The53rd Eid Al Etihad Logo
أخبار رئيسية

الإعلام وتشكيل الوعي المجتمعي

دبي – الوحدة:

نشرت مجلة الأمن التابعة لشرطة دبي في عددها لشهر يوليو 2022 تحقيقا صحفيا تحت عنوان:

((الإعلام وتشكيل الوعي المجتمعي))

بين الحين والآخر وفي مواقف ومناسبات معينة، تتصدر مواقع التواصل مواضيع تثير الجدل، منها ما يتعلق بمحتوى يصنعه أفراد أو بتصرفات أصحاب الحسابات، أو أومنها ما يتعلق بمستوى الوعي والفهم والإدراك المجتمعي، وطريقة التعاطي مع ما يحدث في الوسط المجتمعي أو العالم. وتتباين وجهات النظر في مثل هذه المواقف بين من يلقي اللوم على غياب الإعلام التقليدي عن المشهد وضعف تماشيه مع الإعلام الجديد، وبين من يجعل الوعي المجتمعي سببا لكل ما يحدث، لكون الوسائل والأدوات المتعلقة بصناعة المحتوى متعددة ومتنوعة، فتقع المسؤولية على مستوى الوعي في المجتمع.

ومن هذا المنطلق نشرت مجلة الأمن التابعة لشرطة دبي في عددها 609 لشهر يوليو 2022 تحقيقا صحفيا تحت عنوان:

((الإعلام وتشكيل الوعي المجتمعي)) لتحاول الإجابة عن بعض التساؤلات من المسؤولين وأصحاب الاختصاص وصناع الدراما، وهي تساؤلات يطرحها المجتمع ويعبر عنها في الكثير من الأحداث التي نشهدها في مواقع التواصل، ومنها التساؤلات حول جدوى الإعلام التقليدي في ظل نمو الإعلام الجديد، فما الإعلام التقليدي؟ وما الإعلام الجديد؟ وما أهم سماتهما؟ ومن المحرك والمؤثر؟ وما الرؤية والرسالة التي يستند إليهما الإعلام التقليدي؟ وكيف توظف أدوات الوعي مثل الدراما في طرح القضايا المجتمعية من خلال عبر الإعلام الرقمي؟ وكيف نواجه التدفق السلبي للمفاهيم الخاطئة في مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها في الجيل الجديد.

_______________

أحمد المنصوري: الإعلام في دولة الإمارات يلعب دوراً مهماً في مواجهة المتغيرات التي أحدثتها ثورة التواصل الاجتماعي

أحمد سعيد المنصوري، المدير التنفيذي لقطاع الإذاعة والتلفزيون في مؤسسة دبي للإعلام

في ضوء الزيادة التي يشهدها عدد من مستخدمي منصات وصفحات التواصل الاجتماعي في مختلف دول العالم، يظل دور الإعلام الرسمي ضرورياً في زيادة الوعي في المجتمع، وهو دور لا غنى عنه في معرفة الحقائق وتصحيح المعلومات المغلوطة حول مختلف الأمور، وتكذيب الشائعات والمعلومات المنشورة على منصات التواصل الاجتماعي، ويسهم الإعلام الرسمي في تشكيل الرأي العام حول قضايا المجتمع والخطط المستقبلية والطموحات التي يشترك كل أعضاء المجتمع في تحقيقها، والخطوات المُتبعة للوصول لتلك الأهداف، وكذلك الاستفادة التي تعود على الجميع منها. ويجب على وسائل الإعلام الرسمية الاستفادة من منصات التواصل الاجتماعي كذلك، وأن يكون لها تواجد قوي ومميز في مختلف المنصات والتطبيقات التي يستخدمها العديد من أفراد المجتمع، من خلال نشر مختلف أنواع المحتوى، سواء من معلومات أو مقاطع مرئية تجذب الانتباه، وفي الوقت نفسه تقديم معلومات سليمة وحقائق للمستخدمين، للوصول لمختلف فئات المجتمع على النحو الأمثل، وخاصة الشباب وجيل الألفية الثانية الذين يقضون الكثير من الوقت في استخدام المنصات ويتأثرون بها كثيراً.

المحرك والمؤثر

ومع التزايد الكبير الذي تشهده الإمارات العربية المتحدة في عدد مستخدمي ومتابعي منصات التواصل الاجتماعي، والذي بلغ أكثر من نحو 32.73 مليون حساب، وذلك وفقاً لتقرير صادر عن موقع «Global Media Insight» المتخصص في يونيو 2020، ويصل عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في الإمارات إلى 9.83 مليون مستخدم أي بنسبة 98.98% من السكان، طبقاً لدراسة لموقع GMI في أغسطس 2021، زاد بالطبع تأثير منصات التواصل الاجتماعي في المجتمع بشكل عام، ولكن يظل هناك تأثير كبير وملحوظ للإعلام الرسمي، الذي يُعد أهم المصادر ذات الثقة للحصول على المعلومات السليمة والأخبار الحقيقية.

والواقع أن وسائل التواصل الاجتماعي تحظى بشعبية كبيرة في دولة الإمارات، وتحرص حكومة الإمارات على التواصل مع أفراد المجتمع من خلال منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الاتصال الحديثة عبر العديد من الحسابات الرسمية، وتحرص على تسليط الضوء على دور الإعلام الجديد وأهميته، وذلك من خلال تخصيص الملتقيات السنوية التي تعد منصات لتبادل الخبرات ونقل تجربة الإعلام الاجتماعي، والتي تشمل الهواة والمحترفين كقمة رواد التواصل الاجتماعي. هذا إضافة إلى الجائزة العربية للإعلام الاجتماعي، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في 2014، والتي تعنى برواد التواصل الاجتماعي العرب، وتسلط الضوء على أبرز مبادرات التواصل الاجتماعي في العالم العربي من أفراد، ومؤسسات في قطاعات مختلفة، وتشجع على تبني أفضل معايير الاستخدام الرسمي. ويلعب الإعلام في دولة الإمارات دوراً مهماً في مواجهة المتغيرات التي أحدثتها ثورة التواصل الاجتماعي، وذلك عن طريق إرشاد الأفراد والهيئات حول كيفية الاستخدام الصحيح لمنصات التواصل الاجتماعي، وزيادة الوعي، وتذكير الجميع بقوانين وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك المرسوم بقانون اتحادي رقم (34) لسنة 2021 في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، وقانون مكافحة التمييز والكراهية، الذي أصدره الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، في عام 2015، ويهدف القانون إلى إثراء ثقافة التسامح العالمي، ومواجهة مظاهر التمييز والعنصرية، أياً كانت طبيعتها، عرقية، أو دينية، أو ثقافية، وتعمل الاستراتيجية الإعلامية في دولة الإمارات على تحقيق عدد من الرؤى والأهداف التي تتضمن التواجد الفعال والصوت الحكومي المؤثر في مختلف وسائل الإعلام الترويج للثقافة والهوية الوطنية عبر مختلف قنوات الاتصال، هذا بجانب استخدام التكنولوجيا الحديثة والإعلام الرقمي في الاتصال والتفاعل مع مختلف فئات الجمهور، وتسعى وسائل الإعلام الرسمي في الإمارات لتعزيز أدوار الاتصال الحكومي في الجهات الاتحادية، إضافة إلى ترسيخ مفهوم الشراكة والتعاون وتكامل الجهود بين مختلف الجهات الإعلامية في الدولة، والعمل على تأسيس الشراكات مع المؤسسات الإعلامية العالمية، مع العمل على توفير وخلق بيئة إعلامية رقمية تواكب التطورات السريعة، وتتفاعل مع العالم.

_________________.

د. عماد عمر : وسائل الإعلام التقليدية والجديدة ستنجح في إحداث التأثير المجتمعي برسائلها التوعوية

الدكتور عماد عمر

أستاذ الإعلام المشارك – رئيس قسم الإعلام كلية الإعلام – جامعة عجمان عميد الكلية بالإنابة

%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%B1 %D8%B9%D9%85%D8%A7%D8%AF %D8%B9%D9%85%D8%B1

التغيرات المتسارعة التي نجمت عن استخدام الإنترنت في الممارسة الإعلامية أحدثت خلطاً لأوراق التراث المهني الذي ظلت وسائل الإعلام التقليدية تتمسك به في تحديها من أجل التكامل مع وسائط ومنصات الإعلام الجديد، وليس من أجل إقصائها عن المشهد الإعلامي الذي فرضت فيه تلك الوسائط والمنصات نفسها، وأصحبت واقعاً مؤثراً.

وتتفق جميع النظريات التي تهتم بكيفية إحداث التأثير بالرسالة الإعلامية على ضرورة فهم المتلقي ومعرفة المداخل العقلية والنفسية إليه، لأن ذلك يدعم قدرة الوسائل الإعلامية على تحقيق الإقناع لدى الجمهور الذي تستهدفه.

وعليه، فإن تطبيق ذلك في الممارسة الإعلامية يحتم على وسائل الإعلام، قديمها وجديدها، أن تستجيب لمتطلبات الواقع المتغير بسرعة هائلة تراعي من خلالها صناعة مضامين هادفة تؤسس لوعي مجتمعي، مع الحرص على تقديم تلك المضامين في قوالب فنية ولوحات برامجية ترضي أذواق كافة شرائح الجمهور المستهدف.

ولا يوجد أي تعارض بين أن تقدم وسائل الإعلام التقليدية والجديدة رسائل توعوية للمجتمع في جميع مجالات الحياة الإنسانية صحية كانت أم بيئية، قانونية كانت أم أمنية، فنية كانت أم ثقافية، اقتصادية كانت أم تسويقية، وبين الطريقة أو الشكل أو القالب الذي تقدم به تلك الرسائل سواء كان درامياً أم إعلانياً، خبرياً كان أم حوارياً، دردشة كانت أم مقطعاً صوتياً، لعبة كانت أم فيديوهات مرئية، فالخلاصة أن وسائل الإعلام التقليدية والجديدة ستنجح في إحداث التأثير المجتمعي برسائلها التوعوية في شتى المجالات إذا استطاعت أن تصنع محتوى هادفاً، وتختار في الوقت ذاته الطريقة التي يحبها الجمهور الذي تعرف الوسيلة في الأساس ماذا يريد، ونحن في كلية الإعلام جامعة عجمان نكسب الأجيال من خريجي الإعلام المعارف النظرية والمهارات العملية اللازمة للقيام بهذا الدور في سوق العمل.

_______________.

حمد الحمادي: نحن بحاجة إلى منتجين يمتازون بالجرأة، وسيناريوهات عميقة توازن بين القصة والتشويق والرسالة الفكرية

هل الدراما المحلية تسهم في صناعة الوعي المجتمعي؟ الكاتب الدكتور حمد الحمادي

%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D8%AA%D8%A8 %D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%B1 %D8%AD%D9%85%D8%AF %D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%AF%D9%8A

الدراما المحلية لديها محيط واسع من القضايا الاجتماعية والوطنية التي يمكن أن تطرحها في قالب متكامل يتناول التحليل العميق والمعالجة السليمة. وعلى الرغم من ذلك لا نرى الدراما المحلية تخوض في هذا المحيط حالياً. وعندما نذكر أهمية التحليل والمعالجة الدرامية للقضايا الاجتماعية والوطنية، فهذا لا يعني أنا نريد دفع الدراما من وهج القصة والتشويق إلى جمود الإطار الوثائقي، فهناك فرق كبير بين الدراما والبرامج الوثائقية.

ولتوضيح المسألة أكثر، الدراما بهيكلها المبسط يمكن أن تمزج القصة والتشويق من جانب، والرسالة الفكرية التي نريد إيصالها من جانب آخر. في أحيان كثيرة، يحصر صناع الدراما المحلية تركيزهم نحو جانب القصة والتشويق، ويبتعدون عن الرسائل الفكرية على الرغم من أن هذه الرسائل الفكرية قد تكون دافعاً لزيادة التشويق وخلق الدهشة لدى المشاهد، وهذا ليس نقصاً في الدراما المحلية، لكنه توجه نحو الدراما الترفيهية التي قد تبدو أسهل في التسويق ربما.

ولكن في الآونة الأخيرة لاحظنا وجود دراما محلية لا تكتفي بالبعد عن الرسالة الفكرية بل ابتعدت أيضاً عن القصة والتشويق، وجعلت الجانب التسويقي وصناعة (الترند) هو الأساس، فاستعانت بمشاهير التواصل الاجتماعي كممثلين على الرغم من أن الكثير منهم لا يجيد التمثيل أصلاً، وتم تسطيح بعض القصص لتتناول فكرة اجتماعية وفق طرحها في التواصل الاجتماعي بطريقة قد تكون مبتذلة، وكأن الدراما أصبحت صورة مرئية عن كل ما يطرح في وسائل التواصل الاجتماعي مهما كان ذلك الطرح سطحياً، أو مهما كان مبتذلاً وبعيداً عن الذوق العام والثقافة المحلية.

وقد تكون الإشكالية التي تعاني منها الدراما المحلية هي عدم وضوح الخط الفاصل بين النقد الساخر، وهو فن صعب وعميق وبحاجة إلى مهارة، وبين الابتذال الذي قد يؤدي إلى نتائج عكسية تخالف توقعات صناع الدراما.

حتى تكون لدينا دراما محلية قوية تتناول القضايا المجتمعية، وتصل برسالتنا سواء للجمهور المحلي أو الخارجي، نحن بحاجة إلى منتجين يمتازون بالجرأة، وسيناريوهات عميقة توازن بين القصة والتشويق والرسالة الفكرية وخلق الدهشة. وعلى جانب آخر، نحتاج كذلك إلى شجاعة من القائمين على القنوات المحلية لكونهم الطرف الثالث، وربما الأكثر تأثيراً في صناعة الدراما المحلية التي تعتمد في معظم الأحيان على تمويل القنوات التلفزيونية.

_______________.

سلطان النيادي: يجب أن تكون هناك شراكات داعمة بين المؤسسات الحكومية وصناع الدراما والكتاب والمختصين في المجال الفني

الفنان والمؤلف والمنتج الإماراتي سلطان النيادي

%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%86%D8%A7%D9%86 %D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D9%94%D9%84%D9%81 %D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%AA%D8%AC %D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%95%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A %D8%B3%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%86 %D8%A7%D9%84%D9%86%D9%8A%D8%A7%D8%AF%D9%8A

تلعب الدارما دوراً مهماً في توعية المجتمع، وهي المرآة العاكسة لحياة الشعوب، بما تحتويه من مفاهيم وعادات وتقاليد وأعراف سائدة، وتسهم بشكل جذري في طرح القضايا والظواهر المجتمعية ومعالجتها وتوفير الحلول والبدائل في حال تفاقمها، وما نعيشه اليوم من متغيرات عصرية متسارعة تفرض على الدراما مواكبة هذه المتغيرات مهما كانت متصاعدة، وهو دورمؤثر وعميق ويصب في صناعة الوعي، لأن الدراما الفنية هي الوسيلة الأسرع لتشكيل وعي المتلقي على اختلاف مستواه الفكري والاجتماعي، فالتلفزيون يدخل البيوت، ويلتف حوله جميع الفئات العمرية، وكل ما يقدم على الشاشة هو موضوع نقاش وجدال، وينتقل هذا التفاعل إلى مواقع التواصل الاجتماعي، ويحقق مزيداً من التأثير، لكن يجب التنويه أن جذب متابعي مواقع التواصل لا يكون أبداً عبر إنتاج محتوى سطحي لمجرد كسب المتابعة وإثارة الجدل.

ويجب أن تكون الدراما نموذجاً قادراً على مناقشة قضايا المواطن الإماراتي والعربي بمنتهى الشفافية بعيداً عن الإسفاف والابتذال، حتى لو كانت المعالجة باستخدام الكوميديا، فيجب العمل بمبدأ الكوميديا المنظمة والهادفة، دون تهريج مطلق أو معالجة سطحية، والأمثلة كثيرة على مسلسلات تم عرضها مسبقاً كانت مثالاً للتوظيف المثالي لهذه الأهداف، وحتى تنجح هذه الأهداف يجب أن تكون العملية منسقة ومتكاملة من خلال تضافر الجهود بين الوزارات والمؤسسات الحكومية وصنّاع الدراما والكتّاب والمختصين في المجال الفني. ويتم ذلك عبر الاختيار الصحيح للمواضيع المفيدة والمواكبة المستمرة، وإعداد النص الجيد الذي يعبر بواقعية، والأسلوب المتناسب مع كل الشرائح المجتمعية، ويجب الاعتراف إن كانت هناك أزمة فعلية في دور الدراما لمواجهة التدفق المتزايد للمؤثرات السلبية من بعض صنّاع المحتوى في مواقع التواصل الاجتماعي الذين لا يخضعون لضوابط محددة في فضاء رقمي لا حدود لها، وتزايد عدد المتابعين بغض النظر عن نوعية المحتوى وهنا تكمن الخطورة، وهو ما أفرز تحدياً كبيراً لمواجهته من خلال خطة مدروسة، وهذا ما يدفعنا لحل أزمة الدراما المحلية من خلال القنوات التلفزيونية، ومدى استعدادها لتبني الأعمال ودعمها وإنتاجها، في ظل توفير ميزانية قوية، وإمكانيات متاحة، والابتعاد عن المزاجية والهوائية والتحيز من بعض المسؤولين، وإرساء دعائم الشراكة الحقيقية بين المؤسسات الحكومية والإعلامية وصنّاع الدراما ومنتجيها، وهي عملية تكاملية قائمة على الانتقاء في الاختيار والاستمرارية في عرض الأعمال طوال السنة، وضمان تواجدها على القنوات والمنصات الرقمية.

_______________.

سعاد العريمي: ليس الإعلام الذي يقوض الأخلاقيات التقليدية، وإنما التغير يكون في منظومة القيم

الدكتورة سعاد زايد العريمي

أستاذ مشارك ورئيس قسم الحكومة والمجتمع، جامعة الإمارات

%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%B1%D8%A9 %D8%B3%D8%B9%D8%A7%D8%AF %D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D9%8A%D9%85%D9%8A

منذ بداية الألفية الثانية تطورت تكنولوجيا المعلومات وأحدثت نقلة عالمية نوعية في وسائل التواصل الاجتماعي وحققت مزيداً من التقارب والتواصل العالميين. وأصبح لهذه الوسائل أثر إيجابي على مختلف الصُعد؛ حيث حقق التواصل الاجتماعي التفاهم بين الشعوب. ولكن هذه النقلة الحضارية نتجت عنها تداعيات سلوكية وأخلاقية في الأسرة والمجتمع، وتحولت إلى أزمة خطيرة. حالة التفكك هذه، وجدها الإعلام الأجنبي فرصة سانحة، واستطاع أن يلعب دور المؤثر السلبي في تشكيل الاتجاهات الشبابية. فهناك عدة عوامل لها تأثير في تفاقم الخطر الإعلامي، وهي: الثقافة المحلية والانفتاح الإعلامي الحر، والفراغ الأسري، والتعليم، والوضع الاقتصادي.

ويمر مجتمع الإمارات بتغير اجتماعي واقتصادي سريع وعميق في الجانبين المادي واللامادي. هذه النقلة السريعة كان لها الأثر الأكبر في الاستقرار الاجتماعي والثقافي والقيمي والمعياري. ومن المعروف أن الجانب المادي يتغير بشكل أسرع من الجانب اللامادي، وهنا تحدث الفجوة الثقافية التي يقع فيها التفكك في القيم والمعايير الاجتماعية، وتصبح عرضة للتغيرات السلبية. والذي يحدث في مجتمع الإمارات من خلل في القيم الاجتماعية، ليس فقط بسبب التأثيرات الإعلامية، بل هو خلل معياري قيمي يمس الجانب اللامادي. ولكي يستعيد المجتمع توازنه، يحتاج إلى النظر في المقومات المحلية ومعالجة الخلل من منظور اجتماعي شامل. إذن، الحل يكمن في التوعية الشاملة وإعادة التربية وصياغة الأخلاق واحترام حقوق الإنسان وعدم التعدي على الخصوصية.

وكما هو معروف، الإعلام سلاح ذو حدين إذا ما أحسن استخدامه، وفي مجتمع الإمارات، خلق الإعلام الحر مساحة واسعة للتواصل الخارجي، ولم يعد الفرد يعتمد على الأجهزة الرسمية في البحث عن مصادر المعلومات، وإنما أصبح يستقي المعلومة من الخارج، فهو لا يثق بالمعلومات الصادرة عن وسائل الإعلام المحلية. الحد من تأثير وسائل التواصل الافتراضي ليس بالأمر السهل، الفضاء مفتوح على مصراعيه. إذن، التحصين يأتي من الداخل، من خلال التثقيف والتهذيب والتقنين السلوكي والأخلاقي. ليس الإعلام الذي يقوض الأخلاقيات التقليدية، بل إن التغير يكون في منظومة القيم، والحل يكمن في بناء منظومة أخلاقية متماسكة.

ويوجد فراغ ملحوظ في البناء الأسري الوظيفي في مجتمع الإمارات، فالتماسك الاجتماعي التقليدي قد تفكك ودخلت قيم جديدة أفرزت الكثير من التأثير السلبي. وهناك عناصر أجنبية دخلت البيت الإماراتي تقوم أحياناً بالتنشئة الاجتماعية؛ والسؤال الذي يجب أن يكون: من هو الأب؟ ومن هي الأم؟ وما هي أدوارهما؟ عندما دخلت شبكة التواصل الاجتماعي الأسرة الإماراتية من أوسع الأبواب سببت ما يشبه الصدمة الحضارية ولم تجد مقاومة، فالأجيال غير محصنة. ونتيجة لذلك، تحوّل التفاعل الاجتماعي التقليدي من أرض الواقع إلى الشبكة الإلكترونية، هذه النقلة النوعية الحضارية لا تتماشى مع القيم التقليدية الإماراتية اللامادية. لِذا، ظهرت الأصوات التي تنادي بوضع الحلول، للمشكلات التي سببتها وسائل التواصل الاجتماعي، حيث إن هناك خللاً في المعايير الأسرية التقليدية. وهناك قصور في وسائل التربية، فدور الأم والأب في تهذيب الأخلاق والتأديب قد تقلص، وأصبحت هناك مساحة فراغ واسعة منحت وسائل التواصل الاجتماعي التمدد الحر في الزمان والمكان. وفي غياب دور الأسرة، تسد البدائل الإلكترونية الفراغ، فلا يوجد أي عائق يحد من نشاط هذه الوسائل. جميع هذه العوامل وغيرها لعبت دور المُحفِّز السلبي، وأدت إلى تصدُّع البناء الوظيفي وقوَّضت حالة الاستقرار في الأسرة والمجتمع. والحل يوجد في داخل الأسرة نفسها، فالتربية الخلاقة الصحيحة، ربما تكون هي الحل.

_______________.

نادية عبدالرزاق : للطفل الحق في المعرفة والابتكار بشرط أن يتوافق ذلك مع سنه لئلا يتعرض لمواقف لا تتناسب مع وعيه

الطفل والتواصل الاجتماعي المحامية نادية عبدالرزاق

%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9 %D9%86%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9 %D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B2%D8%A7%D9%82

تعد ظاهرة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مظهراً حديثاً وبديلاً لوسائل التواصل التقليدية، وخاصة مع التطور التكنولوجي وتزايد استخدام وسائل التواصل المعاصرة، إلا أن استخدام هذه الوسائل تترتب عليه بعض الآثار الإيجابية والسلبية، الأمر الذي يحتم على المستخدم أن يمتلك وعياً كافياً وإدراكاً قادراً على التمييز بين ما هو مفيد وما هو غير مفيد، ومعرفة تبعاتها من الجوانب الاجتماعية والنفسية والصحية، لذا كان من الضروري وضع حد أدنى لسن المستخدم لتلك الوسائل، وهو 13 عاماً، ويرجع ذلك لسببين الأول أنه السن الذي حدده مؤتمر خصوصية الأطفال على الإنترنت (COPPA)، والثاني شروط الخدمة الرسمية لكثير من المواقع الشهيرة التي تشترط هذا السن للدخول على المواقع والحصول على صفحات خاصة، كفيس بوك وتويتر.

كما نص القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 2016 في شأن حقوق الطفل “وديمة ” في المادة رقم 25 على أن: (للطفل الحق في امتلاك المعرفة ووسائل الابتكار والإبداع، وله في سبيل ذلك المشاركة في تنفيذ البرامج الترفيهية والثقافية والفنية والعلمية التي تتفق مع سنه ومع النظام العام والآداب العامة، وتضع السلطات المختصة والجهات المعنية البرامج اللازمة لذلك)، فلقد كفل المشرع للطفل الحق في المعرفة والابتكار، ولكنه اشترط ذلك بما يتوافق مع سنه فاستخدام الأطفال لوسائل التواصل الاجتماعي في أعمار صغيرة يعرضهم لمحتوى وأشخاص ومواقف لا تتناسب مع درجة نضجهم.

ومن موقع عملي كمحامية عرضت علي إحدى القضايا لمراهق حوّل “الواتساب” الخاص به إلى مخزن لصور زميلاته في المدرسة بمشاهد خادشة للحياء، فكان يستدرج بنات جيله لإرسال صورهن، ثم يهددهن، ويطلب المزيد من الصور، حتى اكتشفت إحدى الأسر الأمر، وسجلت بلاغاً ضده لارتكابه إحدى الجرائم الإلكترونية، وهنا نرى أنه يجب أن يكون للأسرة دور أكبر في حياة الأبناء وتبصيرهم بخطورة مثل تلك التصرفات من الناحية القانونية، فضلاً عن عدم السماح لهم بإنشاء حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي في سن مبكرة، حيث يجب أن يكونوا قادرين على التمييز ما بين الصواب والخطأ، وتحديد موعد لاستخدام الهاتف والإنترنت، للحفاظ على صحتهم النفسية والجسدية، وللإعلام أيضاً دور كبير في ترسيخ المبادئ والقيم الأخلاقية للأطفال في سن مبكرة، فيجب أن يؤثر محتواه إيجابياً في تنشئة الطفل على الأخلاق والقيم الحميدة، والبعد عن كافة أشكال العنف والتمييز والكراهية، وضبط سلوكه، فوسائل الإعلام بأشكالها المتعددة أصبح لها تأثير كبير في الفرد ومعتقداته وسلوكه وعاطفته ومواقفه ووجهات نظره، فضلاً عن عدم بث مشاهد العنف، ومقاطع الفيديو الخطيرة، والحث على القراءة والكتابة والإبداع لتنشئة جيل واعٍ ومنضبط وقادر على تحمل المسؤولية.

_______________.

د. حسن مصطفى: واقع الإعلام التقليدي والجديد ليس تنافسياً بل تكاملياً باعتبار أن لكل وسيلة إعلامية جمهورها

الدكتور حسن مصطفى أستاذ الإعلام الرقمي جامعة الفلاح

%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%B1 %D8%AD%D8%B3%D9%86 %D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%81%D9%89

كثير من الجمهور يؤمن بوجود صراع أو تنافس بين الإعلام التقليدي والإعلام الرقمي الجديد، وهذا الاعتقاد خاطئ تماماً، فكلاهما يؤدي الرسائل المجتمعية، ولكن باستخدام تقنيات مختلفة وأدوات تواصلية حديثة، لا يمكن إغفال جانب الإعلام الرسمي في التوعية المجتمعية، إذ ما زال يحظى بثقة العديد من الجمهور، إلى جانب أن القرارات الرسمية تمر عبر هذه القنوات، خصوصاً في تمسكه بالقيم الإعلامية والالتزام بمواثيق الشرف الصحفية، ويمكن القول إن الدور هنا ليس تنافسياً بل تكاملياً باعتبار أن لكل وسيلة إعلامية جمهورها الذي يتعامل ويؤمن بها، ولا بد للوسائل الإعلامية من مواكبة التطورات الاتصالية المتسارعة في المجال، وعليها أن توظف هذه التقنيات في إيصال الرسالة بالطريقة التي تتناسب مع جمهور هذه الوسائط الجديدة، بل يمكن لها استخدام الطرق ذاتها المتبعة عبر المنصات المختلفة، فطريقة عرض الرسالة الإعلامية ليس كما كان في السابق جافاً أو متكلفاً، ولكن يمكن استخدام الطرق الجديدة من فيديوهات سريعة ونقاط مؤثرة مناسبة، وقد تحركت بعض المؤسسات في هذا الاتجاه، باستخدام تويتر وإنستغرام وفيسبوك مثلاً، وعلى الرغم من تحفظ كثير من المؤسسات الرسمية على استخدام بعض المنصات الأخرى لطبيعتها الترفيهية، برأيي لا مانع من توظيفها بالشكل اللائق، لأن جمهورها أيضاً شريحة كبيرة في المجتمع، ويجب عدم ترك هذه الشريحة لتوجيهات أخرى قد تكون هدّامة، فلا بد من إيجاد التوازن، وبصورة عامة أصبح الاتصال عبارة عن موقف تبادلي يتبادل فيه شخصان أو أكثر، وأصبح الاتصال يسير وفق نموذج من أفراد عديدين إلى أفراد عديدين from many to many، كما انتهت السلطة المطلقة للقائم بالاتصال (المرسل) على المستقبل، وأصبح للمستقبل صلاحيات وحرية الوصول إلى ما يريده على الشبكة، وظهر مفهوم (مؤثرو السوشيال ميديا)، الذين لديهم متابعون قد يتجاوز أعداد متابعي بعض المؤسسات الإعلامية، لأن القائم بالاتصال الحالي عبر الوسائط الجديدة ليس لديه الالتزام المتوفر لدى المؤسسات الرسمية، نجد أن الرسالة الإعلامية المنتجة من قبله، بها كثير من التجاوزات من شائعات وعدم مصداقية وعدم تحقق، بل وحتى الأخطاء اللغوية والصياغة والمعلوماتية، وهو ما يؤدي إلى فقدان الثقة بلا شك، ولذا كان الانغماس بالكلية في الإعلام الرقمي وأدواته باعتبارها المصدر الأساسي لدى النشء في تلقي المعلومة والخبر والترفيه والثقافة والمرجعية الدينية، كذلك أضحت الضرورة ملحة لتدارك هذا الأثر في تحصين الفكر من الانحرافات المختلفة، فالتقنيات الحديثة هي وسائط لإيصال الرسالة، وظهر ما يعرف بالاندماج الإعلامي، أي إذابة الفوارق بين الوسائل الاتصالية، فلم تعد الصحيفة مجرد نص وصورة، ولم يعد الراديو مجرد صوت، ولكن الوسائط الحديثة جمعت كل الأشكال والأنماط، لذا يجب على جميع المؤسسات الإعلامية الرسمية انتهاج استراتيجيات اتصالية مختلفة، وعوضاً عن رسائل إعلامية طويلة لا تتناسب مع طبيعة إيقاع الحياة المتسارعة، يجب اختصارها باستخدام القوالب المناسبة كجرعات مركزة، تدخل فيها كل العناصر المطلوبة.

كوادر

  • إن فاعلية مضامين التوعية وجدّيّتها لا تمنعا تقديمها في قوالب معاصرة تحبها الأجيال الجديدة – د. عماد عمر أستاذ الإعلام المشارك، رئيس قسم الإعلام كلية الإعلام، جامعة عجمان، عميد الكلية بالإنابة
  • الإعلام الأجنبي وجد فرصة سانحة واستطاع أن يلعب دور المؤثر السلبي في تشكيل الاتجاهات الشبابية – دكتورة سعاد زايد العريمي، أستاذ مشارك ورئيس قسم الحكومة والمجتمع، جامعة الإمارات
  • الوعي المجتمعي من خلال الدراما يتطلب شراكة حقيقية بين المؤسسات الحكومية الداعمة وصنّاع الدراما – الفنان والمؤلف والمنتج الإماراتي سلطان النيادي

#شرطة_دبي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى