دبي – الوحدة:
عندما كانت في عمر الـ16 عاماً تأثرت بصديقتها وكانت تسعى لتقليدها في السلوك والمظهر وطريقة التفكير، إلى أن وصل بها الأمر وبعد تشجيع هذه الصديقة إلى التعرف إلى شاب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، باعتبار أن الأمر مغامرة لن يكتشفها أحد والعلاقة لن تتجاوز المحادثات والتواصل الهاتفي وستكون تحت إشراف صديقتها التي تعدها كاتمة لأسرارها.
يوماً بعد يوم أصبحت الفتاة أكثر تعلقاً بالشاب ورضوخاً لطلباته بالخروج معه، فكانت تذهب لمنزل صديقتها وترافقه إلى أن أوقعها في فخ تعاطي المخدرات مستغلاً ضعف الرقابة الأسرية، وللأسف، تم اكتشاف أمرها في مرحلة متأخرة كانت قد وصلت فيها إلى عمر الـ20 عاماً، إلا أن الجيد في الأمر هو عدم تردد والدها وشقيقها لطلب المساعدة من مركز حماية الدولي بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات في القيادة العامة لشرطة دبي.
دور الوالدين
وكشف مركز حماية الدولي بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات في شرطة دبي عن تفاصيل قصة الفتاة ضمن مبادرة «قصص حماية وشركاؤه» في إطار حملة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات التي تستمر حتى 26 يوليو الجاري.
وتفصيلاً، قال العقيد خالد بن مويزة، نائب مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في شرطة دبي: بعد دراسة حالة هذه الشابة، اتضح أن والدها كان مفرطاً في تدليلها، خاصة وإن شقيقتها الكبرى تعرضت لحادث وأصبحت من فئة أصحاب الهمم، فأراد أن يمنح ابنته الصغرى والمتفوقة دراسياً جرعة مضاعفة من الحب والحنان والحرية، دون أن يدرك أن ذلك قد يفسدها، في حين لاحظنا غياب دور الأم في حياة ابنتها رغم أهميته الكبيرة، واعتمادها الكلي على الأب في عملية التربية.
دلال زائد
وتابع: كان الأب لا يرد طلباً لابنته، كما كان يمنع أشقاءها من التدخل في شؤون حياتها رغم أنهم أبدوا عدم قبولهم لنمط حياتها الجريء، باعتبار أنه المسؤول عنها، لدرجة أنه سمح لها بالمبيت في منزل صديقتها لمعرفته بأهلها، وكلما كان يتصل للاطمئنان عليها كانت تجاوبه بأنها بخير وتقضي وقتاً ممتعاً مع صديقتها.
وبعد مرور سنوات على هذا الحال، أبلغت الفتاة والدها بأنها تريد الزواج من الشاب الذي تعرفت عليه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وضغطت عليهم بشكل قوي لتزويجها إياه، ورغم صدمة أفراد الأسرة وأجواء الغضب التي سادت المنزل ورفضهم للشاب الذي اتضح لهم لاحقاً بأنه مدمن مخدرات، إلا أن الأب عمل على تزويجهم وتأمين مسكن ملائم لهما على الأمل انصلاح حالها واستمر في دعمها مالياً، وإلى هنا لم يستكشف أحد بأنها مدمنة.
صدمة ومواجهة
وأضاف العقيد خالد بن مويزة،: بعد فتر قصيرة وقع الطلاق، وعادت الشابة إلى منزل أسرتها، رافضة أن يتدخل حتى والدها في حياتها، وعادت إلى التواصل مع صديقتها أكثر من السابق والتغيب عن المنزل، وخاضت علاقة عاطفية مع شاب جديد أيضاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، اتضح لاحقاً أنه أيضاً من أصحاب السوابق وقام باستغلالها، ولدى اكتشاف إدمانها من قبل أفراد أسرتها ومواجهتها أخبرتهم بأنها تتعاطى المخدرات كلما ساءت علاقتها مع الشاب الجديد، ولأن الصمت والسكوت عنها تجاوز الحد والصبر على وضعها أصبح يشكل خطراً عليها، قام أحد أشقائها بإقناع الأب بضرورة التواصل مع مركز حماية الدولي لإنقاذها والاستفادة من المادة 89 من قانون الإماراتي مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية التي تتعامل مع مريض الإدمان كـ«حالة تحتاج إلى رعاية» وليس كـ«متهم في قضايا»، وتعفيه من المسؤولية القانونية حال التقدم طواعية للعلاج والتأهيل وقبل إلقاء القبض عليه أو صدور أمر بذلك.
دعم وتشجيع
واستطرد العقيد خالد بن مويزة،: حضر أب الفتاة وشقيقها برفقة ابنتهم إلى مركز حماية الدولي، وكانا حريصين على تشجيعها للإدلاء بكل ما لديها من معلومات، لأنها الأهم بالنسبة لهما ويرغبان في مساعدتها على الخروج من دوامة الإدمان والعودة إلى حياة التفوق والنجاح، وبعد جلسة الاستشارات التي تتم وسط أجواء من السرية والخصوصية، تم تحويلها للعلاج والتأهيل بالتعاون مع الشركاء.
وتابع: إننا نعي جيداً أنه ليس سهلاً على أولياء الأمور وأفراد العائلة التواصل مع الجهات المختصة والإبلاغ عن أبنائهم المدمنين بهدف طلب المساعدة وإنقاذ أرواحهم، وندرك تماماً المخاوف التي تراودهم، ولكننا نؤكد لهم أن القانون الجديد لمكافحة جرائم المخدرات يعكس حرص المُشرع الإماراتي على التعامل بإنسانية مع مريض التعاطي.
تدخل مبكر
ونوه نائب مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في شرطة دبي، إلى أن المصابون بالإدمان غالباً ما يكونون في حالة إنكار لموقفهم وغير راغبين في البحث عن علاج، وربما لا يلحظون الآثار السلبية لسلوكهم على أنفسهم والآخرين، لذا يمنح التدخل المُبكر لأحد أفراد العائلة أو الأصدقاء فرصة للعلاج والتأهيل عبر التواصل مع المراكز العلاجية في الدولة أو مركز حماية الدولي.