السلام الداخلي

بقلم/ د. ولاء قاسم

السلام الداخلي من المشاعر المرتفعه جداً ، ومن المهم أن يكون على رأس هرم قيمك الشخصية لأنه الطريق إلى الراحة والسكينة والحرية النفسية في الحياة فمن وجد السلام سعد بأسبط الأشياء ومن فقده شقي حتى لو امتلك الدنيا بين يديه .

أولاً ماهو السلام الداخلي :

السلام الداخلي هو حالة من السكينة يستشعرها الإنسان في تكوينه الروحي والعقلي والجسدي مرتبطة بوجود قوة معرفية وسلوكية تمكنه من الحفاظ على ثبات النفس في مواجهة أحداث الحياة وصراعاتها المختلفة.

موجهات عامة للوصول للسلام الداخلي:

ا. سياسة القبول؛ اقبل ذاتك بعيوبها ونقاط ضعفها اقبل شكلك وضعك المادي والصحي، وتوقف فوراً عن مقارنة نفسك بغيرك أو حياتك بحياتهم وتقبل الناس كما هم وتخلى عن نزعة تغير من حولك فكل شخص من حقه أن يحيا ويعبر عن ذاته، ممارسة القبول ستكون خطوتك الأولى في اتجاه التطور لأن الرفض هو أكبر معيقات النمو والتغير .

٢.أعرف رسالتك في الحياة: أفهم سبب وجودك وتبنى فلسفة تعينك على تحقيق أهدافك وتأكد أن أهدافك هي أهداف خاصة بك ولم تتبناها من الوعي الجمعي .

٣.تعلم أن تنطلق نحو الهدف بدون إضافات عاطفية عليه ،الإضافة العاطفية هي التي تنتج التعلق بالأهداف ، لا تعلق سعادتك على هدف ، تذكر أن أي إنجاز سوف يمنحك دفعة معنوية لفترة محدده ثم تعود لوضعك الطبيعي .

٤.تعلم منهجية التسليم وليس الاستسلام ، التسليم هو الانتصار اما الاستسلام فاحباط وهزيمة وانكسار ،و من التسليم المرونة في التوقيت ،واحيانا من التسليم ان تتخلى عن هدف لقيمة اكبر او مصلحة عامة .

٥.أصنع لنفسك بيئة داعمة ، منسجمة وآمنه ، لو لم تستطع توفيرها في الأسرة حاول أن توفرها في العمل لو لم تتمكن وفرها في الأصدقاء ولو لم تجد حاول توفيرها حتى في مصادر المعرفة التي تتطلع عليها من الكتب والبرامج وفي المحتوى الذي تتابعه.

٦.وضح حدودك جيداً وافرض احترامها ولاتسمح باختراقها ،ولا تتعدى على حدود الآخرين ولا تمارس أي فعل مخالف للأخلاق يولد تأنيب لذاتك ، التأنيب هو أكبر مهددات السلام الداخلي .

٧.تناغم مع قيمك ، كن أنت ، عبر عن ذاتك بحرية ، احتفظ بأصالتك ولا تتلون حسب مزاج الأشخاص أو الأمكنة ، ولا تتعلق بصورتك في نظر الآخرين ، التكلف والتصنع من مولدات الصراعات النفسية، حرر نفسك من القيود المجتمعيه والأحكام .

٨.تواجد في اللحظة ومارس الحضور فيها بكل كيانك ، عيش هنا والآن ، كلما اجتاحتك الأفكار عد إلى ذاتك بممارسة التنفس العميق ،ومارس التأمل مرة على الأقل في اليوم ، التأمل هو إيقاف الأفكار والتركيز على التنفس وهو ممارسة هامة لاترتبط بطبقة معينة وليس بالضرورة أن تمارس بطقوس أو وضعيات محددة وهو موجود في كل الأديان والثقافات ، الأنبياء وأصحاب الرسالات تلقوا الوحي وهم في حالة تأمل .

٩.توازن في تفاعلك مع الأحداث ، أنت تمتلك القرار فاعتزل ما يؤذيك ،توقف أي نقاش أو جدال يستنزف طاقتك بدون داعي أنت غير مطالب أن تقنع أحد بوجهة نظرك لا تتابع الاخبار المزعجة ، عند حدوث أي حدث سلبي أرجع خطوة للوراء ، تنفس بعمق ، قيم الموقف جيداً قبل أن تتكلم أو تقوم بأي ردة فعل .

١٠ . كن من الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ( كظم الغيظ كمصطلح يختلف نفسياً عن كتم الانفعال كظم الغيظ يعبر عن التحكم في الفكرة التي تولد الانفعال من الاساس) وانسى وسامح وأغفر وأقلب الصفحة، التسامح سوف يطرح عنك الشحنات العاطفية السلبية التي تمنعك من الوصول لحالة السلام ، بسط الأمور قدر المستطاع ، صحتك وسلامك الداخلي أولى.

ملاحظة أخيرة .. السلام الداخلي لايستدعي رفض المشاعر الأخرى أو الهروب منها ، على العكس يرفع درجة سماحيتك للأشياء بالحدوث وللمشاعر بالتواجد فاسمح لمشاعرك أن تعبر من خلالك وأمنح كل شعور وقته ثم عد إلى سكينتك وسلامك.
..العيش بسلام داخلي لا يعني اعتزال الحياه والإنفصال عن الناس إنما هو مواجهة سلبية المجمتع بمعرفة النفس والتجاهل .
فامنح نفسك ذاتاً مطمئنة لا تشتهي رضا الناس ولا ترفض وجودهم، لاتنسحب بعيداً عنهم ولا ترهق نفسها بمواجهة دائمة امتلك القوة التي تمنحك السلام أينما كنت ومع أي يكن.

اسأل الله السلام أن يهدينا سبل السلام حتى يسوقنا زمراً إلى دار السلام ،،، ويغدق علينا فيضاً من سكينة تنتشل أرواحنا من متاعبها ونجبر بها ما انكسر من الفؤاد .

#ولاء_قاسم