– نعمل على تعزيز جاذبية مواقعنا التراثية وتعميق مكانة الدولة وجهة ثقافية عالمية
رسمت دولة الإمارات خلال نصف قرن مشهدا ثقافيا منسجما مع رسالتها الإنسانية المبنية على المزج بين الأصالة والحداثة، مستفيدة من التنوع الثقافي والتراثي، وحجم الدعم والاستثمار الرسمي على مستوى بناء الصروح ودعم المواهب، في تكوين حالة خاصة أهلتها للتحول إلى أحد أبرز وجهات السياحة الثقافية في المنطقة والعالم.
وكشفت إحصاءات حديثة عن نمو عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي يشملها قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية في الدولة والذي تجاوز 36 ألف منشأة.
واعتبرت معالي نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة والشباب ..النهضة الثقافية الشاملة التي حققتها دولة الإمارات ساهمت في تعزيز مكانة الدولة كوجهة عالمية للسياحة الثقافية بمختلف أنماطها.
وأشارت معاليها في تصريح خاص لوكالة أنباء الإمارات “وام” إلى الغنى والتنوع الذي تتميز به تجربة السياحة الثقافية في الإمارات بفضل تكامل عناصرها بدءا من المعالم والمواقع الأثرية والتراثية، مرورا بعشرات الأنشطة والفعاليات الثقافية والفكرية ذات الطابع العالمي التي تستضيفها الدولة سنويا، وصولا إلى عشرات الصروح المعرفية والفنية المشيدة على أرضها كالمتاحف والمكتبات والمسارح ودور السينما وغيرها من حاضنات إنتاج المعرفة والإبداع.
وقالت معاليها ان السياحة الثقافية تشكل اليوم أحد القطاعات الحيوية التي تعلق عليها الآمال في دعم الاقتصاد المحلي بفضل قدرتها على جذب ملايين السياح من مختلف دول العالم فيما تستمد قوتها من الحضور الفاعل والمؤثر للإمارات في دعم التراث العالمي وإطلاق المبادرات العالمية ذات الصلة.
ونوهت معاليها إلى أن الوزارة تعمل على محورين مهمين في إطار سعيها لتعزيز هذا القطاع ..الأول تراثي فيما يرتبط الثاني بالجانب التاريخي، حيث يعني المحور الأول بالاهتمام بالمواقع الأثرية ذات القيمة التاريخية في الدولة والعمل على ترميمها وتسجيلها ضمن قوائم التراث المادي لدى اليونسكو، مشيرة إلى أن الاهتمام بالترويج لمواقع أثرية مهمة في الدولة مثل جبل حفيت والهيلي وبدع بنت سعود والأفلاج والواحات التاريخية في العين على سبيل المثال يساهم في إبراز الأهمية الثقافية والحضارية لهذه المواقع تندمج فيها هوية ثقافية محلية مع تراث إنساني مخلد، وهذا لا يقل أهمية عن السعي لتسجيل التراث غير المادي للدولة مثل الصقارة، والسدو وفن العيالة وغيرها، والعمل على التعريف بها بحيث تصبح محط اهتمام عالمي.
وتابعت معاليها أن المحور الثاني هو حداثي معاصر، ويشمل سياحة المواقع والفعاليات الثقافية مثل المهرجانات الفنية والفعاليات الثقافية العالمية التي تستقطب فنانين ومبدعين من جميع أنحاء العالم مثل بينالي الشارقة وفن أبوظبي وفن دبي، ومعارض الكتب المختلفة، إضافة إلى تنوع المتاحف وتنوع محتواها وما تقدمه من تجارب إنسانية وثقافية للزوار، مثل متحف اللوفر أبوظبي الذي استقطب نحو مليون زائر منذ افتتاحه قبل أقل من خمس سنوات، ومتحف المستقبل الذي قدم مفهوما جديداً في عالم المتاحف، إضافة إلى أن العمل يجري على قدم وساق على مجموعة ً من المتاحف مثل غوغنهايم ومتحف زايد.
وأشارت معاليها إلى أهمية المكتبات الحديثة والتي باتت تستقطب الزوار من أنحاء العالم ليتعرفوا على محتواها وهويتها العمرانية، مثل بيت الحكمة في الشارقة ومكتبة محمد بن راشد في دبي.
وأوضحت معاليها أن الوزارة ومن خلال منظومة عمل متكاملة تضم جهات حكومية عدة، تعمل على تنفيذ أجندة واستراتيجيات وطنية واضحة بهذا الاتجاه، كالاستراتيجية الوطنية للصناعات الثقافية والإبداعية، وذلك لبناء اقتصاد إبداعي عصري، يدعم القطاعات الثقافية والإبداعية في الدولة، ويشجع على السياحة الثقافية والتراثية، وما يصاحب هذه الاستراتيجية من توفير بيئة ملائمة للمبدعين من جميع أنحاء العالم، وقالت معاليها إن عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي يشملها قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية في الدولة بلغ حسب آخر الإحصاءات أ كثر من 36 ألف منشأة، مشيرة إلى ان رؤية حكومة دولة الإمارات تسعى إلى رفع مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من 4.3 بالمائة إلى 5 بالمائة في المستقبل القريب.
وأضافت معاليها إن مستقبل السياحة الثقافية في الإمارات مليء بالآمال وفرص النمو الواعدة، خاصة وان الثقافة باتت تمثل إحدى أبرز عناصر القوة الناعمة للدولة وتحظى بكل أشكال الرعاية والدعم الرسمي، إضافة إلى طبيعة دولة الإمارات التي شكلت حالة عالمية فريدة من نوعها في التسامح واحتضان مختلف شعوب وثقافات العالم ضمن بيئة مثالية من التعايش وتقبل الآخر.
وتتوافر في الإمارات أغلب مقومات وأشكال السياحة الثقافية التي تتضمن المواقع الأثرية والتاريخية والقرى التراثية، المتاحف، المكتبات والمسارح والمعارض الفنية، وقائمة طويلة من المؤتمرات والمهرجانات الثقافية التي تستضيفها الدولة طوال العام.
مواقع تاريخية
تزخر دولة الإمارات بالمواقع الأثرية التي تنقل الزائر إلى مراحل تاريخية متنوعة وحضارات متعددة، ففي منطقة العين تعد مواقع على غرار بدع بنت سعود، وجبل حفيت، وهيلي، شاهدا على سكن البشر المتواصل في هذه المنطقة الصحراوية منذ العصر الحجري الحديث مع ما فيها من آثار لثقافات عديدة تعود إلى ما قبل التاريخ.
بدوره قدم موقع أم النار في أبوظبي اكتشافات كبيرة ساعدت على إلقاء الضوء على حياة سكان الإمارات خلال العصر البرونزي وثقافتهم وأسلوب حياتهم.
ويعتبر موقع جميرا الأثري، واحداً من أهم المواقع الأثرية الإسلامية التي تعود للعصر العباسي، ويقع في إمارة دبي بالقرب من شاطئ البحر، ويضم عددا من المباني الحجرية.
ويعود موقع المليحة في إمارة الشارقة للفترة ما بين 300 – 300 قبل الميلاد وله دلالة على تواصل المنطقة مع باقي الحضارات في حوض البحر المتوسط، وجنوب آسيا، والجزيرة العربية ووادي الرافدين.
وتميز رأس الخيمة وعجمان بقلاعها وحصونها العديدة ذات الإشكال المختلفة التي تؤكد عراقتها وتواصلها الحضاري وتوغلها في التاريخ.
أما موقع جزيرة الأكعاب، في أم القيوين فيعود تاريخه إلى العصور الحجرية 5000 قبل الميلاد، في حين يعود تاريخ مسجد البدية في الفجيرة إلى القرن الخامس عشر ميلادي.
المناطق التراثية
تنقل المناطق التراثية المنتشرة في دولة الإمارات زائريها عبر الأزمنة مستحضرة تفاصيل مادية ومعنوية ترسم صورة متكاملة مغرقة في تصوير مشاهد الماضي بتفاصيله الدقيقة، ويمكن القول إن القرى والمدن التراثية حولت التاريخ المادي والمعنوي في الدولة من حالة الجمود إلى المعايشة الواقعية.
ولا تخلو إمارة من إمارات الدولة من القرى والمدن التراثية الجامعة للحرف والعادات والتقاليد القديمة وأنماط حياة الآباء والأجداد، ففي أبوظبي لا تكتمل زيارة هذه المدينة من دون المرور بالقرية التراثية، وفي دبي تستعرض قرية التّراث التي أنشئت في العام 1997 في حيّ الشّندغة التّاريخيّ أنماط الحياة التقليدية في الإمارة، أما منطقة قلب الشارقة فتعد أكبر دليل على الاهتمام بالحفاظ على تاريخ وتراث الأسلاف.
وتمثّل القرية التراثية على كورنيش القواسم في رأس الخيمة بوابة كبيرة للتعريف بأسرار الحرف اليدوية والشعبية الأصيلة والتي تمثل الرصيد الثقافي والحضاري لدولة الإمارات، فيما تعزز القرية التراثية في الفجيرة حضورها على الخارطة السياحة حيث باتت من أبرز الأماكن التي يقصدها السياح الأجانب القادمين للإمارة.
المتاحف
شكلت المتاحف قيمة مضافة للجاذبية السياحية في الإمارات ة خاصة بعد التطور الكبير الذي شهدته وتحولت معه إلى منصات ثقافية مرموقة على المستويين الإقليمي والعالمي.
وباتت المتاحف المنتشرة في جميع المناطق الإماراتية محطة أساسية على جدول السياح القادمين من خارج الدولة وداخلها، ففي أبوظبي أعطى متحف اللوفر منذ افتتاحه في نوفمبر 2017 دفعة قوية لحركة السياحة على مستوى الدولة، فيما يرحب متحف المستقبل بزوّاره على اختلاف أعمارهم ويدعوهم إلى تخيّل المستقبل وتصميمه وتنفيذه وللباحثين عن أندر القطع الفخارية الأثرية والتماثيل الحيوانية فإن متحف الشارقة يعتبر الوجهة المثلى لهم خاصة مع ما يحتويه من قطع أثرية تعود إلى العصر الحجري قبل ظهور الإسلام، في حين يمثل متحف عجمان حصنا شامخا يخلد آثار الأجداد ويروي سيرهم عبر العديد من المقتنيات الأثرية.
ويقع في إمارة أم القيوين واحد من أعرق المتاحف في الامارات والذي يعود تاريخه إلى أكثر من مئتي عام، وفي متحف رأس الخيمة الوطني يجد الزائر نفسه في خضم تاريخ يمتد إلى 5 آلاف سنة بأحداثها الدقيقة، أما متحف الفجيرة فيعد من الأبرز في الامارات، حيث يحتوي على أكثر من 2100 قطعة أثرية نادرة، ترجع للعصور القديمة والاسلامية وصولاً للعصر الحديث.
الفعاليات والأنشطة
لا تعرف الفعاليات والنشاطات الثقافية في دولة الإمارات فصلًا ولا موسما؛ فهي تمتد على كل أيام السنة، لتساهم في صياغة مشهد ثقافي فريد يتطلع الجميع من حول العالم للاطلاع عليه والمشاركة فيه.
وتستضيف دولة الإمارات سنويا مئات الأنشطة الثقافية والفنية مثل معارض الكتب الدولية كمعرضي الشارقة وأبوظبي، والمهرجانات التراثية في مختلف الإمارات، إضافة إلى القمم الثقافية والمعارض الفنية والمسرحية، إلى جانب معارض الفنون التشكيلية وقائمة طويلة من المناسبات والأحداث المجدولة
المصدر-وكالة أنباء الإمارات