الكتابة بين قلم الباركر والمسطرة الإلكترونية …

بقلم / إبراهيم المحجوب - العراق - الموصل

تعلمنا منذ دخولنا الصف الأول الابتدائي الحروف الأبجدية وكتابتها بقلم الرصاص وتعلمنا كيفية صنع جمال الخط العربي.. وبما أننا كنا حديثي التعليم فقد كان أغلبنا يرسم الخطوط دون أن يعرف التنسيق والفواصل بينها ومع هذا كنا نعتبرها لوحات جميلة جداً وكنا ننتظر دور المعلم ليعطي رأيه بهذا الموضوع …

وما أن مضت السنة الأولى والسنة الثانية ومايليها من المراحل الدراسية حتى وصلنا الى الصف الخامس الابتدائي وقد تعلمنا القراءة واتقنا فن الكتابة بشكل بسيط كانت فرحتنا كبيرة عندما نرى أي كتاب نستطيع أن نقرأ منه بعض الكلمات وكانت تقودنا اللهفة أحياناً لطلب أو استعارة مجلة أو جريدة من أحد الكبار في القرية عسى أن نجد فيها ضالتنا من الأسطر والكلمات التي نستطيع قراءتها وهكذا استمرت بنا الحياة المدرسية وأصبحنا ننتقل الى العلوم الأخرى كالرياضيات وعلوم الفيزياء والهندسة وكذلك تَعَلمَنا بعض مفردات اللغة الإنجليزية وعندما بدأنا بكتابة خواطرنا وما يدور بذاكرتنا من مواضيع سواء قصصية أو قصيدة شعريه بسيطة كان القلم هو صديقنا الدائم حتى أننا أصبحنا نميز بين قلم الرصاص وقلم الجاف وقلم الحبر وأصبحنا نعرف كل الماركات لهذه الأقلام فجميعنا يتذكر ماركة أقلام (( الباركر)) هذه الماركة التي أصبحت في سبعينات وثمانينات القرن الماضي ومازالت علامة مميزة من بين الأقلام في كل الكتابات…

اليوم وبعد التطور الحاصل في مجال التكنولوجيا وخاصة في مجال التقنية الإلكترونية أصبح أغلب الكتاب والأدباء والشعراء يقومون بكتابة نتاجاتهم الأدبية بواسطة نظام الكتابة الإلكتروني وأصبح أغلب القراء يتلقون معلوماتهم من رسائل وكتب بنفس الطريقة المكتوبة لأن مجال القراءة أصبح يمتلك فضاءات واسعة مثل مواقع البحث ومواقع التواصل الاجتماعي ولم يعد للقلم وجود الا في المدارس والدوائر الحكومية والتي يقوم باستخدامه بعض الموظفين للتواقيع الشخصية أو لتسيير بعض الأمور الإدارية والتي تحول أغلبها الى أرشفة إلكترونية..

نعم اليوم أصبح القلم الإلكتروني هو سيد الكتابة وأصبحنا نكتب ما تجود به خاطرتنا من خلال الحروف الإلكترونية وتنظيمها وتنسيق سطورها في كتاب يكون جاهز للطبع أو للنشر الإلكتروني.. ورغم إن الكتاب المطبوع أصبح اليوم يقدم هدية من قبل المؤلف للقارىء وهذا ما يضع اعباء تكاليف الطبع ومصاريفه الأخرى ثقل إضافي على المؤلف ولكن الغاية في نهاية الأمر هي إظهار موهبة الكاتب واستمتاع القراء بما تجوده موهبته…

ختاماً أن القلم تحول اليوم الى مسطرة إلكترونية تجد فيها أنواع الخطوط وبأحجام مختلفة وبكل لغات الكرة الأرضية وأصبح ملازم لنا سواء من خلال جهاز الحاسوب أو جهاز الهاتف النقال وأصبحت هذه الأجهزة تخزن في ذاكرتها آلاف الكتب والمعلومات وتكون قراءتها في كل الأوقات متاحة لنا وعلى مدار الساعة..

وداعاً لقلم الرصاص.. وداعاً لقلم الجاف… وداعاً لقلم الباركر الذي كان يعتبر أغلى وأثمن هدية عرفناها في حياتنا ومازال يعتبر تحفة نادرة وتراثية وبكل أنواعه وألوان أحباره… ومرحباً بقلم العصرنة الحديثة ونحن نحمله داخل أجهزتنا الإلكترونية…