أبوظبي – الوحدة:
ضمن الفعاليات الجانبية المتزامنة مع المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية، نظم مركز تريندز للبحوث والاستشارات ندوة نقاشية علمية بعنوان “التجارة الحرة وتحديات التكامل الاقتصادي الإقليمي” في مركز أبو ظبي الوطني للمعارض.
شارك في الندوة كل من سيمون بيني، رئيس قطاع الشرق الأوسط، جيمكورب كابيتال، والدكتور جيمس موانجي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمجموعة إيكويتي جروب هولدينجز بي إل سي، واللورد إدوارد أودني ليستر، الرئيس المشارك البريطاني لمجلس الأعمال الإماراتي البريطاني، ومستشار أول لبنك إتش إس بي سي، وستيفن سكاليت المستشار العلمي، بقطاع تريندز جلوبال، والباحثتين موزة المرزوقي، مديرة قسم الدراسات الاقتصادية، ومريم الجنيبي.
وقال الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية رئيس المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية: “يحتل موضوع ’التجارة الحرة وتحديات التكامل الإقليمي الاقتصادي‘ مكانة رئيسية ضمن القضايا التي تتم مناقشتها في المؤتمر الوزاري الثالث عشر هذا الأسبوع. ويهدف هذا الحدث العالمي المهم الذي تحتضنه العاصمة الإماراتية أبوظبي إلى توسيع فوائد التجارة لتشمل جميع الدول التي تسعى إلى تحقيقها، لذلك فإن فهم العوائق التي تحول دون مشاركة العديد من الدول الأقل نمواً أو بعض الشركات من القطاع الخاص بشكل كامل في التجارة العالمية يشكل عنصراً أساسياً في عملية صنع السياسات. ومع استمرار العالم في مواجهة اضطرابات سلاسل التوريد ومتطلبات التكنولوجيا الجديدة، فمن الضروري الجمع بين الآراء المستنيرة ورؤى الخبراء لاقتراح الحلول وتوفير مسارات جديدة لأقل البلدان نموًا على وجه الخصوص”.
وأكد المتحدثون أن التجارة الحرة تمثل أساساً للتكامل الاقتصادي الإقليمي وتعزيز النمو الاقتصادي والتعاون بين الدول.
وقالوا إن هناك العديد من التحديات التي تواجه التكامل الاقتصادي الإقليمي، مثل تقلبات أسعار الصرف، ونقص التمويل، والحواجز الفنية في وجه التجارة، وأوصى الخبراء الأربعة بضرورة تعزيز التعاون الدولي في مجال التجارة الحرة، إضافة الى تطوير استراتيجيات لإدارة مخاطر أسعار الصرف، وزيادة الاستثمارات في البنية التحتية لتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي، مشددين في هذا الصدد على أهمية دعم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وإزالة الحواجز الفنية في وجه التجارة.
كما طالبوا الحكومات بتحديد أهدافها وتوقعاتها بوضوح لمشاريع البنية التحتية، بما في ذلك النتائج المرجوة وتوزيع المخاطر.
وشددوا على أهمية وضع أطر قانونية وتنظيمية قوية لتنظيم الشراكات بين القطاعين العام والخاص، لضمان الشفافية والمساءلة وآليات حل النزاعات، إضافة الى تسهيل الاستثمار من خلال التمويل المختلط لجذب الاستثمار من القطاعين العام والخاص، وتنفيذ آليات مثل الضمانات أو الإعانات أو ترتيبات تقاسم الإيرادات لتحفيز مشاركة القطاع الخاص، وإعطاء الأولوية للتخطيط الرئيسي والاستثمارات الاستراتيجية، وتخصيص الموارد للتخطيط الشامل لتحديد نطاق المشروع وقابليته للتطبيق والمخاطر المحتملة.
وأكد المشاركون في توصياتهم أهمية التركيز على التمويل العام على الجوانب الحاسمة، مثل التخطيط الأولي وتطوير البنية التحتية، وإشراك القطاع الخاص في تخفيف المخاطر المرتبطة بالمشاريع واسعة النطاق، والاستفادة من خبرتهم في إدارة المشاريع والابتكار والكفاءة، وأكدوا أهمية تشجيع الابتكار وضمان الشفافية وتنفيذ آليات صارمة للمراقبة والتقييم وتعزيز التعاون الدولي للوصول إلى مصادر متنوعة من رأس المال والخبرة، وإنشاء منصات لتبادل المعرفة وبناء القدرات لتعزيز فهم أفضل الممارسات في تنفيذ الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
وكانت أعمال الندوة قد بدأت بكلمة ترحيبية، للدكتور محمد العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، أكد فيها أهمية هذه الندوة، مشيراً إلى أنها تمثل ثمرة جديدة من ثمرات الاهتمام البحثي لمركز تريندز بموضوع التكامل الاقتصادي الإقليمي، وتأتي ضمن أهدافه البحثية لتحليل فرص ومقومات هذا التكامل الإقليمي ورصد تحدياته وسبل التغلب عليها.
وأضاف أنه رغم تنوع ركائز التكامل الاقتصادي الإقليمي ما بين التجارة الحرة والاستثمارات التي توفر الوظائف والتعاون التقني الموّطن للمعرفة، تظل لأنشطة التجارة مكانة خاصة لتعبر عن عمق الروابط والتشابكات الاقتصادية بين دول الإقليم.
وأشار الدكتور محمد العلي إلى أنه وفي الوقت الذي تمثل فيه التجارة الحرة حجز الزاوية لترسيخ تكامل إقليمي متطور ومستدام، أصبح الاقتصاد الإماراتي اللاعب الأول إقليمياً في تحرير التجارة وتوسيع نطاقها إقليمياً ودولياً؛ إذ وصل حجم التجارة الخارجية الإماراتية خلال العام الماضي 2023 لنحو 3.5 تريليون درهم إماراتي.
وقال إنه انطلاقاً من هذه الريادة الإماراتية في تهيئة بيئة الأعمال أمام التجارة الحرة وفي تمكين السياسات التجارية الملائمة لتعزيز أنشطة التصدير والاستيراد، نتوقع أن تتركز مناقشات ندوتنا الحالية على الاستفادة من دروس هذه التجربة في كيفية تعزيز تنافسية الصادرات إقليمياً، وفي دعم الوصول للتمويل التجاري في قارة أفريقيا، وفي تعميق التعاون بين القطاعين العام والخاص في دول الإقليم.
وأعرب الدكتور العلي عن أمله في أن تخرج الندوة برؤى ثاقبة للباحثين وتوصيات قيمة وحلول تساعد على فهم اقتصادي متعمق للتحديات التجارية أمام الإقليم وسبل التغلب عليها.
عقب ذلك بدأت أعمال الندوة التي قدمت لها الباحثة مريم الجنيبي واستهلت بكلمة لمديرة الندوة الباحثة موزة المرزوقي، حيث حددت محاورها وهي أسعار الصرف والقدرة التنافسية للصادرات، واستكشاف مدى توافر التمويل.. دروس مستفادة من أفريقيا، ودور الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تعزيز التعاون الاقتصادي، والتحديات الرئيسية والحلول الممكنة لتفعيل التعاون بين القطاعين العام والخاص في السياق الإقليمي.
وقال ستيفن سكاليت، مستشار قطاع تريندز غلوبال، في مداخلة حول أسعار الصرف والمنافسة في مجال الصادرات، إن الاستقرار المالي أولوية في ظل عدم الاستقرار العالمي. وأضاف أن السياسة النقدية الوطنية يجب أن تركز على استقرار النظام المالي والاقتصاد.
وحذر سكالت الشركات من الاقتراض الكبير بالعملات الأجنبية بسبب تأثير التقلبات السعرية على ميزانياتها، ونصح بالاعتماد على العملة المحلية.
وأوصى بتخفيف مخاطر الصرف من خلال إنشاء منشآت إنتاج محلية في أسواق التصدير الخارجية وفوترة الزبائن بالعملة المحلية للمنتجات.
وأوضح أنه للبقاء في المنافسة، على الدول التركيز على تنمية قطاعات التكنولوجيا النظيفة والمركبات ذاتية القيادة وأشباه الموصلات والروبوتات وغيرها من الصناعات التكنولوجية الناشئة.
واستشهد سكالت بنماذج تاريخية ناجحة، مثل كوريا الجنوبية وتايوان وفيتنام والصين، التي حققت نمواً اقتصادياً من خلال صادرات القطاعات الصناعية.
وأكد أهمية استقرار أسعار الصرف لتعزيز التجارة والاندماج الاقتصادي الإقليمي، وجذب الاستثمارات، وبناء الشراكات الاقتصادية الاستراتيجية.
وأشار إلى آفاق تجارية واعدة، حيث تشير التوقعات إلى نمو سريع في التجارة بين آسيا ودول مجلس التعاون الخليجي، إذ يُتوقع أن تصل إلى 480 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030، ما يجعل آسيا أكبر شريك تجاري لدول مجلس التعاون الخليجي.
بدوره تطرق السيد سايمون بيني، رئيس مجموعة سي إم جي في الشرق الأوسط بشركة جيمكورب كابيتال والمفوض التجاري السابق لحكومة المملكة المتحدة في الشرق الأوسط، إلى الاستثمار في الأسواق الناشئة، وتحديداً الأسواق الأفريقية. وقال إنه على الرغم من الخطوات العملية في اتفاقيات التجارة الحرة، فإنها تعتبر نوعاً صعباً جداً من الاتفاقيات مع اعتبارات سياسية عميقة.
وحول الاستثمار في أفريقيا بين أنه من المهم للغاية الاستثمار في الأسواق الناشئة، خاصة الأسواق الأفريقية، لأنها أسواق كبيرة جداً تضم 54 دولة. كما توفر أفريقيا، بتنوعها الاقتصادي خلفية غنية لدراسة التحديات والنجاحات في تعزيز الوصول إلى التمويل في سياق التكامل الاقتصادي الإقليمي.
وأكد أن دولة الإمارات العربية المتحدة خاصة، ودول الخليج عامة، تعتبر لاعباً مهماً في تمويل الاستثمارات في أفريقيا، ليس فقط لأسباب اقتصادية، ولكن أيضاً لأسباب سياسية.
ولفت إلى أن أفضل القطاعات للاستثمار في أفريقيا هي الزراعة والمعادن.
من جانبه أكد الدكتور جيمس موانغي أن المشاركة المالية تعتبر أمراً أساسياً من أجل إحداث تحول في أفريقيا، وذلك من خلال إتاحة وصول الأفراد إلى الأدوات المالية وتمكينهم من المشاركة في الاقتصاد وتعزيز التجارة والتكامل والنمو الشامل.
وبين أنه بينما توجد تحديات من قبيل ضيق سبل الوصول والتعليم والبنى التحتية، تكمن الحلول في اعتماد نهج متعدد الركائز، مشيراً إلى أن ذلك يشمل تثقيف الناس بشأن الأدوات المالية، وبناء نظم مأمونة وشفافة، والجمع بين سبل الوصول والتثقيف وتخفيف المخاطر.
وذكر أن كينيا وجنوب أفريقيا تُعتبران مثالين على الأثر الإيجابي، كما أن المشاركة المالية تمهد الطريق من أجل إنشاء أفريقيا تتسم بمزيد من التكامل والاستدامة والاستقرار بما يعود بالنفع على العالم أجمع.
إلى ذلك تطرق اللورد إدوارد أودني ليستر إلى دور الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي. وأشار إلى تأسيس مجلس التجارة الإماراتي البريطاني منذ سنوات بهدف تذليل العقبات التجارية وتوطيد العلاقات الثنائية.
وأكد أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تمويل المشاريع الكبرى، مستدلاً بحاجة الدول إلى استثمارات القطاع الخاص لمشاركة الابتكار وتقاسم المخاطر المالية. وأوضح أن التمويل المشترك، الذي يجمع بين المال العام والخاص، يُعد الحل الأمثل لتحقيق الأهداف المرجوة.
وشدد على ضرورة وجود إطار عمل مناسب لنجاح الشراكة بين القطاعين، مع أهمية تحديد الحكومة أهدافها بوضوح وتوفير التمويل الكافي، بالإضافة إلى ضمان وجود مصدر دخل واضح للجميع. وخلص اللورد إلى أن هذه الشراكة تُعد النهج الأفضل للدول الراغبة في تنفيذ مشاريع البنية التحتية الضخمة وجذب رؤوس الأموال الدولية.
بعد ذلك تمت مناقشة التحديات والحلول المتعلقة بالتجارة الحرة والتكامل الاقتصادي الإقليمي.