الشاعر محمد بن نعمان الكعبي:عشقت الشعر من أجل الجمال
- قصيدتي يامالك الروح رحمة وصلت إلى أرجاء الوطن العربي
أعلام وسير
بقلم /أنور بن حمدان الزعابي
من عبق الماضي الجميل لـبـيـئـة الإمارات ومن إرث حضارتها الصامدة في عمق التاريخ وعبر أجيال متعاقبة جيل آثر جيل وما بين بيئات المجتمع المختلفة ظهرت إبـداعـات وأصـوات شـعـريـة تـطرب أسـمـاعـنا بكلماتها العفوية الجميلة الصادقة النابعة من الأصالة. فتنحو بمخيلتنا الى الماضي الأصيل. بقـصـيـد مـفـعم بالعذرية والشوق والوله العاطفي وبمؤثرات وتصورات خيالية وأخرى واقعية تمثل المعاناة والشغف العفيف وثورة الحب في قلوب لا تـعـرف إلا الحب والأخـلاص والـوفـاء والـصـدق قلوب صـافـيـة كالزلال أو كصـفـاء خـد القمر في الليل الحالك.
فكانت روائع الشـاعـر ابـن ظاهر تمثل المـدرسـة الشـعـرية الكبرى والأساس المتين للشـعـر الـشـعـبي بالإمارات ومن خلالها ظهرت لنا روائع الشاعر الجمري وذلك البدوي المرتحل دائماً الشاعر الخليفي. وتفجـرت شـاعـرية أبناء بن سـوقـات وغيرهم من الشعراء الكبار في الإمارات.. ولقاؤنا اليوم مع أحد شعراء الإمارات وهو صاحب تجربـة شـعـريـة مـتـمـيـزة ومـوهـبـة مـتـفـردة فـي كـتـابة القصيدة الشعبية… الشاعر محمد عبيد بن نعمان الكعبي.
*
اكتسب الموهبة حين كـان صـبـيـاً يـجـالـس خـالـه
الشاعر عبدالواحد بن نعمان وزميله الشاعر مرشان بن سالم.
فاكتسب منهم التأثر والتعلق بالشعر وكان في الرابعـة عـشـرة مـن الـعـمـر وفي ذلك الوقت كانت هناك المسـاجـلات الـشـعـرية التي تدور رحـاهـا بين الـشـعـراء وكـان يـسـتـمـع الـيـهم ويحاول أن يجاريهم وخاصة خاله عبدالواحد وصاحبه حيث أبدع في بعض القصائد التي عرضها عليهم ونالت استحسانهم ،وقال في هذه القصيدة:
*
تعاملني على طلبة رضاك
ولا تنظر الى مطلب رضايه
وعندك عرف اني في هواك
بنيت الحب مخلص م البدايه
حرام انك تكدر في غلاك
لا تجرح قلب عندك به درايه
انا لو ردت فالعالم سواك
كثير اجناس بتحصل معايه
احط الروح فالواجب فداك
وقدرك دوم في عالي سمايه
غلاك يسوقني دايم جداك
وحبك دوم ساكن في حشاية
عمى الله حتسد يحسد غواك
ويطبع في بحر مليون ذاية
يصيب اللي يشوفك لارتباك
يلنك في كمال الزين آية
*
المؤثرات والتصورات الفنية
قال ،عشقت الشعر من أجل الجمال وتأثرت بالطبيعة واسـتـلـهـمـت الـصـفـاء من الـقـمـر سـعـيـت للحب صغيراً وألـفـت الـغـزل صـبـيـاً مـرت بي الكثير من اللواعج النفـسـيـة والظمأ
أه ما أدراك ما ذاك الظمأ الذي يأسر الروح والوجدان ترى النبع أمامك لا تستطيع الوصول إليه فتعيش حالة من الضمأ الروحي والعاطفي. أقارن دائما بين القمر ومحبوبتي أفضلها عليه ذلك الجميل الساحر الفاتن.
*
حتى أن قصيدتي المعروفة يا مالك الروح رحـمـة قلتها وأنا في أقسى درجات الظمأ. أنظر للطبيعة كملهـمـة شـعـريـة قـائـمـة بذاتها فاستلهم منهـا الكـثـيـر وأصـور مـن خـلالـهـا للحب وللجمال وللحزن وللمعاناة فالطبيعة دورها مهم جداً في حياة الشاعر والمبدع.
*
القصائد المغناة
الغناء دائماً مرتبط بالشعر ، ولولا الشعر ما كانت هناك أغنية وأول من تغني بقصائدي هو الفنان اليمني علي العطاس رحمه الله وكان في العام 1969 . وهي قـصـيـدة يـا مـالك الروح رحمه التي قلتها في العام ذاته حيث أن لها مسببات كثيرة في نفسي ووجداني وأقول فيها:
يا مالك الروح رحمه
لا تستويلي ظلومي
خليك تعطف عليه
وايكون قلبك رحومي
تارك جميع المساعي
ماسير اقضي لزومي
يا بو جديل تحدر
فوق الردايف ردومي
من كل طيب يعله
وايسرحه كل يومي
*
أما الفنان الشعبي المعروف علي بن روغه فشدا لي في منتصف السبعينات وبعد إحدى ليالي العيد السعيد أغنيته الشهيرة يا كحيل العين..
*
يا كحيل العين والخد اللبيب
حالف بالله ما انسى هواك
انت ذخري فيك ظني ما يخيب
وانت قلبي باع غيرك واشتراك
ما يجب يا زين تتركني صويب
قاطعني ليش ماجاني نباك
كم شربت الراح من مبسم عجيب
وكم تنادمنا الهوى فالوقت ذاك
يوم قلبك طايب لي مستطيب
ما سمعت القول لوحدن وشاك
*
الشعر القديم والجديد
الرأي فـي قـضـيـة الـشـعـر الـقـديـم والـجـديـد قـضـيـة بحاجة إلى شرح وإسهاب. فالماضي كان عفوياً صادقاً أصيلاً لا تشوبه شائبة من الكلمات واللهجات الدخيلة. كذلك شاعر الأمس كان أصدق تعبيراً من شاعر اليوم. والوقت الحـالـي يـخـتـلف عن الماضي بـكـثـيـر مـن المتغيرات الاجـتـمـاعـيـة والنفسية والفكرية .
ونتيجة للتواصل السريع بين الشعوب ظهرت لهجات دخيلة على الشعر الشعبي المحلي بما أفسدت ذوق المتعاطي لهـذا الـنـتـاج الأدبي.
ولكن لا يمنع أن نقـول أن هناك شعراء شباب مجيدون بقصائدهم التي تحتويها روح الثقافة العصرية.
*
عن الشاعر الماجدي بن ظاهر قال أن الـشـاعـر الماجـدي بـن ظاهر شـاعـر حكيم وبليغ قصائده فيها الحكمة وروح الشعر الذي يطربك، أحفظ
جميع قصائد هذا الشاعر ومنذ الزمن الماضي ومن الصغر وأنا أقـرأ قـصـائـده. وكان له ديوان شـعـر مخطوط لدى الشاعر المرحوم عبـدالـواحـد بن نعمان وهو الديوان الوحيد
في ذلك الوقت ومخطوط بخط اليد وجمع قديما في إمارة الشارقة
وكان يفد علينا الكثير من الناس للاطلاع على هـذا الـديـوان وأنا بدوري تأثرت بقصائد الشاعر بن ظاهر.
*
بداية الظهور الإعلامي
في العام 1966 وبعد تولي صاحب السمو رئيس الدولة المغفور له الشيخ زايد بذلك الوقت، كنا أنا والـشـاعـر زايـد بـن عـمـيـرة
قـد قـمـنا بكتابة قصائد وطنية لصاحب السمو رئيس الدولة بذلك الزمان
وألقينا في حضرته ووجهنا سموه بأن نحافظ على هذا الـتـراث الأدبي وأن نخلده للأجـيـال .
ومع أول افـتـتـاح إذاعة أبوظبي كونا مجلس شعراء أبوظبي
وألقينا من خلاله القصائد الشعرية . ومع افـتـتـاح الـتـلـيـفـزيـون قـمـنـا بتأسيس أول برنامج لشـعـراء القبائل وكان الشاعر سعيد بن هلال الظاهري أول رئيس لمجلس شـعـراء الـقـبـائل وترأست مجلس شعراء المنطقة الشرقية بالعين والذي كان يـقـدمـه الشاعر كـميـدش بن عبد الواحد بن نعمان، وزاملنا فيه الشاعر بن مهيله وسعيد بن صالح وعبيد بن معضد والشاعر محمد بن بنان.
وأقول في هذه القصيدة:
شوف جنات الغرايس في الوطن
والبحر والبر خلاهم ظليل
من جميلات الفواكه والنعم
والنوادر من عزيزات النخيل
بالتاخي بعضها البعض اعتنى
في رحاب تكرم الضيف النزيل
والطيور اشكال منها تنوجد
كل غصن ن فالوطن فوقه هديل
في امان وظل زايد يرتعن
في رحاب الانس يرعاها عميل
كل منها في مكان ونعمته
طال عمر الشيخ كساب الجميل
حير قلوب الفهاما بالذكي
حكمة ن له ساقها الرب الجليل
*
الـفـن الـشـعـبـي مـن الـتـراث وهذا الفن أسـاسـه الـشـعـر وأمـارس الرزفـة والـعـيـالـة فـالـرزفـة فـيـهـا الحماس والمساجلات الشعرية المباشرة ومثل ما يقال «حاضر بحاضر». والـعـيـالـة يـوجـد بـهـا الـطـبـل مـثـل الـرحـمـانـي والدمامي والكاسي ورزفـة الماضي رونقـهـا جـمـيل فيها التفاعل الجماهيري
وفيها الحضور الشاعري فمـثـلاً قـد يـتـواجـد شـاعـران كـبـيـران في الرزفة يتنافسان بينهما في طرح الشعر ارتجالياً ربما حتى الـصـبـاح كـذلـك تـوجـد «الـيـولـه » بمعنى أن يقـوم مجـمـوعـة مـن المشاركين بالدوران أمـام الـصـفين بالـبـنـدقـيـة ويرفـعـونـهـا قـذفـاً فـي الـسـمـاء ثم يلتقطونها.
*
الشعر لدي كثير والقصائد تملأ حقيبتين ومرت على سنوات كنت أقول ما بين خمسين قـصـيـدة أو أقل وكان اثنان من الأصدقاء يكتبان لي.
وقد فقدت الكثير من القصائد ما يقارب المائتي قصيدة منها ما هو الخاص ومنها ما هو الشائع بين الناس. ولضيق الوقت لم أقم بطباعة ديواني الأول
حـتى الـيـوم (1996)… رغم توفـر النـصـوص التي تزيد عن الأربعـة دواوين . ولدي اهـتـمـام لـجـمـع قـصـائـدي في ديوان.
* كان هذا لقائي مع الشاعر محمد بن نعمان الكعبي قبل ربع قرن ونيف ويعتبر أول لقاء صحفي للشاعر محمد بن نعمان الكعبي.