مرئيات

ردود الفعل العاطفية

بقلم / د. ولاء قاسم

أكثر من مجرد شعور !!! أنت لست ما تشعر به!!
عبارات سمعناها كثيرا، لكن أود اليوم أن نتمعن في معانيها.

تخيل معي أنك كنت حاضراً في موقع كارثة طبيعية هل سوف تتمكن من إسعاف من حولك ومساعدتهم أم أنك ستظل جاثيا على ركبتيك تبكي بشاعة المنظر لدى رؤية الدم أو الألم، عندما تغرق في تعاطفك سوف يجمد تفكيرك وهو أمر غير مطلوب، فغالبا ما يتطلبه الأمر في اللحظات العصيبة أن تسمو فوق تعاطفك وتتجاوزه ولا تسمح لمشاعرك بإغراقك لتصل إلى مرحلة التصرف المحب.

عندما نتعامل مع الآخرين يجب أن ندرك وجود نوعين من التواصل مع الآخر أولهما التفاعل اليقظ والآخر التفاعل القائم على ردة الفعل العاطفية،
التفاعل اليقظ هو ما يسمح بتدفق كمية أكبر من الأوكسجين إلى الدماغ لينشط التفكير الذي يحفز التصرف، والجيد في الأمر هو أن طريقتي التفاعل ليست سوى عادات يمكن استبدال إحداهما بالأخرى وأول خطوة في اتجاه الاستبدال هي الوعي، فإذا كنت تتفاعل عاطفيا لن تستطيع استبدال تلك الطريقة إلا عندما تتطلع على ردة فعلك وتلاحظها عن كثب.

علاج ردة الفعل العاطفية التي ألفتها عمراً هو دفق جديد من البصيرة وتفجر نابض بالحياة للفكر الإيجابي وحوار بناء تديره مع ذاتك، يقول أفلاطون “إن التفكير هو حديث الروح مع ذاتها” وتمكنك من ادراة حوار جيد مع ذاتك هو طريقك للارتقاء.

نحن ننتمي إلى ثقافة غرست فينا التماهي الكلي مع ما نشعر به، فعندما ينتابنا شعور ما فأننا نصبح فعليا ذلك الشعور، فإذا غضبنا مثلا سوف نشعر بأن كل خلية في أجسادنا غاضبة ونحن لا نعدو أن نكون سوى ذلك الغضب الذي يتفجر فينا في هذه اللحظة.

لكن هناك طريقة للخروج من هذه العادة المحبطة فتتخيل معي أنك صدمت ركبتك في باب السيارة لحظة ركوبك، سوف تشعر بالألم لن تمنعه ولن تنكره، لكنك في ذات الوقت تظل مدركا أنك أكبر من ركبتك المتألمة وغالبا سوف تواصل مشوارك وتكمل ما كنت تنوي القيام به وتدريجيا سوف يتضاءل شعورك بالألم، وكلما زادت حماستك لما تقوم به كلما زالت حدة الألم اسرع ، هكذا يتصرف معظمنا مع ألمنا الجسدي فنحن نشعر بالألم ولكننا نسمو عليه وهذه عادة ألفناها ولكي تتحول حياتنا للأفضل علينا جلب العادة ذاتها في التعامل مع ألمنا العاطفي.

إن فكرة أن مشاعرنا تمثلنا هي محض وهم فتخيل أنك تجلس مكتئبا إلى جانب بركة ورأيت طفلا صغيرا يسقط فيها فهل ستساعده أم أنك ستقول لنفسك ليتني لم أكن مكتئبا حتى أستطيع أن أنقذ ذلك الطفل!!!!

يجب أن ندرك أننا نمتلك من القدرة ما يمكننا من تنحية الشعور جانبا في حال حدوث حالة طارئة أو لعبة أكبر نخوضها فإذا لم تتوفر تلك اللعبة فيمكنك تخيلها لتتمكن من تجديد ذاتك والخروج من حالة الانفعال السلبي وتذكر دائما أن قيادة الذات بيدك وحدك فلا تتركها للآخرين ولا لأحداث الحياة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى