صحة وتغذية

روسيا تصر على تحقيق ثورة في صناعة الأدوية الوطنية

موسكو / القاهرة (د ب ا)-

صدقت الحكومة الروسية مؤخرا على الخطة القومية لمواصلة تطوير قطاع الصناعات الدوائية الروسية، وهي الخطة التي تمتد حتى عام 2030 وتشمل أكثر من أربعين إجراء في مختلف النواحي وعلى الأخص تعديل قانون رسوم تسجيل الأدوية وبرنامج حوافز التصنيع المحلي في قطاع الدوائيات.

” فارما 2020 ”
والحقيقة أن قطاع الصناعات الدوائية في روسيا يعتبر من اهم القطاعات التي حظيت باهتمام الحكومة الروسية التي كانت قد تبنت برنامجا طموحا لتطوير هذا القطاع في الفترة من 2013 إلى 2020 تحت مسمى ” فارما 2020 ” ، وهو البرنامج الذي كان يستهدف التوسع في توطين إنتاج الكثير من الأدوية والمستحضرات الطبية وعلى الأخص الأدوية ذات الأهمية الحيوية لحياة المواطنين، لذلك حرصت الحكومة الروسية على رصد مبلغ 4ر99 مليار روبل لتمويله، وكان يستهدف الارتقاء بنسبة المنتج المحلي في سوق الأدوية في روسيا حتى 50% قبل نهاية مدة البرنامج، ونسبة 90% فيما يخص الامراض الأكثر شيوعا في روسيا وعلى رأسها أمراض القلب والسرطانات ونقص المناعة (الإيدز).

يعتبر سوق المستحضرات الطبية في روسيا أحد اهم وأكبر الأسواق في العالم؛ حيث تشير بيانات وزارة الصناعة والتجارة الروسية الصادرة في نهاية العام الماضي وأوردت صحيفة ” كوميرسانت” الروسية مقتطفات منها إلى أنه حتى عام 2008 كان حجم سوق الأدوية في روسيا يمثل 360 مليار روبل ، وهذا الرقم وصل في عام 2023 إلى أكثر من 3ر2 تريليون روبل ، مع العلم بأن تقارير مختلف وكالات التحليل تؤكد أن سوق المستحضرات الطبية في روسيا قد اتسع في الفترة من 2019 وحتى 2023 بنسبة وصلت 1ر 60% ، والأكثر من ذلك هو ان حصة المنتجات الروسية في هذا السوق في ذات الفترة زادت من 8ر30% في عام 2019 لتصبح 8ر36% في عام .2023

فارما 2023″
النتائج التي تم إنجازها في البرنامج المشار إليه شجعت الحكومة الروسية على تمديد العمل به حتى عام 2023 مع صياغة اهداف جديدة أكثر طموحا وتتمشى بصفة خاصة في برنامج الدولة لتعويض الاستيراد والاستغناء عن المنتجات المستوردة، حيث يهدف البرنامج الجديد لتطوير سوق المستحضرات الطبية في روسيا ليصل إلى 7ر3 تريليون روبل، مع مضاعفة القدرات المحلية في إنتاج ما يسمي بالأدوية ذات الأهمية الاستراتيجية للصحة العامة لتصل نسبتها أكثر من 80% وصولا في المرحلة التالية لتحقيق الاكتفاء الذاتي الكامل في هذا المجال وتصدير الفائض.

ورغم ان وزارة الصناعة والتجارة قد احجمت عن إصدار تقارير تتسم بالشفافية الكاملة حول نتائج تنفيذ البرنامج المشار إليه يؤكد خبراء كبريات مراكز الدراسات والتحليل على غرار ” دي إس إم جروب ” أنه ربما لم يحقق البرنامج المشار إليه كامل الأهداف المرجوة منه ولكن بصفة عامة يمثل ما حققه حتى الآن طفرة تاريخية غير مسبوقة، ويضع قطاع الصناعات الدوائية في روسيا في مرتبة متقدمة وسط أمثاله في الدول الكبرى في العالم ، كما يؤكدون أن روسيا أصبحت اليوم تمثل عنصرا مهما جداً في سوق الأدوية في العالم، وقريبا ربما تتبوأ مكانة عالية ومتميزة للغاية في السوق العالمية للأدوية والمستحضرات الطبية.

ونوه تقرير المجموعة على أن برنامج ” فارما 2020 ” قد اجتذب بفضل الحوافز التي يقدمها الكثير من الاستثمارات الأجنبية التي وصلت قيمتها حتى عام 2022 أكثر من 80 مليار روبل والتي نجحت في توطين إنتاج 594 منتجا دوائيا من مجموع 814 منتجا مما يمثل أهمية استراتيجية للصحة العامة في روسيا.

وقد ساعد توطين التكنولوجيات الأجنبية والتعاون مع كبريات الشركات العالمية روسيا وفقا لتقارير وزارة التجارة والصناعة الروسية في الاعتماد على نفسها في إنتاج الكثير من المستحضرات بما في ذلك اللقاحات المناعية وأدوية بلازما الدم والأنسولين، ومحاليل غسيل الكلى البريتوني، والمستحضرات الإشعاعية، والأجسام المضادة وحيدة النسيلة وغيرها من الادوية عالية التكنولوجيا.

مشاكل تطوير صناعات الادوية في روسيا
يعتقد فيكتور اوريفاييف المدير التنفيذي لشركة ” بيرنر روس – ميديا كالي أكسبيرت ” أنه رغم التوسع الكبير الذي حققته روسيا في مجال صناعة الأدوية تبقى هناك مشاكل ملحة تقف على طريق تطوير هذا القطاع وعلى رأسها أن أكثر من 90% من مستلزمات الإنتاج في هذا القطاع تستورده روسيا من الخارج وعلى الأخص من الهند والصين.

لذلك وفي نهاية عام 2022 أعلن الاتحاد الروسي لرجال الأعمال والصناعة عن توقيع بروتوكول تعاون مع كبريات الشركات الروسية لإنشاء مجموعة تتخصص في توطين إنتاج مستلزمات إنتاج 59 مستحضرا طبيا بحيث يتم إحكام إغلاق دورة الإنتاج في هذه المستحضرات ولا تحتاج الشركات الروسية المنتجة لاستيراد أي شيء من الخارج لإنتاج هذه المستحضرات.

كما يشير الخبراء إلى أن أحد أهم مشاكل تطوير الصناعات الدوائية هو أن هذه الصناعات تتطلب استثمارات كبيرة بينما العائد لا يبدو مجدياً بشكل كبير على المدى القصير والمتوسط ؛ حيث تعتبر هذه النوعية من القطاعات من الصناعات المجدية على المدى الطويل فقط.

بينما يلفت موقع ” زدرافا رو – الصحة ” الانتباه من خلال دراسة كبيرة أعدتها مجموعة من أكبر المتخصصين في الصناعات الدوائية في روسيا الانتباه إلى مشكلة أخرى تواجهها روسيا في الوقت الراهن وهي أنه بعد نشوب النزاع في أوكرانيا انسحبت الشركات الأجنبية من السوق الروسية، وتوقف التعاون في مجال الأبحاث الطبية والدوائية وهو ما يدفع روسيا للبحث عن شركاء جدد والاعتماد أكثر على نفسها في الأبحاث الدوائية والطبية، وهو ما يعني أن تحقيق الأهداف المنشودة سوف يتطلب المزيد من الوقت والجهد والنفقات.

هذه الاتجاهات إنما تشير بجلاء إلى فشل العقوبات الغربية في تقييد حركة تطوير الكثير من القطاعات الإنتاجية ، بل أن العقوبات قد أفقدت الغرب محاور تأثيره على حركة الإنتاج والتعاون بين روسيا والكثير من الدول الخارجية ، لذلك يتعين على الغرب إعادة النظر بشكل جذري في هذه السياسات وبصفة خاصة في مجال التعاون في المجالات التي تمس صحة وسلامة الإنسان، خاصة وأن قطاع الادوية والأبحاث الطبية في روسيا قد أظهر قدرات فائقة لصالح البشرية خلال جائحة كورونا، ومازال يقدم للبشرية وعلى الأخص دول العالم الثالث الكثير من الفوائد التي يحتاج إليها بشدة.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى