أبوظبي-الوحدة:
نظّم مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي ملتقاه العلمي الرمضاني الثاني تحت عنوان “الفتاوى الطبية المستجدة «رؤية حضارية وتطبيقات واقعية وقيم مستدامة»” بحضور سعادة الدكتور عمر حبتور الدرعي رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، ومدير عام مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي وعدد من المسؤولين من مختلف الجهات والمؤسسات في الدولة.
ويأتي الملتقى على غرار مؤتمر المستجدات العلمية الذي نظمه المجلس في نوفمبر الماضي تحقيقاً لأهدافه، ويهدف الملتقى إلى تفعيل أدوات الاجتهاد الحضاري من خلال مواكبة المسائل الطبية المستجدة وتطوراتها الواقعية وآثارها الإنسانية وفق مناهج معتدلة، وذلك بمناقشة عدد من الخبراء المختصين من الكادر الطبي والخبراء الشرعيين من الجانب الشرعي، بهدف بناء الفتاوى في المسائل الطبية على أُسس سليمة وتصورات دقيقة تساهم في تعزيز جودة الحياة، وتحافظ على الصحة العامة، وترفع الحرج والمشقة عن أفراد المجتمع لتأدية عباداتهم بروح إيمانية وسكينة وطمأنينة.
وتضمّن الملتقى جلستين علميتين أولها “نماذج من التطبيقات الطبية وأثرها على صناعة الفتوى”، وناقشت الجلسة محورين مهمين في المجال الطبي والشرعي والقانوني وهما (الموت الدماغي والإنعاش الكهربائي استيعابه العلمي والقانوني وفق رؤية إفتائية حضارية)، والمحور الثاني (غسيل الكلى تصوراته العلمية وأحكامه الإفتائية وآثاره على الصيام) وقد ناقش المحاور عدد من المختصين الطبيين والشرعيين والقانونيين.
وتناولت الجلسة الثانية موضوع “المنهج الإفتائي الحضاري في المسائل الطبية المستجدة” وجاء فيها ثلاثة محاور رئيسة وهي “الفتوى في المسائل الطبية بين التطورات والسياقات الواقعية العلمية”، والمحور الثاني “أهمية الاجتهاد المؤسسي في المسائل الإفتائية الطبية المستجدة” والمحور الثالث “المنهجية العلمية في المسائل الطبية الإفتائية من منطلق وثيقة أبوظبي في الاستيعاب الشرعي”
وقد سلّط المشاركون الأضواء على مجموعة من المخرجات والتوصيات ومن أهمها:
أولًا: إن مقاصد الأديان جعلت من حفظ الأنفس، واستدامة جودة الحياة وصحتها، ضرورة من الضروريات الكبرى، ومؤثرًا رئيسًا في إنتاج الفتوى، ويجب استصحاب هذا الأصل في الفتاوى الطبية لضمان سلامتها، وتحقيق قيم الرحمة والسماحة.
ثانيًا: إن الفتاوى الطبية المتعلقة بالصيام ينبغي العناية بها، واستيعاب مسائلها، والنظر في مستجداتها، من خلال التصور العميق المبني على الأسس والضوابط العلمية، وتقديم التوعية الإفتائية بأحكام المريض وخاصة الصائم؛ تحقيقًا لمقاصد التيسير والسماحة في أداء العبادات، المستمدة من ديننا الحنيف.
ثالثًا: يعد الرأي الطبي من المرتكزات الأساسية في صناعة “الفتوى الطبية”، وذلك عبر التكييف السليم، والتشخيص الصحيح الذي يعتمد على مشورة الأطباء المتخصصين، مع الأخذ في الاعتبار استيعاب واقع المريض المفضي إلى ترسيخ قيم الرفق، والأمل، وتجنب التشدد في إصدار المحتوى الإفتائي الموجّه للمرضى.
رابعًا: دعوة المؤسسات الإفتائية إلى ضرورة مواكبة المستجدات العلمية عامة، والطبية خاصة، وتجديد “أرشيف الإفتاء الطبي”؛ باعتبار التغيرات الطارئة، والمؤثرات الواقعية المبنية على التطورات العلمية والدراسات المعاصرة.
خامسًا: الحرص والعناية بفئات المرضى والاهتمام بهم، ولا سيما المرضى المقيمين في المستشفيات، وإيجاد المخرجات والحلول المناسبة التي تراعي حالهم وتلبي حاجاتهم، وفق الاعتبارات الشرعية، والكليات العامة؛ المبنية على مبدأ الرفق والرأفة بالمرضى، ورفع الحرج عنهم.
سادسًا: التأكيد على أهمية الرجوع إلى “وثيقة أبوظبي في الاستيعاب الشرعي للمستجدات العلمية” الصادرة عن المجلس، في تناول المستجدات العلمية الطبية، وضرورة التقيد بمضامينها، والالتزام بمحدداتها، وتنزيلها في مراحل إنتاج الفتاوى الطبية المعتدلة.
سابعًا: ترسيخًا للرؤية الحضارية التي يتبناها مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، أصدر الملتقى لوحة مرجعية بعنوان: “القِيَمُ الإيمانيةُ لجودةِ حياةِ المريضِ وسعادتِه”، متميزة بإخراج فني ولمسة جمالية، ورسم إبداعي، وتحتوي على أهم القيم والمبادئ، معززة لسعادة المريض، وهادفة إلى رفع معنوياته الإيمانية، ومراعية لمشاعره، ويوصي الملتقى بالعمل مع الجهات الصحية؛ لإيصالها إلى الفئات المستهدفة.
ثامنًا: إطلاق مبادرة وطنية كبرى على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة تهدف إلى تمكين ثقافة الشراكة بين العاملين في المجالين الطبي والشرعي، وتأسيس لجان تنسيقية مشتركة، وتبادل زيارات مستدامة، والوقوف عن قرب على أهم التحديات، والوصول إلى حلول تتواءم مع الواقع، وتخدم حال المرضى.
واختُتم الملتقى بتثمين جهود المشاركين من العلماء والخبراء وتلبيتهم الدعوة، وإسهاماتهم العلمية القيّمة في إنجاح أعمال هذا الملتقى، كما خص بالشكر والتقدير جميع فرق العمل والشركاء الاستراتيجيين من جهات ومؤسسات وطنية في مختلف المجالات: الطبية، والإفتائية، والتعليمة، والثقافية، والتطوعية.