The53rd Eid Al Etihad Logo
أخبار رئيسية

صيف الإمارات .. تحول نوعي من مقيظ الزمن الجميل إلى مقيظ الألفية

يشكل فصل الصيف في الموروث الإماراتي حالة خاصة حيث يُشد الرحال إلى المقيظ لقضاء هذا الوقت في الأماكن الباردة نسبيا بين أشجار النخيل الظليلة والمياه العذبة.
وتعتبر رحلة المقيظ إحدى الرحلات التي يحرص الأهالي خلالها على الانتقال من المناطق الساحلية التي ترتفع درجة حرارتها وتزيد رطوبتها صيفا إلى المناطق المعروفة بالمقايظ وهي “الواحات والبراحات والمحاضر” التي غالبا ما تمتاز بطقسها المعتدل وظلالها الوارفه وتوفر المياه العذبة.
وبدأ يندثر هذا السلوك الفطري تدريجيا منذ بداية سبعينيات القرن الماضي حتى أصبح الآن أثرا بعد عين بفضل من الله ثم من المؤسس الراحل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” الذي سخر الجهد والمال لبناء الوطن، وأحدث نقلة نوعية في حياة المواطنين والمقيمين عنوانها الرغد والرخاء.
وتمكنت الدولة، بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، الذي سار على نهج المؤسس الراحل من قهر الصعاب وشهدت البلاد تحولا نوعيا في مسيرتها التنموية، وشكل “مقيظ الألفية” مرحلة استثنائية حيث تمكنت البلاد من إعادة تعريف السفر والسياحة ونافست أفضل الوجهات العالمية، وأصبحت قبلة السياح يتهافت إليها القاصي والداني من أصقاع المعمورة على مدار العام.
وتشير الإحصائيات إلى استقطاب الإمارات نحو 23 مليون سائح دولي عام 2023 وفقا لأحدث بيانات مجلس السفر والسياحة العالمي ومنظمة السياحة العالمية.
وفي خضم تلك الإنجازات غير المسبوقة، حرصت دولة الإمارات على المحافظة على إرثها وثقافتها ويعتبر “جيل الشباب” اليوم أكثر حظا من جيل الماضي الذي عاش أسير شروط الزمان والمكان من تضاريس وعرة لا ترحم؛ ويحظى جيل اليوم باهتمام ورعاية القيادة الرشيدة التي تبنت نهجا متفردا تمثل في تحفيز بيئة الابتكار والاختراع ودعم المبدعين في شتى المجالات مما ساهم في خفض حدة التحولات الطبيعية والتقليل منها .
ورغم عدم معايشة جيل الألفية وهم “الأشخاص الذين ولدوا بين عامي 1985 و2000 وهم الآن من الشباب البالغين ويعتبرون المجموعة الأولى من الأجيال الرقمية التي نشأت مع انتشار التكنولوجيا والإنترنت” لرحلة المقيظ، إلا أنهم تمكنوا من استحضار رحلة المقيظ بأسلوب ذكي ورقمي وحولوا المقيظ من ذاكرة الوطن إلى موروث رقمي مستدام.
وفي هذا الصدد يقول الدكتور سائد الرباعي أستاذ مشارك قسم أنظمة وحماية المعلومات بكلية تقنية المعلومات في جامعة الامارات : ابتكرت الجامعة تطبيق “المقيظ” وهو تطبيق ذكي يتماشى مع “أرث المقيظ” بشكل رقمي من خلال تقديم تفاصيل رحلة المقيظ في الستينيات عبر فكرة التعليم والمتعة والاكتشاف، مشيرا إلى أن التطبيق يقدم المقيظ كإرث مستدام ويعرض رحلة البحث عن البرودة ولقاء الأحبة بطريقة شيقة ويتيح متعة استكشاف التراث بطريقة مبتكرة من خلال التعلم الذكي وإمكانية الارتحال للماضي والتجول في مكان المقيظ والدخول للخيم والذهاب للصيد وللقنص.
وحول رحلة المقيظ قديما، يقول الوالد راشد بن علي بن هويدن (80 عاما) من سكان الذيد: رحلة المقيظ تبدأ مع بداية فصل الصيف “القيظ” حين ترتفع درجة الحرارة ونسبة الرطوبة على السواحل وذلك عادة مع دخول شهر مايو وظهور نجم الثريا أول نجوم الصيف “القيظ” وما يتبع ذلك من ظواهر أخرى مثل انتشار الرطب ومن أنواعه “النغال” و”الصلاني”.
وحول استعدادات رحلة المقيض، يذكر ابن هويدن: تستعد العائلات للمقيظ إذ تقوم بالتردد على الأسواق والمحال التجارية للتزود بالمواد والسلع الغذائية مثل الطحين والسكر والحبوب والسحناه “مسحوق سمك السردين المجفف” والقهوة والأرز والبهارات والمالح “السمك المملح” والكسيف “السمك المجفف”.
ويقول: بعد تجهيز أماكن المقيظ وبيوت العريش “بيوت من سعف النخيل” وتوفير المواد والاحتياجات الضرورية لتأمين راحة الحضار “أهل المدن والساحل” تنطلق الرحلة في قافلة كبيرة من عدة أسر ويتولى “الكريان” ومفردها “مكري أو كري” وهو صاحب الإبل الذي تستأجره العائلة لإيصالها إلى المقيظ والقيام على سلامتها طوال الرحلة.
ويشير إلى أن المقايظ في الإمارات قديما تنوعت وتعددت بين رؤوس الجبال في رأس الخيمة مثل الحيل وخت وغليلة وشعم بالإضافة إلى مسافي والسيجي وشوكة وكدرا ودبا في المنطقة الشرقية وهي الوجهة المفضلة لأن رياح الكوس “نوع من أنواع الرياح المحلية” الباردة تهب عليها في شهور الصيف من جهة بحر العرب فتنخفض درجة حرارتها وتكثر بها أشجار الموز والمانجو ومراعي النحل.
ويشرح ابن هويدن قائلا : إن بعض المناطق الساحلية بجوار المدن اشتهرت كمقايظ يقصدها الأهالي للمقيظ خاصة الأماكن التي يتواجد فيها النخيل بكثرة مثل الحيل وشعم في رأس الخيمة والحيرة في الشارقة والبراحة وأم سقيم في دبي، مشيرا إلى أن تلك الأماكن تعتبر قريبة من المدن الساحلية والذهاب إليها قليل التكاليف وغير متعب فهي وجهة قريبة ومفضلة لمن لديه أطفال وكبار السن أو من تأخر عن قوافل المقيظ.
وتقول عيدة مصبح الكندي من منطقة الظفرة: مقايظ الواحات هي عادة مناطق السهول الزراعية التي تكثر بها أشجار النخيل والأفلاج بالإضافة إلى واحات العين ومحاضر ليوا التي كان لها شهرة واسعة بين الأهالي قديما ويرتحلون إليها من كل حدب وصوب خاصة سكان أبوظبي.
وتوضح الكندي أن أهل أبوظبي جزء منهم ينتقل للمقيظ في جزيرة دلما ولكن معظمهم يقضون الصيف في ليوا حيث ينتقلون عبر المحامل “السفن الشراعية” من أبوظبي إلى المرفأ ومنها تنقلهم الركاب “الإبل” إلى المحاضر، موضحة أن موسم “القيظ” ينتهي في شهر سبتمبر وقت دخول “الصفري” أي فصل الخريف عند طلوع نجم سهيل.

المصدر وكالة انباء الامارات

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى