رمضان في الجزائر…جدال، توبة واستقرار غير مسبوق

الجزائر-(د ب أ):
تبدو الأجواء هادئة في الجزائر بعد انقضاء الأسبوع الأول من رمضان، فرغم بطء النشاط الاقتصادي المنتظر، تعرف أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع استقرارا واضحا بعد صعود ناري في الأيام الأولى للشهر الفضيل، وهو المشهد الذي خفف الضغط بعض الشيء على السلطات الحكومية مقارنة بالأعوام السابقة، وحتى على العائلات ذات الدخل المتوسط.
يتوالى رمضان ولا يتشابه، هكذا كان انطباع بعض الجزائريين ممن تحدثت إليهم وكالة الأنباء الألمانية (د.ب. أ)، وهو ما أشار إليه حسين، الذي تجاوز العقد الخامس والذي اعتاد التسوق بحي يوزريعة في أعالي العاصمة الجزائرية، عندما قال إنه لمس وفرة في منتجات الخضار والفواكه بأسعار معقولة نسبيا، مرجعا الأمر إلى ” إيجابية الموسم الزراعي، و” صحوة ضمير” بعض التجار والباعة. وضع أشاد به مصطفى، أحد كوادر الإدارات الحكومية بولاية جيجل شمالي البلاد، مؤكدا أن رمضان هذا العام لا يشبه سابقيه.

حاولت الحكومة من خلال خطوات استباقية ضبط السوق، من ذلك قرار استيراد كميات كبيرة من اللحوم الحمراء والبيضاء، لكن الوضع لم يتغير إلى النحو المأمول تماما، حيث بقيت المؤشرات خاصة بالنسبة للحوم البيضاء في مستويات مرتفعة، وضع لم يشجع الناس لا على المقاطعة ولا على العزوف.
بيد ان الحكومة وجدت في شريكها، مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري، وهو منظمة تضم أرباب عمل من القطاع الخاص، سندا قويا لمرافقة خطتها في ضمان استقرار السوق والجبهة الاجتماعية، من خلال قرار أعضائه بخفض أسعار الفائدة على عشرات المنتجات المصنعة محليا.

غياب الإبداع وضع البرامج الرمضانية في عين الإعصار
مثلما جرت العادة، استحوذت البرامج الرمضانية التي تبثها التلفزيونات الحكومية والخاصة على اهتمام قطاع واسع من العائلات الجزائرية، وأصبحت مع مرور الزمن أداة قوية لقياس اتجاهات الرأي العام حول عديد القضايا الاجتماعية وحتى السياسية.

لكن وزير الاتصال (الإعلام)، الدكتور محمد لعقاب، النشط جدا، لم يجد حرجا، في استدعاء مدراء هيئات التلفزيونات لإبداء عدم رضاه على محتوى البعض منها كون يرامجها ” تضمّنت لقطات غير مناسبة وغير متوافقة مع التقاليد الاجتماعية الجزائرية وحرمة الشهر الفضيل”، معترفا في نفس الوقت أن معظم التلفزيونات “تجاوزت الحدود المهنية والأخلاقية”.

لكن ممثل الحكومة لم ينتقد فقط المحتوى رغم انه قدّر انه يجوز انتقاد المجتمع لكن بالكيفية المناسبة”، معترفا ان “المسلسل أصبح هو من يقطع الإعلان وليس العكس”، في إشارة إلى البحث عن الربح التجاري على حساب ذوق العام للمشاهد.

وإذا كان مسلسل ” البراني” الذي يبثه تلفزيون ” الشروق” اثار جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب تضمنه لمشاهد فُمهت على انها تروج للمخدرات، فان مسؤول في التلفزيون الحكومي تحفظ على ذكر اسمه كشف عن تحقيق مشاهدة قياسية تمثلت في 40 مليون شخص، لافتا أن مسلسلات ” العربجي” و ” انتقام الزمن”، و”حياة”، جعلت من شاشته ” تلفزيون العائلة” بامتياز يراعي ” ملامح الهوية الجزائرية، ويحاكي الواقع الجزائري، وبلمسة درامية جزائرية وعربية، وبجودة إنتاجية متميزة”.

توبة سولكينغ وصلاة التراويح

لا يخلو شهر رمضان من النفحات الإيمانية في الجزائر وفي غيرها من الدول الإسلامية الاخرى، لكن اللافت هذه المرة هو الإقبال الكبير على بيوت الله لأداء صلاة التراويح، حيث سجل مثلا جامع الجزائر الذي صنفته السلطات كثالث أكبر مسجد في العالم، توافد عشرات الآلاف يوميا محطما في كل مرة رقم قياسي جديد.
وأمام هذا الاقبال الجماهيري، تخلى بعض الائمة عن “تحفظهم” وراح بعضهم ينتقد بصوت عال البرامج والمسلسلات التلفزيونية والحفلات التي تفسد على ” المؤمنين” تقربهم من الله في هذا الشهر المبارك.

طيف ” التوبة” في رمضان وصل مداه إلى المغني العالمي الجزائري الأصل” سولكينغ”، الذي أطلق تصريحات مدوية عندما قال إن ” الموسيقى حرام”، وانه يفكر في اعتزال الغناء في يوم ما.

قد يصعب للتو التعرف على مدى تأثير تصريحات ” سولكينغ” المنحدر من عائلة جزائرية محافظة على محبيه، لكن ما هو ثابت ان “مآسي” رمضان لا زالت تحيد المزيد نت الضحايا سواء تلك المتعلقة بحوادث السير أو الجرائم الأسرية مثل ما تم تناقله عن اقدام زوج على ذبح زوجته البالغة من العمر 23 عاما في بيت الزوجية بمدينة عين مليلة شرقي الجزائر، قبل أن يسلم نفسه طوعا للشرطة، تاركا ابنه البالغ من العمر 3 أشهر…يتيم الأم.