مرئيات

التشكيلية اللبنانية منى نحلة :أسلوبي غير محدد الهوية فهو مزيج من مدارس متنوعة

من خلال قماشة اللوحة والألوان تتنفس

حاورها : عمر محمد شريقي
——————————

أنبش داخل أعماقي بحثاً عما يعكس صورتي كإنسانه أولاً ويوصلني الى روحي

فنانة تشكيلية لبنانية ، قوة الإبداع لديها تأتي من قوة حضورها، وجمالها، وجديتها، وأعمالها تصف سمات لا على التعيين بحيث أن لوحتها ترسم نفسها وهي في حالة حوار مع الذات ، وما حققته منى من إبداع متجدد، يمكن أن ينظر إليه بعين الدهشة والإعجاب وهي الآن تتمتع بفاعلية الحضور الدائم في المعارض الفنية المحلية والعربية والعالمية .
( الوحدة ) دخلت إلى عالمها الفني والإنساني وحصلت منها على هذه الإجابات.

** من أنت ولمن ترسمين وما هي ميزتك وكيف تنظرين لشخصيتك الفنية؟

منى نحله فنانه تشكيليه من لبنان . بدأت مشواري سنه ١٩٩٤ في مصر . لطالما كان هاجسي الإنسان ، ارسمه وارسم مشاعره باختزال اللحظة خطوط وألوان … اعمل على تطوير لوحتي باستمرار ، فلا تكرار إلا ما يميزني من ناحية نظرتي الخاصة لجماليه العمل ، حيث ان التناقض او ‘الكونتراست ‘ يلعب دوراً كبيراً في أعمالي ، إن من ناحية اللون أو السماكات اللونيه أو لعبه الظل والنور . أبحث دوماً عما هو جديد بالنسبه لي ، كي أبتعد عن الرتابة والتكرار .

** كفنانة لك مساراتك وإبداعاتك ،، كيف تحددين دوافع وبدايات ومسارات تجربتك الفنية؟

الفن بالنسبة لي عمليه بحث ، أولاً . فمن خلاله وأثناء لحظه العمل ، أعبر عما يجول بخاطري وأنبش داخل أعماقي بحثاً عما يعكس صورتي كإنسانه أولاً ويوصلني الى الروح، روحي … ومن ثم أبحث وأعبر عن علاقتي بالآخرين ، وهموم ومشاكل الناس من حولي ، من خلال التركيز على اللحظة أجسد بها أشخاصا وكان الزمن تجمد عندهم فانقل إحساسي بمشاعرهم وإنسانيتهم على الكانفس . الفنان ابن بيئته أولاً ، ولكن نحن في زمن أصبح حدود هذه البيئة متغيراً وغير محدد جغرافياً . بيئتي هي إنسانيتي ولهذا يصعب تحديد هوية أشخاصي …

** هل لك أن تحددي الدوافع التي قادتك لغمار الفن التشكيلي، وإلى ماذا تطمحين وإلى أين تودين الوصول؟

كما أي فنان أعتقد أن الحاجة للتعبير تخلقها الظروف والحياة والإحساس المفرط بما يجري حولنا وأيضاً بداخلنا. اما كيفيه التعبير ، أي عن طريق الفن التشكيلي أو الرسم ، فهذه هبه من الله سبحانه وتعالى ونعمه كبيره ، تجعل الإنسان أكثر اتصالاً بروحه منه ألى جسده …
طموحي هو العمل المستمر ، ولا نهاية أو حدود .. فكل عمل ينتهي ويبدأ عملاً آخر ، وكل فشل يحفز للمحاولة ثانيه ، وكل نجاح يفتح الآفاق لنجاحات أخرى . هكذا هو الفن ، رحله جميله ومتعبه في آن معاً ، حياه ثانيه يعيشها الفنان بالتوازي مع حياته العادية ، تضفي عليها طعما آخر وأبعاداً استثنائية.

** هل هناك أشخاص وقفوا في وجهك وقالوا توقفي أعمالك غير جيدة ؟

واجهتني الكثير من التحديات ، وخاصة لأني علمت نفسي بنفسي فكان لي أسلوبي الخاص ولا زال ، ولكن الصعوبات كانت هي حافزي الأكبر ، كما النجاح الذي حققته في الكثير من المحطات وعلى أكثر من مستوى . من دعمني وآمن بي أعطاني القوه والنفس والرغبة في الاستمرار في هذا العالم الجميل الواسع ، الغامض المليء بالأسرار والروائع ، ومن انتقدني قدم لي الحافز والرغبة بتحدي الصعاب والوصول الى درجات أعلى من النجاح . الفنان يولد هكذا ، لديه حاجه ملحه للخلق والإبداع واكتشاف طاقاته والتعبير عن ذاته وعن مجتمعه بلغه الألوان ، يوثق ويدون ويفكر ويشعر ويتنفس من خلال قماشه اللوحة وألوانه أو أي ماده أو خامة يستخدمها بالتعبير . الفن للفنان هو الحياة ، فهل ينتحر الإنسان لو أراد البعض التخلص منه؟؟ أم ينهض للدفاع عن نفسه وحياته بكل قوته…

** هل وصلت الفنانة التشكيلية العربية الى المكانة التي تليق بها في رأيك؟

هناك الكثير من الفنانات التشكيليات العربيات ممن يستحقون التقدير وقد حصلن عليه … ولكن مما لا شك فيه أن في عالمنا هناك الكثير من الأحكام المسبقة ضد المرأة كفنانه ، مما يحد من حريتها في العمل . هناك الكثير من مفردات التعبير والتقنيات يتقبلها الكثيرون من الرجل ولو استخدمتها فنانه تعتبر انوثه وهشاشة وأحيانا سطحيه مثلا لكون الفنان امرأة ،للأسف، ويحصل هذا حتى من قبل النقاد المحترفين والذين لهم كلمه في هذا المجال ، وهذا اعتبره نقص عند الرجل العربي سواء كان فنان تشكيلي أو ناقد . برأيي أن المعايير تختلف حين يكون الفنان رجل أو امرأة. ولهذا تجد الفنانة العربية تجتهد أكثر بكثير من الفنان الرجل وتقدم الكثير من التضحيات كي تستطيع أن تثبت نفسها وتحقق طموحاتها .

** ما أبرز مشاركاتك سواء داخل لبنان أو خارجه ، وكيف تقيمين تلك المشاركات ؟

شاركت في العديد من المعارض وافتخر بها .. في لبنان عرضت احد أعمالي بصالون الخريف ، قصر سرسق. كما عرضت في آرت فير بيروت وآرت فير لندن. كما كان لي الكثير غيرهم من المشاركات في لبنان والخليج وفرنسا واعتز بهم جميعاً واعتبر كل مشاركه بمثابة حافز للتقدم والاستمرار

** على أي أدوات تعتمدين في رسم لوحاتك،ومن يرسم اللوحة، هي التي ترسم نفسها، أم الكامن في أعماقك، أم موهبتك وقدرتك على الرسم البارع؟

كي ابدأ بالعمل على لوحه، هناك شيء ما بداخلي يدفعني ويحفزني ان ادخل مرسمي ناسيه العالم خارجه… وابدأ العمل دون تفكير مسبق بالموضوع او اللون أو أي شيء آخر. وابدا بالعمل على اللوحة ، أضع ألوانا واحدد اشكالا، ثم أعود الى الوراء قليلاً وأتفاعل مع هذا الشيء الغريب الجديد أمامي، وهنا يبدأ الحوار ، بين ما هو بداخلي ، واللوحة أمامي ، وهذا بالنسبة لي هو سعادة وعذاب في آن معاً… وبعد عده ايام من هذا البحث والحوار ، يأتي وقت تحكيم العقل وآخذ القرارات بالنسبة للموضوع والإضافات أو الاختزال ووضع اللمسات الاخيره . مما يعني ان لوحتي ترسم نفسها ، وهي في حاله حوار مع ذاتي ، فإما أقنعها أو تقنعني، وبالنتيجة يكون عقلي الحكم أو بوضع الإمضاء وإعلان اكتمال اللوحة، أو العوده إلى الحوار والعمل من جديد بغاية الوصول الى نتيجة ترضيني كفنانه.

** ألاحظ اهتمامك بتنوع الألوان ماذا يعني هذا ، وأي لون يستهويك أكثر من غير ولماذا ؟

عنصر اللون وعمليه اختيار الألوان هي مسألة مزاج وعلى حسب الموضوع والتأثير او الانطباع المراد تحقيقه من خلال العمل. اللون بالنسبة لي موضوع حيوي ومهم جدا لما له من تأثير بصري يوصل رسالة مباشرة، اللون هو أول ما تراه العين في اللوحة ، فهو يدعوك للنظر أكثر او الابتعاد عنها. فهو اداه من أدوات التعبير لا يمكن انكار أهميته. اما اختيار الالوان ، مما ينسجم او يتعارض مع بعضه ، لخلق نوع من الدراما البصريه ، فموضوع يخضع بالغالب لمزاجي . فأحياناً اكون هادئة ومسالمة فاختار الوانا منسجمة ومريحة للنظر واحيانا اشعر بالملل فاستخدم الواناً جديدة بالنسبة لي ،او مجموعه ألوان غير متوقع استخدامها مع بعضها ، فيتجدد حبي للتجريب والاكتشاف وهو ما أسعى اليه دائما. ولكن بشكل عام، تريحني الألوان الهادئة كالبيج والبني والرمادي والألوان الترابيه القانية ثم ادخل عليهم لونا فاقعا غريبا غير متوقع ، كالفوشيا أو الأصفر المنير مثلاً.

** نعلم أن للفن التشكيلي مدارس متنوعة ،، منى نحلة الى أي مدرسة تنتمي ولماذا ؟

أسلوبي في الحقيقة غير محدد الهوية فهو مزيج من عده مدارس أو اتجاهات. ولهذا ترى بعض أعمالي تميل أحياناً للتعبيرية وأحياناً للانطباعية أو المزج بينهم وغيرها من المدارس . والحقيقة إن أسلوبي غير مفتعل ولا أتعمد اتباع أسلوب محدد ، وهو نتيجة لتطور وتطوير لتجربتي التي قاربت 23 عاماً من العمل الجاد والبحث المستمر.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى