شهر رمضان في قطر أجواء احتفالية تمتزج بروح التراث الشعبي
الدوحة-(د ب أ):
تكتسي شوارع وأسواق وساحات قطر طوال شهر رمضان بأجواء احتفالات واسعة تستقطب الرواد من مختلف جنسيات العالم سواء من المقيمين في قطر أو القادمين إليها من الخارج للاستمتاع بهذه الأجواء ذات الطبيعة الخاصة.
وفي منطقة الميناء القديم وعلى امتداد شهر رمضان يقام مهرجان” أكل أول” الذي يتناغم مع أجواء حي المينا القديم، وهو عبارة عن احتفاء بالتقاليد العريقة التي نسجت ذكريات المجتمع الغنية في دولة قطر ، حيث يتيح فرصة قضاء أجمل الأوقات مع العائلة والأصدقاء، وتذوّق مجموعة متنوعة من المأكولات الشهية من مطاعم محلية ويستمر المهرجان حتى 10 نيسان/أبريل المقبل ويشارك فيه أكثر من 50 مطعما تقدم وجبات تقليدية مع عشرات من دول العالم.
وكانت هذه المنطقة تعرف سابقا باسم ميناء الدوحة ، والتي تم تطويرها وتحويلها إلى وجهة سياحية للمقيمين والوافدين في قطر. إذ يتميز بمبانيه المطلية بألوان باستيل وطابعه المعماري ، ويضم ما كان يعرف بـ “ميناء الدوحة القديم” والذي بات الآن يحوي محطة كبرى لرسو السفن السياحية العملاقة خلال موسم الشتاء. ويضم “ميناء الدوحة القديم” حاليا مطاعم من بلدان وثقافات مختلفة وسوقا كبيرا للأسماك.
وغير بعيد عن حي الميناء القديم يوجد سوق واقف في قلب العاصمة القطرية وهي أحد أعرق الأسواق في قطر ومنطقة الخليج. ورغم أن سوق واقف مقصد سياحي مهم طوال العام فإن جاذبيتها تزداد خلال شهر رمضان.
وتقول المواطنة الأمريكية كلوي التي عاشت معظم حياتها في كاليفورنيا بالولايات المتحدة، والتقت بها وكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) اثناء تواجدها في سوق واقف إنها حطت رحالها في قطر في توقف لمدة 36 ساعة فقط لرحلتها على متن الخطوط الجوية القطرية من كينيا إلى إيطاليا حيث تقيم مع عائلتها، وقررت الاستجابة لنصيحة أصدقائها بالحجز على الخطوط القطرية والاستمتاع بساعات التوقف في قطر خاصة في رمضان للاستمتاع بالأجواء والاستفادة من السفر على طائرات واسعة ومريحة وبسعر جيد.
وتظهر بيانات “قطر للسياحة” أن البلاد استقبلت أكثر من أربعة ملايين سائح خلال عام 2023، متجاوزة بذلك أرقاما قياسية لقطر.
كما أظهرت البيانات تدفقا ملحوظا للسائحين على قطر خلال شهر شباط/فبراير 2024، مسجلة 596 ألف سائح بزيادة 53% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وقالت كلوي لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن “كل ما في السوق هنا يأخذك لرحلة عبر الزمن”، مضيفة أنها تلف عبر أزقة السوق منذ ساعات ولم تشعر بالوقت.
وأضافت أنها قدمت لسوق واقف في الخامسة مساء لتأخذ مكانها وسط حشود تلتف في ساحة واسعة في مدخل السوق لمشاهدة “مدفع الإفطار”، قائلة إنها تجربة شاهدتها للمرة الأولى في حياتها. وتابعت أن الابتسامة كانت هي اللغة المشتركة على شفاه المتجمعين في الساحة على اختلاف ألسنتهم وخلفياتهم، قائلة إن كثيرين منهم اصطحبوا أطفالهم للاستمتاع بالتجربة.
وشُيدت “سوق واقف” في قلب العاصمة القطرية بالقرب من موقع “سوق الدوحة القديم” التي يعود تاريخها لأكثر من قرن من الزمن وتتميز “سوق واقف” بالجمع بين الأصالة والمعاصرة، إذ أن مبانيها وأزقتها تكتسي بالطين، ويجتمع في تشييدها الطين والأخشاب على الرغم من تزويدها بأحدث أجهزة الإنارة ومكافحة الحريق.
ولا يتوقف الطابع الخاص عند مباني السوق فقط، بل يمتد أيضا إلى زي أفراد الشرطة في السوق والمختلف عن زي أفراد الشرطة الحالي في مناطق قطر الأخرى، بينما يزخر السوق بعدد من المطاعم من المطابخ العالمية المختلفة والفنادق التي أخذت أيضا طابع المباني القطرية القديمة المميز.
أما المنطقة الثالثة التي تكتسي بطابع خاص في “رمضان الدوحة”، فهي “مشيرب قلب الدوحة” القريبة من سوق واقف، والتي تقدم فعاليات كثيرة خلال رمضان، جاذبة إليها أعدادا كبيرة من السائحين والمقيمين في قطر سواء من المجتمع المحلي أو الأجانب.
وأصبحت “مشيرب قلب الدوحة” مركزاً مميزاً للفعاليات المشوقة خلال شهر رمضان باستضافتها أنشطة ترفيهية لجميع أفراد العائلة في كل من “ساحة البراحة” وشارع “سكة الوادي” للمشاة والمقامة في الهواء الطلق خلال واحد من أفضل شهور العام في قطر.
تزدان جنبات “سكة الوادي” بالأضواء الرمضانية المميزة التي تشكل في حد ذاتها منطقة جاذبة لمحبي التصوير، كما قالت “إيما”/34 عاما/ من بريطانيا لوكالة الأنباء الألمانية(د.ب.أ) وهي تلتقط بعدسة كاميرتها الحياة النابضة في المكان.
إيما قالت إنها في زيارة لأصدقائها في قطر لأسبوع، مضيفة أنه كانت لديها تخوفات من عدم اكتمال التجربة لتزامنها مع شهر رمضان، إلا أن الأجواء الرائعة في أنحاء قطر أضفت طابعا مميزا على عطلتها القصيرة.
وتحوي المنطقة العديد من المعارض والأنشطة الثقافية وورش العمل، وغيرها من العروض، وبينها تجارب الفنون والحرف اليدوية للأطفال والعائلات والتي تمتد حتى الساعة الواحدة والنصف صباحا.
كما تستضيف براحة مشيرب، ورشا لسرد قصص تتناول موضوعات مختلفة حول رمضان، والعادات والتقاليد ، ومعرضا للصور الفوتوغرافية لعرض طقوس وأجواء شهر رمضان المبارك.
ومن “مشيرب قلب الدوحة”، يمكنك التوجه إلى كورنيش الدوحة حيث تتجمع عشرات العائلات من جنسيات مختلفة مع أطفالها للاستمتاع بالأجواء الرائعة والتوقف أحيانا للممارسة الرياضة على الأجهزة المبتكرة المنتشرة بطول الكورنيش على مسافة نحو 6 كيلومترات.
وتحدثت زنيرة حفيظ، من باكستان، لوكالة الأنباء الألمانية(د.ب.أ) وقالت إنها تناولت الإفطار مع عائلة أختها المقيمة في الدوحة في أحد المطاعم الباكستانية، ثم جاءت لتستمع بالأجواء والمشي على الكورنيش بعد وجبة ثقيلة.
ومن منطقة الدفنة في نهاية الكورنيش، تأخذك طريق سريعة وواسعة بأكثر من 5 مسارات إلى مناطق “الحي الثقافي كتارا” ومدينة “اللؤلؤة” ومدينة “لوسيل” حيث تجارب متباينة ومتنوعة.
وتزخر منطقة كتارا بأجواء رمضانية ذات طابع عربي وإسلامي بارز، إذ يستضيف مسجد الحي والأيقونة المعمارية والذي يعرف بالمسجد الأزرق فعاليات ودروس دينية عديدة خلال صلاة التراويح، فضلا عن مسابقة للقرآن الكريم، بينما تستضيف أماكن أخرى داخل كتارا فعاليات للشعر والإلقاء.
ولم تتوقف فعاليات الدوحة الرمضانية على العاصمة الدوحة وضواحيها، ففي جنوب قطر ينبض سوق الوكرة القديم على ضفاف الخليج الرملية بالحياة، جامعًا بين طابع الأصالة في مبانيه ومتاجره المبنية بالطين والخشب على الطراز المعماري القديم لقطر، وبين الحداثة في مطاعم من مختلف المطابخ العالمية ونظم إضاءة وأمان متطورة ، وتحت تنظيم كلاً من قطر للسياحة ومزرعة حينة سالمة يستضيف السوق معرض رمضان في فندق سوق الوكرة، وتضم فعاليّات رمضان أكثر من 40 كشكًا تحتوي على المنسوجات والأدوات المنزليّة والألعاب المصنوعة يدويًّا والفنون والحِرف اليدويّة والعطور والأزياء.