تواصلت لليوم الثاني أعمال القمة العالمية لطاقة المستقبل، الملتقى السنوي الأبرز في مجال الطاقة المستقبلية والاستدامة، في مركز أبوظبي الوطني للمعارض (أدنيك)، حيث تستضيفها شركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر)، الشركة الإماراتية الرائدة في مجال الطاقة النظيفة، ضمن فعاليةٍ تستقطب جميع أنظار قطاع الطاقة العالمي نحو العاصمة الإماراتية “أبوظبي”.
وركزت فعاليات اليوم على مواضيع التمويل الأخضر، حيث أكد بروس جونسون، مدير تمويل الشركات والخزينة لدى مصدر على الضرورة الملحة لتصحيح مسار تغير المناخ والتفكير خارج الصندوق، وقدم آراءً ملهمة حول العقبات التي تواجه الاستثمار في الطاقة المتجددة وسبل تطويرها خلال جلسةٍ بعنوان “تمويل النهج العالمية للاقتصادات منخفضة الكربون”.
وقال جونسون: يتطلّب الحدّ من تجاوز درجات الحرارة عتبة 1.5 درجة مئوية الكثير من الدراسات الاجتماعية المعمقة وإيجاد حلول عمليّة وتقديم الكثير من الدعم المالي، إذ تنفق الحكومات حول العالم مبالغ طائلة للدفاع عن نفسها في وجه الحكومات الأخرى، لكننا لا ننفق هذا القدر من المال لمكافحة العدو الأول للجميع وهو تغير المناخ.
وأعرب عن اعتقاده بأنّ إيجاد الحلول العملية يتطلّب وضع منهجيةٍ جادة على صعيد التمويل وإرساء خط تجميع لمشاريع الطاقة المتجددة البسيطة، حتى يمكن بلوغ نتائج ملموسة بأسرع وقت ممكن، وهذا غير ممكن بدون تنحية الأمور الجانبية التي تشغلنا عادة وإلا لن نكون قادرين على حل المشكلة لعشر سنوات أخرى.
كما انضمّ إلى نفس الجلسة، أحمد بهي الدين، المدير العام والمسؤول عن الشؤون التجارية في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى شركة جي إي فيرنوفا، وهي شركة عامة مستقلة انبثقت عن شركة جنرال إلكتريك تُعنى بمجال الطاقة وطاقة الرياح والكهرباء.
وقال بهي الدين: يلعب الوقت عاملاً مهما، خصيصاً في ظل وجود الكثير من رؤوس الأموال التي تبحث عن مشاريع في أسواق متقدمة، ولا سيّما في مجالات مصادر الطاقة المتجددة والتقنيات الجديدة، وتفسح الإصلاحات التنظيمية وهيكلة نموذج الإيرادات مجالاً أكبر للنمو.
من جهةٍ أخرى، قدم ماركو فان ويفيرين هوجرفورست من منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، لمحة عامة عن صندوق جديد للأسهم الخاصة يركز على الاستثمارات عالية التأثير في المراحل المبكرة في باكستان.
وبصفته مدير برنامج الشبكة الاستشارية للتمويل الخاص في قسم إزالة الكربون والطاقة المستدامة في وحدة ابتكار تقنيات المناخ التابعة للمنظمة، أشار هوجرفورست إلى أنّ الاستثمار يضمن النجاح المالي مع تحقيق تأثير إيجابي على البيئة والمجتمع ضمن نطاق المشاريع منخفضة الكربون.
وقال هوجرفورست: يُعدّ برنامج الشبكة الاستشارية للتمويل الخاص عملية عالمية تم إنشاؤها لإيجاد المجموعات التي تبحث عن تمويل، وغيرهم من أصحاب الأموال ممّن يبحثون عن مشاريع استثمارية صغيرة الحجم وقابلة للتمويل، ويأتي دورنا بمحاولة سدّ هذه الفجوة، من خلال دعم رواد الأعمال والشركات الصغيرة ومساعدتهم في نماذج أعمالهم وبنيتهم المالية، وفي نهاية المطاف تسهيل الاستثمارات في هذه الشركات.
كما شهد اليوم الثاني من القمة إطلاق تقرير توقعات الطاقة الشمسية لعام 2024، الصادر عن جمعية الشرق الأوسط لصناعات الطاقة الشمسية رسمياً في القمة العالمية لطاقة المستقبل. وسلّط التقرير الضوء على المساهمة المتزايدة للطاقة الشمسية في رحلة تحول الطاقة المستمرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من الوقود الأحفوري التقليدي إلى مصادر الطاقة المتجددة، وذلك في ظلّ الازدهار المستمرّ في قطاع التصنيع والنمو السكاني والاقتصادي المستمر، فضلاً عن المخاوف بشأن تغير المناخ والاستدامة البيئية.
ووفقاً للتقرير، تتمتع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اليوم بواحد من أعلى مستويات إمكانات الطاقة الشمسية في العالم، حيث تساهم دول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والمغرب ومصر في المتوسط السنوي للإشعاع الشمسي الذي يتجاوز 2000 كيلووات في الساعة لكل متر مربع سنوياً.
كما ساهمت نفس الدول في زيادة قدرة الطاقة الشمسية في المنطقة بنسبة 23% على أساس سنوي في عام 2023، وفي حين أنه من المتوقع أن يستمر مسار النمو الإقليمي للطاقة الشمسية، يكشف التقرير أنه لا يزال أقل بكثير من المستويات المطلوبة لاستبدال المساهمة الحالية للوقود الأحفوري والبالغة 87%، إذ توفر الطاقة الشمسية ما يزيد قليلاً عن 2% من مزيج الطاقة الحالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقالت دينيسا فاينيس، الأمين العام لجمعية الشرق الأوسط لصناعات الطاقة الشمسية: وضع تعهد COP28 لزيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة ومضاعفة كفاءة الطاقة بدعمٍ من 124 دولة أهدافاً طموحة لزيادة انتشار الطاقة المتجددة وتدابير كفاءة الطاقة بحلول عام 2030، لكن لا نزال نواجه تحدياتٍ عديدة لتحقيق هذه الأهداف، لا سيما في قطاع الطاقة داخل منطقة الخليج، وبالنظر إلى المستقبل، فإن تحول الطاقة يوفر الكثير من فرص العمل الجديدة بما يكفل تحسين سبل العيش وتمكين المجتمعات، ومن المتوقع بعد عام 2030 أن تكون مجموعة متنوعة من التقنيات جاهزة للسوق، لتقدم حلولاً قابلة للتطوير لإزالة الكربون من قطاع الطاقة بما يتيح دوراً أكثر فاعلية لمصادر الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والتقنيات الخالية من الانبعاثات.
وأضافت فاينيس: يركز السعي الكبير لتحقيق الأهداف الطموحة بحلول عام 2030 على مشاريع المرافق العامة، مما قد يطغى على احتياجات القطاعين التجاري والصناعي، وهذا يؤكد أهمية النظر في نهج متوازن لنشر الطاقة لضمان التنمية الشاملة والمستدامة.
وفي حديثه في مؤتمر الطاقة الشمسية والطاقة النظيفة، أشاد الدكتور رالف بلومنثال، رئيس برامج الشبكات في الشرق الأوسط في سيمنس، بالنقاشات الجارية حول الرقمنة والأهمية الكبيرة لدمج مصادر الطاقة المتجددة في الشبكات الذكية للمساعدة في تحقيق أهداف تعهد COP28، وقال : تُعدّ البطاريات عاملاً أساسياً إذا ما أردنا مضاعفة مصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030، وزيادتها بتسعة أضعاف بحلول عام 2050، ولا يقتصر دور البطاريات على التخزين فحسب، إذ تعدّ ضرورية لتنظيم الشبكة والحدّ من الانقطاعات الذي قد تحدث خلال توليد الطاقة المتجددة، وقد تمّ اليوم تركيب حوالي 1500 جيجاوات من الطاقة المتجددة على مستوى العالم وهي جاهزة للنشر، لكن لا يمكن دمجها في الشبكات، وعلى الرغم من أن عدداً قليلاً فقط من الشبكات الأصغر حجماً تعمل بنسبة 100% على الطاقة المتجددة، إلّا أنّ الشبكات الوطنية لم تتمكّن من دمج مصادر الطاقة المتجددة بشكل فعال على نطاق واسع حتى الآن.
وتتواصل النقاشات والجلسات البناءة حول قضايا وحلول الطاقة العالمية غداً مع منتدى التنقل الكهربائي، الذي سيبحث بشكل شامل دور النقل النظيف والمستقل في تغيير مستقبل تصميم المدن، وما هي الأمور الضرورية لإطلاق العنان لإمكانات الاستثمار في توسيع نطاق التنقل الكهربائي.
ومع عودة الظروف الجوية إلى طبيعتها في دولة الإمارات العربية المتحدة بعد الطقس القاسي الذي شهدته الدولة في وقت سابق من هذا الأسبوع، تم تمديد اليوم الثالث والأخير للقمة العالمية لطاقة المستقبل من الساعة 9 صباحاً حتى 6 مساءً لتلبية العدد الأكبر المتوقع من الزوار.
المصدر: وكالة أنباء الإمارات