بحث جديد يشير إلى توسعة أدوار النساء ومساهماتهن في أبحاث الشعاب المرجانية في دول الخليج العربي
أبوظبي-الوحدة:
نشر فريق من العلماء في جامعة نيويورك أبوظبي دراسة جديدة تشير إلى اتساع مساهمات النساء وازدياد تأثيرهن المحلي في أبحاث الشعاب المرجانية في منطقة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بما في ذلك الخليج العربي وخليج عمان وبحر العرب والبحر الأحمر. ومع أن النساء ما زلن يمثلن أقلية من حيث المخرجات كعدد المؤلفات المنشورة ومشاركتهن في قيادة الأبحاث، فإن الفترة الأخيرة شهدت تغييراً من تلك الناحية حيث ازداد عدد منشوراتهن بمقدار ستة أضعاف خلال العقد الماضي.
وقد نشرت دورية «حماية البيئة الحيوية»، بحثاً بعنوان “دور المرأة المتنامي في أبحاث الشعاب المرجانية في دول مجلس التعاون الخليجي” نفذته أمل القرقاوي ومريم المعماري، باحثتان إماراتيتان في جامعة نيويورك أبوظبي ضمن برنامج زمالة “كوادر”، تناولت فيه الباحثتان 852 من الدراسات حول الشعاب المرجانية التي نشرت في الفترة ما بين ثلاثينيات القرن الماضي وعام 2021 في منطقة مجلس التعاون لدول الخليج العربية. صنّّفت دراسة الباحثتين هذه الدراسات بحسب مشاركة النساء، مع ملاحظة عوامل أخرى كجنسية المشاركات والبلد الذي نفذت فيه الدراسة وعدد الباحثين لكل دراسة. فضلاً عن ذلك، تضمن البحث إجراء مقابلات مع 47 من العالمات من أصل 405 اللواتي شاركن في الدراسات، مما يمثّل نسبة 11.6 بالمئة. حددت الباحثتان بفضل المقابلات ست محاور رئيسية وهي: أولاً تاريخ مساهمات النساء في علم الشعاب المرجانية، ثانياً عوامل النجاح والإنتاج العلمي، ثالثاً عوائق ممارسة المهنة، رابعاً أنماط التعاون بين المؤلفين وتوثيق المشاركة، خامساً ازدياد حضور الباحثين الخليجيين، سادساً ظاهرة تفضيل الخبراء من دول معينة والتبعية العلمية.
في حين ظهرت المنشورات العلمية المتعلقة بالشعاب المرجانية في المنطقة لأول مرة في عام 1964، لم تسجل الدراسات في هذا المجال مشاركة النساء قبل 1985. ومع أن مساهمات النساء شهدت ارتفاعاً طفيفاً في الفترة ما بين 1990 وبداية العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، إلا أنها لم تتعد نسبة العشرة بالمئة من الأبحاث المنشورة. و لقد شهدت السنين العشر الماضية طفرة في عدد منشورات العالمات بواقع ستة أضعاف. ومع ازدياد أعداد الأبحاث المنشورة التي نفذتها الباحثات في مجال أبحاث الشعاب المرجانية في دول مجلس التعاون، فلا زال عدد الأبحاث التي ينشرها الرجال يفوق تلك التي تنشرها النساء وذلك بنسبة ثلاثة إلى واحد، بالإضافة إلى عدم شيوع تولي النساء الأدوار الرئيسية في الأبحاث المنشورة. كما توصلت الدراسة أيضاً إلى أن الباحثات من الشمال العالمي يمثلن أكثر من نصف مجموع النساء (65.2 بالمئة)، بينما لم تشكل الباحثات من دول مجلس التعاون سوى أقلية بنسبة 11 بالمئة.
صرحت أمل القرقاوي في تعليقها: “تشكل الدراسة ثمرة عامين من الجهود، وتتناول عدداً من النواحي المهمة فيما يتعلق بأساليب الدراسة والجغرافيا في الدراسات المتوفرة حاليا حول دور النساء في علم البحار. نأمل أن نرى استمرار الزخم الذي رصدناه بين أوساط الباحثين والعاملين في مجال حماية البيئة والقائمين على تنظيمها، من مواطني دول مجلس التعاون والمقيمين فيها، لتسريع التوجه نحو المساواة بين الجنسين في القطاع من خلال المبادرات والسياسات بأنواعها الهيكلية والتنظيمية والاقتصادية والاجتماعية”.
وبدورها أضافت مريم المعمري : “حظينا بفرصة التعرف على بعض من تجارب الباحثات في هذا القطاع، اللواتي أشرن إلى عوامل النجاح كتوفير الإرشاد وخصوبة المنطقة للبحوث، كما أشرن إلى بعض النواحي التي تحتاج إلى بعض العناية والتطوير. وصفت بعض الباحثات جهودهن لتأسيس برامج مجتمعية والإرشاد المهني، وهي مساعي مهمة لا يثمنها نظام التقييم التقليدي الذي ينحصر تركيزه على نشر المؤلفات والأبحاث، مما يفرض على المؤسسات النظر في توسعة مقاييس الجودة الأكاديمية. وتشكل الجهود المبذولة لدعم الباحثين الخليجيين الذين يشكلون أقلية في المجال مثالاً على أهم أهداف مشروع التحول إلى الاقتصاد المبني على المعرفة، فمن الضروري أن تلعب المؤسسات دوراً في دعم الباحثين المحليين وحثهم على مواصلة العمل لضمان فعالية الضوابط البيئية على المدى البعيد”.
ووفقاً للأستاذ المشارك في علوم الأحياء بجامعة نيويورك أبوظبي والباحث الرئيسي المشارك في مركز مبادلة لأبحاث مناخ وبيئة الخليج العربي جون بيرت: “بينما هيمن الرجال على مجال أبحاث الأحياء البحرية في الماضي، فإننا نشهد نمواً ملحوظاً في مستوى مشاركة النساء على مدى خمسة عشر عاماً مضت. للجيل الحالي من الباحثين الإماراتيين مساهمات ملهمة، ومنهم الباحثتان اللتان نشرتا هذه الدراسة. أنه فعلاً لأمر مذهل أن نشهد نمو التفاعل من قبل الباحثين الخليجيين الذين يمثلون مستقبل العلم في المنطقة”.
تقترح الدراسة عدداً من الخطوات العملية التي يمكن للمهتمين في مجال الحماية البيئية من باحثين وعاملين ومؤسسات اتخاذها بهدف رفع مستوى الإنصاف والإشراك في ممارساتهم، ومنها الترويج للعلوم والحماية البحرية كمسار مهني ذي جذور محلية ورصد الموارد لتمويل الأبحاث والتدريب الممنهج بهدف رفع الكفاءات وتوفير فرص قيادية لتطوير المهارات النسوية، وخصوصاً بالنسبة للباحثات في المراحل الأولى من مساراتهن المهنية في المؤسسات العامة.