أوروبا تواجه خطر نشوب حرب محتملة مع موسكو في خضم دعمها لأوكرانيا ضد الغزو الروسي

بروكسل  (د ب أ/إي إن آر) –

حذر رئيس وزراء بولندا دونالد توسك في مقابلة مع وسائل إعلام أوروبية الأسبوع الماضي، من أن “الحرب لم تعد مفهوما من الماضي، بل صارت واقعا”.

وقال توسك: “الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن جميع السيناريوهات قائمة. أُدرك أن الأمر يبدو مدمرا، خاصة بالنسبة لجيل الشباب، ولكن يتعين علينا أن نعتاد حقيقة أن عصرا جديدا قد بدأ: وهو عصر ما قبل الحرب.”
وجاء تحذير توسك في أعقاب رصد الجيش في بولندا مؤخرا انتهاك صاروخ روسي المجال الجوي للبلاد لمدة 39 ثانية، يوم 24 آذار/مارس الماضي. وكان انتهاك سابق وقع في كانون الأول/ديسمبر.

ودعا رئيسا لاتفيا إدجار رينكيفيتش، وإستونيا ألار كاريس، في مقابلة مع صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، الحلفاء الأوروبيين الآخرين إلى بذل مزيد من الجهد للاستعدادا لمواجهة مسلحة محتملة مع روسيا.”

وحث الرئيسان باقي الدول الأوروبية على دراسة كافة الأمور، من التجنيد الإجباري إلى فرض ضريبة خاصة للدفاع، وتعزيز الإنفاق العسكري بشكل كبير.

وأوضح الرئيس الإستوني كاريس إن أمريكا تمثل 68% من إجمالي الإنفاق الدفاعي داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو ما بلغ حوالي 860 مليار دولار العام الماضي، مقارنة بـ 404 مليارات دولار للأعضاء الأوروبيين، وكندا، وقال محذرا: ” يجب علينا أن نقوم بشئ ما، على الأقل نتقاسم (الإنفاق) النصف والنصف”.

دعم أوكرانيا يؤجج التوتر بين فرنسا وبولندا وألمانيا.

وقال المستشار الألماني أولاف شولتس يوم 20 آذار/مارس خلال لقاء مع توسك والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وسط خلافات عامة وتوترات بين ألمانيا وحلفائها حول أفضل السبل لدعم كييف: “سندعم أوكرانيا طالما اقتضت الضرورة”.

وكانت أوكرانيا حذرت من أن مخزون الذخائر لديها آخذ في النفاد في خضم التصدي للغزو الروسي، ولطالما طلبت من داعميها أن يوفروا لها المزيد من أنظمة الدفاع الجوي والذخيرة والصواريخ والطائرات.
وأعرب المستشار الألماني صراحة عن معارضته لتصريحات ماكرون التي قال فيها إنه يجب على الحلفاء داخل الناتو أن يتركوا الباب مفتوحا أمام إمكانية نشر قوات قتالية في أوكرانيا في مرحلة ما مستقبلا. وشدد شولتس على أنه سيضمن عدم مشاركة الحلف العسكري في القتال بشكل مباشر.

وردا على تعليقات الرئيس الفرنسي، قال شولتس: “بشكل واضح: كوني مستشار ألمانيا، لن أرسل أي جنود من البوندسفير (الجيش الألماني) إلى أوكرانيا.”

وواجه شولتس انتقادات دولية بسبب رفضه إرسال صواريخ كروز بعيدة المدى طراز توروس لأوكرانيا، حيث يقول إن ذلك من شأنه تصعيد حدة الصراع.

فرنسا تدفع باتجاه زيادة الإنتاج العسكري

وفي الوقت نفسه، تدفع الحكومة الفرنسية شركات الصناعات العسكرية لزيادة الإنتاج من أجل تلبية احتياجات جيشها ومواصلة الدعم لكييف، بعد أكثر من عامين من بدء روسيا غزوها الشامل لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022.

وقال وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو إن بلاده ستقوم بتسليم “المئات” من ناقلات الجند المدرعة والصواريخ المضادة للطائرات لأوكرانيا، في حزمة مساعدات جديدة لكييف كي تتصدى للغزاة الروس.

وقال الوزير في مقابلة مع صحيفة لا تريبيون الفرنسية: “من أجل الحفاظ على هذا الخط الأمامي الممتد، فإن الجيش الأوكراني بحاجة، على سبيل المثال، إلى مدرعات /في أيه بي/ التي لدينا : فهي ضرورية للغاية لتنقل القوات.”

وفي الوقت نفسه، يعتقد وزير مالية ألمانيا كريستيان ليندنر أن هناك مجالا لتخصيص ما يصل إلى 9 مليارات يورو (7ر9 مليار دولار) في الموازنة الاتحادية للبلاد، اعتبارا من عام 2028، لتعزيز ميزانية الدفاع.

وقال الوزير، الليبرالي، لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) إنه في ظل الإدارة المنضبطة للموازنة، ستكون نسبة الديون مجددا دون 60% من الناتج الاقتصادي الذي حدده الاتحاد الأوروبي.

وقال ليندنر: “حال الخفض إلى ما دون هذا الحد، يمكن مجددا مناقشة سداد ديون فيروس كورونا، وهو أمر مقرر بداية من 2028″، كي تذهب الأموال، بدلا من ذلك، إلى ميزانية الدفاع.

وكانت الحكومة الاتحادية في ألمانيا حصلت على قروض طارئة بنحو 300 مليار يورو خلال أعوام 2020 و2021 و2022 بسبب أزمة وباء كورونا وحرب أوكرانيا.

ومن المقرر فعليا بدء السداد في عام 2028، على مدار أكثر من 30 عاما. وبحسب الوزير، من المخطط، حاليا، سداد ديون بقيمة 9 مليارات يورو سنويا.

كيف يستعد الأعضاء الآخرون في الناتو للدفاع عن أنفسهم

يرى وزير الدفاع في سلوفينيا مارجان ساريك أنه يجب على بلاده ألا تكون مجرد مشتر للمنتجات العسكرية، بل أن تصبح أيضا منتجا وبائعا.

ووقعت وزارة الدفاع السلوفينية في 2023 عقودا بقيمة 9ر89 مليون يورو مع شركات الدفاع في البلاد، بزيادة قرابة 60 مليون يورو مقارنة بعام 2022.

وتسعى سلوفينيا إلى زيادة تمويل البحث والتطوير في مجال الدفاع، والذي بلغ 7ر11 في 2023، ويتوقع أن يصل إلى 23 مليون يورو لهذا العام.

وتقدر نفقات الدفاع في سلوفينيا العام الماضي بنحو 845 مليون يورو، بما يمثل حوالي 34ر1% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد. ومن المتوقع أن يرتفع الرقم إلى 2% بحلول عام 2030.

وأشارت وزيرة دفاع مقدونيا الشمالية، سلافجانكا بيتروفسكا، إلى أن الصناعات العسكرية في بلادها تسعى إلى زيادة قدراتها الإنتاجية.

وانضمت مقدونيا الشمالية أيضا إلى مبادرة حلف شمال الأطلسي لدعم إنتاج الذخيرة، ودعم صناعة الدفاع، وهو ما من شأنه أن يساعد البلاد في الحصول على المعدات العسكرية على نحو أسرع.

وفي الوقت نفسه، من الممكن أن يزداد عدد أفراد الجيش في سلوفاكيا إلى 20 ألفا و982 بنهاية العام الجاري، إضافة إلى 4500 موظف، بحسب اقتراح لوزارة الدفاع في البلاد.

ورغم ذلك، هناك مشكلة متفشية في البرتغال، تتمثل في نقص المجندين الجدد، وأيضا الجنود الذين يغادرون الأفرع الثلاثة للقوات المسلحة بالبلاد.

وأعرب رئيس أركان البحرية في البرتغال، هنريك جوفيا إي ميلو، الأسبوع الماضي عن تأييده لمسألة الخدمة العسكرية الإجبارية، والتي انتهت بشكل رسمي في البلاد العام الجاري، ولكن الجمعيات العسكرية رفضت الفكرة، وفضلت تحسين الرواتب والأوضاع لجذب المجندين.

ولا يزال الإنفاق العسكري للبرتغال منخفضا للغاية مقارنة بما يتوقعه الناتو.

ووفقا لتقرير الأمين العام للحلف الناتو لعام 2023، بلغ إجمالي الإنفاق الدفاعي للبرتغال، بالنسبة لإجمالي الناتج المحلي في البلاد، 48ر1% أي دون نسبة 2% المطلوبة من الدول الأعضاء في الناتو، 32 دولة.