لايزال حب الخيل متجذر عند العرب متوارث من الأجداد إلى الأحفاد يتشرب عبق أصالته جيلاً بعد جيل إرث ثمين لم يختفي منه اثر ملامح فرسان الجزيرة الأوائل الذين نقش التاريخ أسماؤهم بقوة في ذاكرتنا ومن أشهر هذه الأسماء المخلدة عنترة بن شداد وجواده الأبجر المرافق له في مسيرته البطولية مروراً بالزير سالم الذي خاض ملاحم القتال والشعر معا صحبة جواده المشهر تم نسترسل بذكر الفارس المغوار بسطام بن قيس الذي يرجع نسبه لأسد بن مرة المشتهر بالشجاعة والإقدام مع جواده زعفران ولا ننسى إسم الفارس الشاعر المخضرم ملهم الشجاعة والقوة أيضاً عمر بن كلثوم ونقف على أبيات شعر له وهو يتغنى بها :
جلبنا الخيل من جنب أريكٍ
إلى القلعات من أكناف بعرِ
ضوامر كالقداح ترى عليها
يَيسَ الماء من حوٍّ وشقرٍ
فلا تكتمل شجاعة ولا تتم مروءة دون وجود الخيل والبراعة في تربيتها وتعليمها والحفاظ عليها لذا كانت الرجولة ولا زالت متلازمة للخيل الأصيلة والكلمة المؤثرة والمواقف الحرة لتظهر لنا كاملة وتقدم قالب الرجولة والنخوة التي خلدها التاريخ في اذهان البشر، هكذا ارتبط عشق الخيل وشغف الفروسية والشعر والشجاعة برباط وثيق منتقلاً وممداً إلى حاضرنا ونراه بارزاً وبقوة ونلتمس جماله في وقتنا الحالي متمثلاً في مبادرات ملفتة ومميزة بدأت بدعم تربية الخيول والإهتمام بها وتدريبها ورعايتها وإنشاء مسابقات سنوية لها متعددة ومتنافسة في ميادين مختلفة محلية وعالمية يتنافس بها نخبة كبيرة من الخيالة والفرسان والجياد العربية الأصيلة في دول الخليج العربي ومختلف دور أندية الفروسية منها ما يتزامن الآن في وقتنا الحالي بمواسم تنافس الفروسية بالمملكة العربية السعودية سباق موسم الرياض الذي يضم نخبة كبيرة وعديدة ومتميزة مما يجعل المنافسة ضخمة ومحتدمة بين الفرسان والجياد العربية الأصيلة حفاظا منها على الإرث العربي والثقافي بين فرسان المملكة وشعرائها حيث برز من هذه الأسماء اللامعة التي ظهرت بشكل أنيق ومميز وبسن مبكر عرف بحبه للخيل وعشقه لها وللشعر الفارس الشاب محمد بن سلطان آل سعود
الذي اشتهر بتربية الخيل ورعايتها لها بشكل متواصل ومستمر فلم يغب يوما عنها وعن وجودها بحياته حتى أصبحت ونيست يومه ورفيقة دربه أعطاها جل وقته وقدمها لخوض منافسات عدة لتعطيه جمال هيبتها وسرعة عدوها بادلها الحب والود فبادلته التفوق والفوز، حصد من خلال جياده جوائز قيمة منها كأس ميادين السعودية وكأس خادم الحرمين الشرفين، ومن أشهر أسماء خيله الأقرب لقلبه حباً “أمسياتي” التي تفوقت بسباق الخيل، كما حصدت فرسه قمرا المحمدية في سباق موسم الرياض المقام حالياً المركز الأول بالشوط الحادي عشر ، هذه الوجوه الشابة المحافظة على رعاية الخيل والشعر والفروسية من الإندثار لتكمل مواصلة مسيرة ثقافتنا العربية من التبدد والضياع وتحمل في طياتها اصالة الماضي وازدهار الحاضر وإشراق المستقبل، لتقدم لنا عراقة ممتعة في زمن انقطع شبابه عن ماضيه وتقمص بطابع الغرب وانسلخ عن هويته ،هنيئاً لمن احتفى بالخيل وحافظ عليها وقدمها لنا وللعالم بصورتها العريقة والمشرفة.