غزوة “بنى قينقاع”.. حين انتصر النبي لشرف سيدة مسلمة من غدر اليهود
وقعت غزوة بني قينقاع يوم السبت للنصف من شوال في السنة الثانية للهجرة بعد معركة بدر؛ إذ لم يلتزم يهود بني قينقاع بالمعاهدة التي أبرمها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ معهم، ولم يلتزموا ببنودها، ووقفوا ضد الرسول والمسلمين مواقف عدائية، حيث أظهروا الغضب والحسد عندما انتصر المسلمون في غزوة بدر، وجاهروا بعداوتهم للمسلمين.
ولما استشعر الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ منهم ذلك، جمعهم في سوقهم بالمدينة، ودعاهم للإسلام، وحذرهم أن يُصيبهم ما أصاب قريش، إلا أنهم واجهوه بالتحدي والتهديد برغم ما يفترض أن يلتزموا به من بنود الطاعة لبنود المعاهدة التي جعلتهم تحت رئاسته.
أخذ يهود بني قينقاع يتحينون الفرصة لمناوشة المسلمين، وجاءت لهم الفرصة الحقيرة حيث إنه كانت إحدى المسلمات فى سوقهم بالمدينة تشترى ذهبًا لها، فقام أحد اليهود بربط طرف جلبابها فى الكرسى الذى تجلس عليه، ولما قامت ارتفع ثوبها وكشف عن عورتها فضخكوا عليها فصاحت، فوثب رجل من المسلمين وانقض عليه وقتله، وشدت اليهود على المسلم فقتلوه.
غضب المسلمون، وحين علم النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ بذلك سار إليهم على رأس جيش من المهاجرين والأنصار، وحين علم اليهود بذلك تحصنوا فى حصونهم، فحاصرهم النبى خمسة عشر يوما، وقذف الله فى قلوبهم الرعب بعد أن فاجأهم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأسلوب الحصار الذى قطع فيه كل مدد، وجمد حركتهم فعاشوا فى سجن؛ مما جعلهم فى النهاية ييأسون من المقاومة، فبعد ان كانوا يهددون الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإذا بهم يضطرون للنزول على حكمه.
وأطلق الرسول سراحهم وأمر بإجلائهم، وغنم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمسلمين ما كان لديهم من مال، وقام بهذه المهمة محمد بن مسلمة، وحاول عبد الله بن أبى بن سلول (رأس المنافقين) أن يٌحدث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى أمر بقائهم فى ديارهم، إلا أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ رفض ذلك تمامًا، وأمر بإجلائهم، وغنم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمؤمنين ما كان لديهم من مال، وقد تولى جمع أموالهم محمد بن مسلمة.
وهكذا خرج بنو قينقاع من المدينة المنورة صاغرين، فقد ألقوا سلاحهم وتركوا أموالهم غنيمة للمسلمين، وهم كانوا من أشجع يهود المدينة وأشدهم بأسًا وأكثرهم عددًا وعده؛ ولذلك لاذت باقي القبائل اليهودية بالصمت والهدوء فترة من الزمن بعد هذا العقاب الرادع وسيطر الرعب على قلوبهم.