أجرى الحوار: الشاعر والكاتب أنور بن حمدان الزعابي
لازال ذلك الشعر مغلفاً بكل أطياب الأصالة والعذرية والحب للبيئة الإماراتية الأصيلة .
في مجلس الشاعر سعيد بن أعلي الميدلي الكعبي في منطقة الشويب حدثنا الشاعر عن مسيرته في حياته وطفولته وصباه وعن تعلقه بالشعر وحرفته وصياغة فنونه والإبحار في محيطاته وتياراته الجارفة .
قال : عشت في ديار قبيلة بني كعب الكريمة ونحن من فرع الميادلة وتمتد أراضي سكنانا في مناطق حدف وري، حيث كانت هذه البلدات عامرة بأهلها وحقول مزارعها ونخيلها . ثم تواجدنا في الشويهي وفي بلدة اليويف وفي كل مكان توجد لي ذكرى وتوجد لي بصمة (مزامل) شاعرية تدغدق فؤادي وتعتريني من عشرات السنين . ولازلت أتذكر مراتع الصبا وأحن إليها.
عملت في القوات المسلحة الإماراتية وفي الشرطة وتنقلت بين العديد من المناطق والإمارات.
من أبوظبي والحمرا في المنطقة الغربية وفي دفاع إمارة دبي وشاركت في قوات الردع العربية في لبنان ومرت حياتي في أعمال كثيرة خاصة تتعلق بالزراعة وتربية مناحل العسل الطبيعي.
لي هواجس الذكريات تتردد أمام ناظري ومسامعي منها الجميل ومنها المحزن والمزعج ولكنني لازلت مع ذكريات وعذرية الحب القديم حيث أطلال منازلنا وبراءة ونقاء وطهارة قلوب الناس.
الشعر ماذا أقول أو أتحدث عن الشعر وذكرياته فبداءت أكتب الشعر الشعبي وأنا في الرابعة عشر من العمر وترسخت بي مناهله وأنا في صباي وفترة شبابي حيث خدمت وطني في الجيش وحسب طبيعة عملي ابتعدت عن الديار والمضارب فكانت تتوارد علي الخواطر والأفكار ممزوجة بالأشواق وبالحنين وبالوله عشقت وأحببت كفارس عاشق وحالم على فرس سوداء يهيم في صحراء ممزوجة بالرمل وبالأودية حتى أعانق جبل السميني في كل.ليلة وأعتلي قمته لأرى مضارب الأهل والأحبة والخلان وعشقي الأبدي.
فقمت أنشئ القصائد في الليلة ثلاث أو أربع وكأنني أنسج وأحيك ثوباً مطرزاً بالجواهر .
في تلك السنين الخوالي حيث البساطة وشغف العاشق بمحبوته كنت أردد وأقرأ قصائد وتاريخ الفرسان وخاصة قصائد قيس بن الملوح وليلى العامرية
وجميل بثينه وغيرهم من أقطاب الشعر الجاهلي . فكنت أختال في ذاك الخيال حيث أردد قصيدتي التي تقول:
*
ياخل طلبتكم على العين والراس
طلبت عزيز من جنابي لها شان
طلبتك ماتطلب قصوراً بحراس
تطلب بيوت ابلا تكاليف وثمان
وانا مولع فيك ياحلو الانفاس
يامن عليك الحال والقلب تعبان
ارحم رحمك الله لي خالق الناس
ارحم غريم الشوق هايم وغرمان
في حسنك الجذاب وعيونك انعاس
وعويدك الميال كـعود رمـان
ياذهب يامخزون ياجوهره ماس
ياغالي الاثمان لولو ومرجان
خليتني ياخل دايم بهوجاس
لو كان جالس بين ربعي ولخوان
اسج بالافكاري ولاعندي احساس
ولي نظرني قال وشفيك ذهلان
قلت العفو ماهو تكبر على الناس
بحلف برب البيت لي خالق الانس الجان
يغير كان الفكر مشغول لاباس
يشغلني التفكير في بعض الاحيان
*
كذلك الشعر في محيط بني عمومتي من الميادلة متوارث أبا عن جد وكان أهلنا الأوليين يؤلفون الشعر ويحفظونه عن ظهر قلب رغم عدم قرأءتهم وكتابتهم.
ومن أبناء جيلي معي الشاعر الكبير خليفه بن حماد الميدلي الكعبي وسالم بن سعيد الميدلي الكعبي وكنا نعيش في محيط واحد ونتسامر بالشعر والغزل وطرح الأمثال والمداعبات الشعرية الجزلة والفريدة في بلدتنا في ري وهي بلدة ريفية كان المطوع ومسؤول البلدة هو المطوع خصيف وعرف بالحكمة وسبر أغوار التواريخ القديمة وله في العلم الكثير.
وبالنسبة للشعراء في قبيلة بني كعب كان هناك العديد والعديد من الشعراء الكبار منهم الشاعر سعيد بن جمعة بن سبيت هذا شاعر الرزفات وكذلك شاعر في فنون الشعر كافة مثل الشلات والردحة والونة والطارج ولكن لم يتم حفظ أشعاره رحمه الله . وهناك الكثير من الشعراء من مختلف الأجيال.
والشاعرات في قبيلة بني كعب كثيرات وعلى مختلف الأجيال أيضاً ولكن لم أعرف اسماً معيناً وهن في مناطق النويهي وأمحضه وغيرها من مضارب قبيلة بني كعب الكريمة. وأنا تأثرت بقراءتي لقصائد وشعر الشاعر الماجدي بن ظاهر ورأيت في قصائده محيطات من الحكمة والفكر السديد.
وتأثرت بالشاعر سالم بن سعيد الدهماني رحمه الله وجالسته وشدني أسلوبه وعمق معاني أبيات شعره وحكمته وتصويره الجميل للحدث وقد أستجدت أحداث بينه وبين الشاعر راشد بن سعد المقبالي وقال في قصيدة عصماء يخاطبنا نحن الميادله ومعنا الشاعر خليفه بن حماد والشاعر سالم بن سعيد
حيث يقول:
من الشويب الين ري
أعيال كعب بن الوي
وان يا الخبر ويا بن أعلي
بتشوفهم متعصبين
وعملت قصيدة رد على قصيدته وهي عبارة عن سلام وتحية ولكنها قصيدة تكاد أن تناهز ال50بيتاً. حيث أقول في بعض أبياتها عن الشاعر الدهماني:
أن جيت في صدر البلد
حتى ولو تلقى ولد
أمن الدهامنه بايسد
بسيف ولا بضيف زين
واما عن سالم لاتسال
ماهو بمظله في القبال
نعم الرجل في كل حال
فرحان دايم مايشين
تعال واقصد منزله
وسلمه الرساله مسجله
ون ياه حد يستقبله
بالضيف واينقي السمين
وأنا كتبت قصيدتي المطولة نيابة عن كل شعراء الشويب والقصيده طويلة.
وأختتم هذا الحوار الوثائقي الشيق مع الشاعر سعيد بن أعلي الميدلي الكعبي بواحدة من قصائده:
البارحه حرام جفني ماغضى
والنوم ماياني وقلبي مستهام
ذاكر زمانن مر عني ونقضى
ولاظني يرجع في حياتي والايام
وايام راحتي وسعدي والرضى
طافن شرا طيف الروايا ف المنام
والدمع من عيني على خدي فضى
وسبل على وسادي ولارمت القيام
وبقيت طايح بايداً متمرضى
ومشتط من عوقاً جعلني في انهزام
ولازال يوفي فيه نيران اللظـى
تشعل بوسطه وحرقت حتى العظام
وبقيت صابر على تقادير القضى
وجبرت نفسي على الصبر عدت اعوام
واليوم عوقي صابح في جمع العظى
وحتى فعروق الدم يسريلي غـرام
من صاحباً راح وتركني على شظى
مشرف على خط الخطر وسط الوهام
لو كان بزقر راح زقري فالفضـى
ماحد يرد الصوت او يسمع كلام
ولي علمبي قال خل الي مضى
لاتفتكر ف الي مضى من كم عام