته، ويؤدي إلى تعزيز الإنسان الفاعل المنخرط في سبل التنمية المستدامة، التي ترعاها الدولة.
بدوره، رحب الدكتور محمد عبدالله العلي الرئيس التنفيذي لمركز تريندز، بسعادة تركي الدخيل سفير المملكة العربية السعودية لدى الدولة، وأعرب له عن تطلعه إلى التعاون مع مراكز البحث والفكر السعودية، حيث أبدى سعادته ترحيبه بذلك، مثمناً جهود “تريندز” العلمية والبحثية والمعرفية.

وأشار سعادة السفير إلى أن الجماعات المتطرفة توظف ظروف الحروب الراهنة والأوبئة لتقويض الدول؛ لذا فإنه من المبكر الحديث عن نهاية خطرها، دون العمل على تفكيك خطابها المتطرف، وأدوات صناعة السخط التي تستغل الأزمات.

الدولة الوطنية
وأبرز سعادة الدخيل أهمية الدور الذي قامت به دول الاعتدال العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وغيرهما من الدول، إذ قادت مشروع الدولة الوطنية المستقرة في مواجهة مشاريع الولاءات العابرة للحدود؛ ما أدى إلى إضعاف هذه المشاريع التخريبية، فأقامت دول الاستقرار مشاريع تنموية مستدامة، تعلي من قدر الإنسان، وتحث على تبني التعايش والتسامح وثقافة تقبل الآخر، والاحترام المشترك بين فئات المجتمع، دون تحقير أو تكفير.
وحث سعادة السفير تركي الدخيل أعضاء مجلس تريندز لشباب البحث العلمي والشباب الإماراتي والعربي على التسلح بآليات البحث العلمي في معالجة ونقاش تفاصيل واقع الجماعات المتطرفة وغاياتها ووسائلها وكشفها كشفاً علمياً دقيقاً، وبناء خطاب وطني يعزز التسامح والتعايش، ويرفض الولاءات العابرة للحدود.
وحذر سعادة السفير السعودي من الانجرار إلى فوضوية الفضاءات والطروحات التي تقودها بعض وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكداً أن ما يميز المراكز الفكرية والبحثية موضوعيتها وحياديتها والتزامها الأكاديمي بالأمانة العلمية القائمة على الحقائق دون غيرها، ومبرزاً سعادته أهمية ترجمة الأبحاث العلمية الرصينة التي تشرح أن التكفير ليس رأياً، وأن جهود تعزيز فكرة الدولة في الدول العربية ليست ترفاً، وأن التسامح ضرورة ملحّة لضمان الاستقرار المجتمعي، إذ يؤدي هذا الجهد إلى شرح الواقع للمجتمع الدولي، الذي لم يزل يترك للإرهاب فرصة للعمل، بسبب ثغرات في الفهم.

دعم صنّاع القرار
وفي ختام الجلسة النقاشية، أكد الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز، أن زيارة سعادة تركي الدخيل سفير المملكة العربية السعودية لدى الدولة، تحمل الكثير من الدلالات والمعاني الإيجابية، ويأتي على رأسها دعم سعادته للمراكز البحثية واهتمامه بمخرجاتها العلمية والمعرفية التي تسهم في دعم صنّاع القرار.
وأشار الدكتور العلي إلى أن الزيارة تناولت سبل تعزيز التعاون والشراكة بين “تريندز للبحوث والاستشارات” والمراكز البحثية والمؤسسات الفكرية في المملكة العربية السعودية، مضيفاً أن “تريندز” منفتح على الشراكات الفاعلة مع مختلف المؤسسات والجهات الأكاديمية والبحثية والعلمية على نطاق عالمي، سعياً منه إلى نشر البحوث والدراسات والمعرفة القادرة على بناء جسور التعاون والثقة.