دقائق قليلة بعد أن سجل الهدف، الذي منح كوت ديفوار، لقب كأس الأمم الأفريقية، أجرى سيباستيان هالر، حوارًا تلفزيونيًا لم يتمكن خلاله من تمالك دموعه.
واعتاد هالر أن يظهر الوجه الشجاع لفترة طويلة، وكانت تلك هي اللحظة التي وصلت فيها رحلته مع المعاناة التي دامت لعامين، إلى انتصار منح الأفيال المضطربة، اللقب على أرضها، لتغمره المشاعر بشكل يسهل فهمه بعد المعاناة.
وبعد أقل من عام من تحقيقه الانتصار الأكبر في حياته، بالعودة إلى ممارسة كرة القدم من جديد بعد 6 أشهر من التغلب على السرطان، تواجد أمس في ملعب الحسن واتارا، ليقود منتخب بلاده للفوز بالأمم الأفريقية بالتغلب في النهائي على نيجيريا بنتيجة (2-1)، مسجلًا هدف الانتصار، بعد أن سجل قبلها بأربعة أيام هدف الفوز أيضًا في نصف النهائي أمام الكونغو الديمقراطية.
وفي المؤتمر الصحفي قبل النهائي، قال هالر “مثلت الشهور 18 الماضية، تحديًا هائلًا لي ولعائلتي، وبالنظر إلى ما حدث بتلك الشهور، ومن الرائع التواجد الآن أمامكم”.
رحلة كبيرة من المعاناة عاشها هالر، ففي فبراير/شباط 2023، سجل هدفه الأول مع دورتموند، ليحتضنه جميع اللاعبين من السعادة.
وجاء ذلك الهدف بعد 8 أشهر من توقيعه للفريق الألماني، وظهرت مشاعر اللاعبين بعد أن تم تشخيصه بالسرطان في يوليو/تموز 2022، بعد أسبوعين فقط من انضمامه لدورتموند.
وفي تصريحات لشبكة بي بي سي العام الماضي، قال هالر “بالطبع تدرك أن ما يحدث أمرًا خطيرًا، وأن الكثير من الأشياء من الممكن أن تتغير، ولكن الطبيب ساعدني، على ألا أشعر بالخوف، وأخبرني أنه يمكن أن أتعافى بشكل جيد”.
وبعد إجراء جراحتين وجولات مختلفة من العلاج الكيميائي، عاد هالر إلى التدريبات بصورة كاملة في يناير/كانون ثان 2023، وشارك للمرة الأولى مع دورتموند في نفس الشهر، وسجل في شباك فرايبورج في مصادفة غريبة، بالتسجيل في اليوم العالمي للسرطان.
وبالوصول إلى شهر يناير/كانون ثان الماضي، عانى هالر من إصابة في الكاحل، منعته من المشاركة في أول 3 مباريات رفقة كوت ديفوار في البطولة.
ولكن مهدت تلك الإصابة، عودة هالر في صورة “بطل منتصر” بعد نهاية مرحلة مجموعات كارثية لكوت ديفوار، خسرت فيها مرتين، من بينهم الهزيمة الأكبر على الإطلاق على أرضها بالسقوط أمام غينيا بيساو برباعية نظيفة.
وبعد إقالة المدرب وتأهل كوت ديفوار بسيناريو درامي كأفضل ثوالث، ظهرت أهمية هالر في ظل عدم تسجيل الأفيال سوى هدفين في دور المجموعات.
وشارك هالر في ثمن النهائي أمام حامل اللقب السنغال كبديل، ومرر كرة إلى نيكولاس بيبي، جاءت منها ركلة جزاء دفعت المباراة لركلات الترجيح التي سجل خلالها هالر، لتتأهل كوت ديفوار إلى ربع النهائي.
كما شارك هالر في ربع النهائي كبديل مرة أخرى، قبل أن يشارك أساسيًا في نصف النهائي ويسجل هدف الانتصار، لينجح في التسجيل على الرغم من فشله في التسجيل على مدار 11 مباراة خاضها في الدوري رفقة دورتموند هذا الموسم، قبل أن يسجل من جديد في النهائي.
وجاء ذلك بعد أن ولد هالر في فرنسا لأب فرنسي وأم إيفوارية، ومثل فرنسا في جميع المراحل السنية من تحت 16 عامًا وصولا إلى منتخب تحت 21 عامًا.