“السواك” من سنن المرسلين وجائز للصائم في نهار رمضان
السواك من سنن المرسلين، مرغب فيها في جميع الأوقات ويدخل في ذلك نهار رمضان، وهو مستحب في كل وقت وحين، ولكن يتأكد استحبابه عند الوضوء والصلاة، وعند القيام من النوم، وعند تغير رائحة الفم، ودخول المنزل وقد عد له العلماء العديد من الفوائد، ولو لم يثبت في فضله إلا أنه مطهرة للفم مرضاة للرب لكفى. اختلف العلماء في السواك للصائم في أمور، منها الوقت فقال بعضهم إنه مستحب من أول النهار إلى آخره، وهذا مذهب العامة من أهل العلم، أبي حنيفة، ومالك، ومن وافقهما استدلالا بحديث عامر بن ربيعة: «رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي يتسوك وهو صائم»، قال الترمذي والعمل على هذا عند أهل العلم، لا يرون بالسواك للصائم بأسا، إلا أن بعض أهل العلم كرهوا السواك للصائم بالعود الرطب، وكرهوا له السواك آخر النهار، ولم ير الشافعي بالسواك بأساً أول النهار وآخره، وكره أحمد وإسحاق السواك آخر النهار وقال البعض الآخر يكره بعد الزوال واستدلوا على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفس محمد بيده، لَخَلُوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك»، قال الشافعي أحب السواك عند كل وضوء، بالليل والنهار، وعند تغير الفم، إلا أني أكرهه للصائم آخر النهار من أجل الحديث في خلوف فم الصائم، وقال القرطبي أجاز كافة العلماء للصائم أن يتسوك بسواك لا طعم له في أي أوقات النهار شاء. وأجاز بعض أهل العلم للصائم أن يستاك بسواك يابس، وكره له السواك الرطب، ولا فرق عندهم بين أول النهار وآخره كما أجاز العامة من أهل العلم أن يستاك الصائم بما تيسر له من سواك رطب كان أم يابسا، بل الرطب أفضل وأرفق بالفم من اليابس وعلة مدح الخلوف التحذير من التقزز والتقذر من مكالمة الصائمين بسبب الرائحة المنبعثة من أفواههم، وليس بقاء هذه الرائحة، ولهذا فإن إزالتها لا تنافي مدح الخلوف. السواك للصائم سنة، ولا حجة مستقيمة لمن قال إنه يُكره أن يتسوك الصائم بعد الزوال، لأن الأدلة في مشروعية السواك عامة، ليس فيها ما يدل على التخصيص، وعلى هذا فالتسوك للصائم مشروع، كما أنه مشروع لغيره أيضاً. وقال ابن عثيمين في «فتاوى أركان الإسلام» الصواب أن التسوك للصائم سنة في أول النهار وفي آخره، وجاء في «الفتاوى السعدية» والسواك سنة للصائم في جميع النهار وإن كان رطبا، وإذا استاك وهو صائم فوجد حرارة أو غيرها من طعمه فبلعه أو أخرجه من فمه وعليه ريق ثم أعاده وبلعه فلا يضره. وأما استعمال الفرشاة والمعجون للصائم فلا يخلو من حالين إحداهما أن يكون قويا ينفذ إلى المعدة، ولا يتمكن الإنسان من ضبطه، فهذا محظور عليه، ولا يجوز له استعماله، لأنه يؤدي إلى فساد الصوم، وما كان يؤدي إلى محرم فهو محرم، وعلى الأقل إنه يكره، والثانية إذا كان ليس بتلك القوة ويمكنه أن يتحرز منه، فإنه لا حرج عليه في استعماله، لأن باطن الفم في حكم الظاهر، ولهذا يتمضمض الإنسان بالماء ولا يضره، فلو كان داخل الفم في حكم الباطن لكان الصائم يمنع من أن يتمضمض، ويجوز استعمال الماء والمعجون في تنظيف الأسنان في نهار الصيام، ما لم يدخل من ذلك شيء إلى الجوف لأن المفسد للصيام هو دخول شيء للجوف من منفذ مفتوح.