مرئيات

“صديقاتي العزيزات”

بقلم / دكتورة فاطمة محمد خميس

يعد مفهوم “التعليم المتعدد اللغات” من وسائل التعليم المحورية التي ترتقي بمستوى التعليم ومخرجاته وتعزّز قدرات الطلاب ومهاراتهم لا سيّما التي تتعلّق بالتواصل الثقافي واحترام التنوع الثقافي بشكل عام. وبحسب منظمة اليونسكو فإن “التعليم المتعدد اللغات” يتحقق في استخدام ثلاث لغات على الأقل، أولها اللغة الأم، ولغة وطنية أو إقليمية، ولغة دولية. وقد اعتمدت المنظمة هذا المفهوم في الدورة الثلاثين لمؤتمرها العام في عام 1999. والحقيقة أن مفهوم التعددية اللغوية ليس بجديد على مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة، فموقعها الجغرافي واستوطان العديد من الأعراق على أراضيها قد أثرى هذا الجانب الحضاري فيها منذ زمن بعيد. وقد يكون هذا أحد الأسباب التي جعلت الدولة وجهة منشودة للاستقرار والعلم والعمل والسياحة على المستويين الإقليمي والعالمي.
إلاّ أن الثوب المعاصر للمفهوم لا يخلو من تحديات تواجهها الهوية الإماراتية الأصيلة، لاسيّما في السنوات الأخيرة حيث أصبحت الإمارات رائدة في مجالات دولية عديدة. وهذه التحديات طبيعية، فكل جديد على ثقافة أو حضارة ما لا بد وأن تواجهها صعوبة تأقلم أو تعايش مما يستدعي جهود قادتها ومفكريها ومثقفيها لاستشراف تلك التحديات وتفادي أضرارها أو حتى تحويلها إلى فرص تميز وريادة. ولعل التحدي الأهم في مسألة التعددية اللغوية التي تواجه مجتمعنا اليوم هو تعزيز اللغة العربية لدى الناشئة تحديدا. فاللغة العربية هي لغة القرآن، التي نصلي بها صلواتنا الخمس يومياً، وندعو الله بها على مدار الساعة. وعليه فليس هناك خطر داهم يهدد وجودها المجمل، وإنّما الخوف من أن يفقد لسان الناشئة رصانتها الفريدة، وطلاوة الحديث بها بطلاقة.
لكن من البشائر أن في مجتمعنا من ليس يدرك هذا التحدي فحسب بل ويعمل أيضاً بجهود ذاتية على علاجه وتفاديه. ومنهم مثلاً القائمين على مجلة “صديقاتي العزيزات”، وهي مجلة دورية تصدر عن دار صديقات للنشر والتوزيع في إمارة الشارقة. ويبدو أن للمجلة هدفان رئيسان، أولهما توعية الناشئة من فتياتنا بالمستجد في المجتمع ممّا يلمس اهتماماتهن ثقافة، وموهبة، وتعلماً، وخُلُقاً. أما الثاني فهو تعزيز اللغة العربية وفق أسسها الصحيحة. ولعل الجهد الأكبر في إخراج المجلة يكمن في العرض المتوازن بين الصور والكلمات، ولا يخفى أن أجيال اليوم تتواصل بسهولة أكبر مع المؤثرات البصرية التي لها تأثير لا ينكر على مكامن الخيال والإبداع بحسب الدراسات الحديثة في ميادين التعلّم والتعليم. ولعلّ رعاية مثل هذه المجلة وتشجيع إصدار دوريات أخرى مثلها يكفل لنا رافدا لقصص موجهة للأطفال والناشئة من نسيج المجتمع ذاته وبلغة عربية سليمة عوضاً عن الاعتماد على ترجمة ما تنتجه الثقافات الأخرى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى