أخبار رئيسية

الإمارات وفرنسا .. شراكة استراتيجية وتوافق في مواجهة التحديات العالمية

تتسم العلاقات الإماراتية – الفرنسية بالعديد من الخصائص التي أكسبتها أهمية خاصة ودفعتها باستمرار نحو النمو والتقدم إلى أن بلغت مستوى الشراكة الإستراتيجية التي عززها تقارب الرؤى بين البلدين حيال القضايا الإقليمية والعالمية الراهنة والاتفاق على تعزيز الأمن والاستقرار الدوليين، فضلا عن التعاون المتنامي بينهما في كافة المجالات.

وتستمد العلاقات الإماراتية الفرنسية قوتها من دعم ومتابعة وتوجيهات قيادة البلدين ممثلة بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيانرئيس الدولة “حفظه الله”، وفخامة الرئيس إيمانويل ماكرون رئيس الجمهورية الفرنسية، والتي أسهمت في الارتقاء بهذه العلاقات إلى مستويات غير مسبوقة من التعاون والتنسيق في كافة المجالات.

وخلال السنوات الماضية شكلت العلاقات المميزة بين البلدين دعامة رئيسية لمواجهة أنواع مختلفة من التحديات الإقليمية والدولية، ولعبت دوراً بارزاً في التصدي للتطرف والتعصب، وأسهمت في نشر مفاهيم التسامح والتعايش بين الأديان والمجتمعات.

وتسلط زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، إلى جمهورية فرنسا الصديقة، الضوء مجددا على علاقات الصداقة والشراكة الاستراتيجية بين الإمارات وفرنسا التي أصبحت نموذجا يحتذى في بناء العلاقات الدولية.

photo_5956118195368737056_x

وتعود العلاقات ما بين البلدين إلى ما قبل قيام اتحاد دولة الإمارات، إذ أن بعض الشركات الفرنسية النفطية مثل “توتال” كانت تمارس أعمالها في التنقيب عن النفط في الإمارات، وحينما قام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1971 بدأت العلاقات الثنائية بين الدولتين، فقد أرسى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” والرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسكار ديستان لبنات قوية لعلاقات صداقة متينة بين البلدين، وتعززت هذه العلاقات بعد الزيارة الأولى للشيخ زايد لفرنسا في العام 1976.

وترتبط الدولتان بعلاقات وثيقة على مختلف الأصعدة يجسدها الحوار القائم بين الجانبين بشكل دائم، واللقاءات على أعلى المستويات بين البلدين والاجتماعات الوزارية والحكومية المتواترة، وزيارات الوفود البرلمانية، الأمر الذي يعكس حجم الاهتمام الذي توليه فرنسا كما الإمارات لتطوير العلاقات الثنائية.

وسعيا لتعزيز مجالات التعاون الثنائي والارتقاء بها لمستويات الشراكة الاستراتيجية أنشأ البلدان لجنة الحوار الاستراتيجي الإماراتي – الفرنسي والتي بدأت أعمالها للمرة الأولى في عام 2008، حيث يهدف الحوار إلى تحديد الفرص والشراكات القائمة والمستقبلية وتضمين استمرارية التعاون في مشاريع ومبادرات قائمة مثل الاقتصاد والتجارة والاستثمار والثقافة والنفط والغاز والطاقة النووية والطاقة المتجددة والتعليم والثقافية، والصحة والفضاء والأمن إضافة إلى قطاعات أخرى ذات الأولوية المشتركة.

وانتظمت منذ ذلك الوقت اجتماعات لجنة الحوار وفي إطارها اعتمد الطرفان في 3 يونيو 2020 خارطة طريق جديدة لشراكتهما الاستراتيجية في السنوات العشر المقبلة أي لفترة 2020 – 2030 ، وفي الاجتماع الرابع عشر للجنة الذي عقد في يونيو الماضي في أبوظبي بحث الجانبان سبل تعزيز القطاعات الرئيسية للتعاون الثنائي كالاقتصاد، والتجارة والاستثمار، والنفط والغاز، والهيدروجين الخالي من الكربون، والطاقة النووية والمتجددة، والتغير المناخي، والتعليم، والثقافة، والصحة، والذكاء الاصطناعي، والأمن الغذائي، والتكنولوجيا المالية، وحقوق الملكية الفكرية، ومواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والفضاء، بالإضافة إلى الأمن الإلكتروني.

وشهدت السنوات الماضية التوقيع على عشرات الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والعسكرية والبيئية، وكان آخرها 13 اتفاقية جرى توقيعها خلال الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للإمارات في ديسمبر الماضي.

وترتبط الإمارات وفرنسا بعلاقات اقتصادية واستثمارية متميزة، وتعكس بيانات التجارة الخارجية غير النفطية بين الإمارات وفرنسا قوة ومتانة العلاقات الاقتصادية بين البلدين الممتدة منذ عقود طويلة، حيث وصل إجمالي حجم التجارة الخارجية غير النفطية بين البلدين إلى ما يزيد عن 25.2 مليار درهم بنهاية عام 2021 وذلك حسب بيانات المركز الاتحادي للتنافسية والاحصاء.

وتعد فرنسا أحد المستثمرين الأجانب الرئيسيين في الإمارات العربية المتحدة، وبلغت الاستثمارات الفرنسية المباشرة في الإمارات 2.5 مليار يورو في نهاية عام 2020 في حين تحتل الإمارات العربية المتحدة المركز الـ 35 في قائمة المستثمرين الأجانب في فرنسا.

ويولي البلدان عناية خاصة للشراكة الثقافية بينهما إيمانا منهما بأهميتها في مد جسور التواصل بين شعبي البلدين، وخلال السنوات الماضية شهدت هذه الشراكة إنجازات كثيرة تمثلت في افتتاح متحف اللوفر في أبوظبي الذي يعد أول متحف عالمي في العالم العربي، وأكبر مشروع ثقافي تروج له فرنسا في الخارج، وكذلك جامعة باريس – السوربون أبوظبي التي تأسست عام 2006، حيث تمثل الجامعة اتفاقاً تاريخياً يحقق الرؤية المشتركة بين حكومة دولة الإمارات والحكومة الفرنسية لتحقيق أفضل المعايير في مجال التعليم الفرنسي في منطقة الشرق الأوسط.

ولعب البلدان دورا رئيسيا في إنشاء التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع /ALIPH/ ، كما ساهمت دولة الإمارات بمبلغ 5 ملايين يورو لدعم معهد العالم العربي في باريس عام 2017، وتم في العام نفسه افتتاح قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في متحف اللوفر في باريس. علاوة على ذلك، ساهمت دولة الإمارات في ترميم المسرح الإمبراطوري لقصر«فونتينبلو» بالقرب من باريس بمساهمة قدرها 10 ملايين يورو، وبناءً عليه سمي المسرح باسمالشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، «رحمه الله».

وشهدت الشراكة الثقافية بين دولة الإمارات والجمهورية الفرنسية تطورات مهمة خلال السنوات الأخيرة، وجرى في أكتوبر 2018، الإعلان عن عام التعاون الثقافي الإماراتي الفرنسي في باريس ونتيجة لذلك، تم إطلاق إذاعة باللغة الفرنسية في دولة الإمارات تبث برامجها بمعدل 3 مرات في الأسبوع، وفي ديسمبر 2018، أصبحت دولة الإمارات عضواً منتسباً في المنظمة الدولية للفرنكوفونية.

وفي مجال التعليم تشكل المدارس الثانوية الفرنسية السبع المعتمدة في دولة الإمارات سادس أكبر شبكة مدارس فرنسية في العالم من حيث الالتحاق، وتضم أكثر من 10000 طالب، وفي عام 2018 تم تنفيذ برنامج المرحلة التجريبية لإدخال اللغة الفرنسية في جميع المدارس الحكومية في الإمارات حيث يتعلم الان أكثر من 60 ألف تلميذ اللغة الفرنسية في المدارس الحكومية والخاصة في الدولة.

ويبلغ تعداد الجالية الفرنسية التي تقيم على ارض الإمارات نحو 25 ألف شخص وهي الأكبر على مستوى منطقة الخليج العربي، وتحرص فرنسا على المشاركة في مختلف الأنشطة والمعارض الدولية التي تقام على أرض دولة الإمارات، وفي هذا الإطار جاءت مشاركتها المتميزة في فعاليات “إكسبو 2020 دبي” بجناح خاص بها بعنوان “الضوء والأنوار” الذي مثل واجهة الرؤية والمهارة الفرنسية على الصعيد الدولي.

وام/مجدي سلمان/دينا عمر
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى