إضاءات على قصيدة وداعاً أبا هند – رثائية للمغفور له بإذنه تعالى محمد مبارك الفقير للشاعر الدكتور مانع  بن سعيد العتيبة

بقلم: محمد عوض الجشي

بلى.. يظل الشعر الحصيف يحمل بين طياته مشاعر إنسانية وجدانية على مر العصور، وتقلبات صروف الدهر عبر البسيطة ، بل وتبدو تجليات البواح الشعري المغموس بالعواطف الجياشة يلقف (الطيف) بلمح العين كي يجعله مجسما في قوالب شعرية بليغة حيث تبقى سجلا موثقا على مر الأيام والأزمان..

وها هو العتيبة الشاعرما فتيء ينسج خيوط وفاء تتسع المدى في نفحات الوجدان الإنساني .يشارك الأم الرؤوم في فقدان الاب. كي يخفف عنها الاحزان وألم الفراق. إنها صدق العاطفة التي تبلورت مكنون (الأنا )..في صيرورة الفحوى بلغة الفقد ولوعة مصاب الجلل.

أبا هند وداعا يا صديقي غيابك زاد هذا اليوم قلقي

فقد كنت الأنيس لنا وكنا نراك أبا وذا قلب رقيق

وكنت لأم مانع خير راع ففيكم العطف والحب الحقيقي

وهكذا تظل اللفتة الإنسانية في محور لغة الرثاء ، تستحوذ على الذات والغور في أعماق الآخر. والتي تتغلغل في خلجات نفس الذات إضافة الى  نفس الجانب الآخر ،وهذه السمة قلها تجدها عند شعراء الرثاء. إذ يكون البوح ذاتي داخلي من خلال نفس المصاب بالفقد. بيد أن الشاعر العتيبة قد طرح مفهوماً جلياً في تجليات الآخر وهذا مما نتج عنه فيض المشاعر وشمولية المحتوى في فضاءات جانبية الى أبعد مساق. ..إنها الشاعرية المتدفقة في خلد الزمان والمكان والذات الإنسانية. إنها براعة اختزان مكنون النفوس على اختلاف مشاعرها وتدفق احاسيسها. إنها شاعرية استلهام ولفتة إنسانية حانية. ولننظر إلى الأبيات التالية التي تصف وتستشف مشاعر الآخرين.ممثلة في الأحفاد الذين فقدوا عزيزاً كريماً ، ذو شيم ومناهل طيبة وأثرٌ باق على مع الأيام.

وكنت لموزة جدا حنونا بأدمعها غدت مثل الغريق

منحت لها حنان أب محب وكنت لدربها اسمى رفيق

بكت لفراقك المحزون هند فنعيكم كان أشبه بالحريق

تستمر المناجاة الشاعرية تتماهى مع  المشاعر الفياضة . التي تنضوى تحت لواء الرضى بما كتبه رب العالمين .ملتمساً مسارا توعوي يلهج ويصب في مناخات من الحِكمة مما يخفف من لوعة الوداع والرحيل دون إسقاط مسايرة القلب المٌلوع حيث يظل يرعاه الشاعر ويتقلب في أحاسيسه في رباطة جأش وودٌ حميم.

ولو كان البكاء يعيد ميتا لسال الدمع بالحزن العميق

فيا هند اصبرى لقضاء ربي ولا تجري الدموع ولا تريقي

ابوك اليوم بين يدي إله رحيم عادل فلتستفيقي

نعم ما برحت صروح الحكمة منطق الشاعر وأهليته. وتلك اللفتة كما ذكر آنفاً من شيم طروحات الشعر عن العتيبة في مجمل أشعاره.الغزيرة العديدة المتنوعة والمنتشرة في كثير من إصداراته الشعرية والنثرية. وها هو يعاود ديدنة (الحكمة) موشحة في ثوب قشيب ندي، ينظر الى الحياة على أحسنها وأجملها. كي يٌمضى في الدروب بقلب واعِ وفكر ثاقب ومعاني سامية جميلة رغم فراق الأحبة والأصدقاء. ولننظر أيضاً الى الشاعرية العميقة المعاني بهذا السياق الحكيم.

وعودي للحياة بلا دموع وظلي كالضياء على طريقي

إله الكون ندعو في خشوع ليسكنه الجِنان بلا معيق

وقولي يا أبي الغالي وداعا فنار الحزن حتما لن تطيقي

وما لي غير إيماني معينا لفرقة صاحبي الغالي صديقي

Exit mobile version