بسبب الهجمات الإسرائيلية من البر والبحر والجو ..النازحون في غزة في حالة فرار متواصل
القاهرة/غزة-(رويترز):
تجمع عشرات الآلاف من النازحين الجدد في قطاع غزة أسفل خيام من القماش المشمع يوم الجمعة في وسط القطاع بعد الفرار من أحدث هجوم تشنه الدبابات الإسرائيلية فيما استهدفت الطائرات الحربية الجنوب وسوت المنازل بالأرض ودفنت تحتها الأسر التي كانت نائمة.
وتختتم إسرائيل العام بهجمات جديدة في وسط وجنوب غزة، الأمر الذي أدى لموجة نزوح جديدة للسكان الذين فروا بالفعل من مناطق أخرى، فيما وصفه وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت بأنه مرحلة أساسية من مهمة تدمير حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).
وبعد مرور 12 أسبوعا على الهجوم الذي شنه مقاتلو حماس على بلدات في جنوب إسرائيل، التي تقول إنه تسبب في مقتل 1200 وأخذ 240 رهينة، حولت القوات الإسرائيلية الكثير من قطاع غزة إلى أنقاض.
ونزح جميع سكان القطاع تقريبا البالغ عددهم 2.3 مليون شخص من منازلهم مرة واحدة على الأقل، ويفر الكثيرون الآن لثالث أو رابع مرة.
وأعلنت السلطات الصحية في غزة مقتل 187 فلسطيني في غارات إسرائيلية خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية مما يرفع العدد الإجمالي للقتلى إلى 21507، أي نحو واحد بالمئة من سكان القطاع، ويُخشى أن آلاف الجثث لا تزال مدفونة أسفل الأنقاض.
وفي رفح بجنوب القطاع شاهد صحفيون من رويترز في موقع إحدى الضربات الجوية التي دمرت مبنى رأس رضيع مدفون يخرج من تحت الأنقاض.
وصرخ الطفل بينما قام أحد عمال الإنقاذ بحماية رأسه بيده، فيما طرق آخر على إزميل في محاولة لتكسير لوح من الخرسانة لتحريره.
وقال أحد الجيران ويدعى سند أبو ثابت إن المنزل المكون من طابقين كان مكتظا بالنازحين. وبعد بزوغ النهار جاء الأقارب لأخذ الجثث الملفوفة في أكفان بيضاء. وأزال رجل القماش الذي يغطي وجه طفل قتيل ليربت عليه.
ويفر عشرات الآلاف من سكان غزة من البريج والمغازي والنصيرات في وسط القطاع بموجب أوامر إسرائيلية مع توغل الدبابات من شمال القطاع وشرقه. وتوجه معظمهم جنوبا أو غربا إلى مدينة دير البلح المزدحمة بالفعل بالنازحين، حيث أقاموا مخيمات مؤقتة مصنوعة من ألواح البلاستيك في أي أرض مفتوحة متاحة.
وقالت أم حمدي، وهي تطهو العصيدة في إناء على الحطب وحولها أطفال “قعدنا نعاني، قعدنا ليلة كاملة تحت البرد والشتا معانا ست كبيرة… ومعانا أطفال”.
وعلى مقربة منها وقف عبد الناصر عوض الله بلحيته البيضاء داخل هيكل خشبي سيغطى بالبلاستيك ليصبح خيمة، وتحدث عن عائلته التي فقدها.
وقال باكيا “أولادي اللي دفنتهم إيش… دفنت طفل عندي 16 عاما وعندي 18… ما تتصوروش إني أدفن ولادي الساعة ستة الصبح سخنين… وابن أخويا عمره سنتين أنا اللي دفنته وأنا دفنت مرتي”.
وتابع “عمري ما فكرت في حياتي يوم إن أنا أدفن ولادي. ولادي هما اللي يدفنوني!.. أنا أدفن ولادي في آخر عمري مكنتش أتصورها”.
– لا مؤشر على تراجع الهجوم الإسرائيلي
تقول إسرائيل إنها تفعل كل ما بوسعها لحماية المدنيين، وتتهم مقاتلي حماس بإلحاق الأذى بهم لأنهم يعملون وسط السكان وهو ما تنفيه الحركة.
ودعت الولايات المتحدة، أقرب حليف لإسرائيل، هذا الشهر إلى تخفيف وتيرة الحرب الشاملة في الأسابيع المقبلة والتحول إلى عمليات مستهدفة ضد قادة حماس.
لكن حتى الآن لا تظهر إسرائيل أي مؤشرات على فعل ذلك، إذ شنت هجوما جديدا في الأسبوع الأخير من العام بدأ بقصف مكثف على المناطق الوسطى.
وأصدرت إسرائيل اعتذارا نادرا يوم الخميس عن قتل مدنيين في ضربة جوية ضخمة عشية عيد الميلاد تقول السلطات الفلسطينية إنها قتلت العشرات وتسببت في أحد أكبر موجات النزوح منذ بداية الحرب.
ويقول السكان إن القوات الإسرائيلية توغلت في البريج خلال المعارك بوسط غزة في اليومين الماضيين، فيما لا يزال القتال العنيف مستمرا في الضواحي الشرقية. وكان القصف عنيفا هناك على وجه الخصوص وفي النصيرات والمغازي المجاورتين.
وأظهر مقطع صوره متطوع من الهلال الأحمر الفلسطيني في المغازي انتشال الموتى والمصابين من المباني المدمرة هناك. وذكرت وسائل إعلام فلسطينية أن غارات استهدفت النصيرات قتلت ما لا يقل عن 35 شخصا أثناء الليل.
وفي الجنوب تقصف القوات الإسرائيلية خان يونس أيضا استعدادا لمزيد من التوغل في المدينة الرئيسية بجنوب القطاع والتي استولت القوات على مساحات واسعة منها في أوائل ديسمبر كانون الأول.
ووصف جالانت التوغل هناك بأنه “مهمة لم تنفذ من قبل قط”، وقال إن القوات تصل إلى مراكز قيادة حماس ومخازن أسلحتها.
وأضاف “عملياتنا أساسية لتحقيق أهداف الحرب. نرى النتائج وتدمير قوات العدو”.
ويعتمد قطاع غزة اعتمادا شبه كامل تقريبا على الغذاء والوقود والإمدادات الطبية من الخارج، وتغلق إسرائيل جميع منافذ الوصول إليه باستثناء الطرف الجنوبي.
وتقول الهيئات الدولية إن الإمدادات التي يُسمح بدخولها من خلال عمليات التفتيش الإسرائيلية ليست سوى نزر يسير من الاحتياجات الهائلة للقطاع.
وفي الأسبوع الماضي، رضخت إسرائيل للضغوط الدولية لفتح معبر ثان قالت إنه سيضاعف عدد شاحنات الإمدادات يوميا إلى 200، لكن الأمم المتحدة قالت إن 76 شاحنة فقط تمكنت من الدخول يوم الخميس، مقارنة مع 500 في وقت السلم.
وتقول إسرائيل إنها ستواصل القتال لحين القضاء على حماس. ويقول الفلسطينيون إن مثل هذا الهدف لا يمكن تحقيقه بسبب الهيكل الممتد للحركة وجذورها العميقة في القطاع الذي تحكمه منذ 2007.
ويدافع حلفاء إسرائيل في الغرب، وفي مقدمتهم واشنطن، عن حقها في الدفاع عن نفسها بالرد على حماس، لكن قلقهم يتزايد بسبب العدد الهائل من القتلى والتدهور على الصعيد الإنساني.
ولم تثمر جهود الوساطة التي تقوم بها مصر وقطر من أجل التفاوض لوقف إطلاق النار منذ انهيار هدنة استمرت أسبوعا في نهاية نوفمبر تشرين الثاني.
وقالت مصر، التي استضافت قادة من حماس وحركة الجهاد الإسلامي في الأسبوع الماضي، يوم الخميس إنها تنتظر ردا من الجانبين على خطة سلام مقترحة.