مرئيات

قراءة في قصيدة: (دموع اليتيم)

بقلم: محمد عوض الجشي

نشر الشاعر مانع بن سعيد العتيبة قصيدة رثائية بعنوان (دموع اليتم) إثر رحيل والده المغفور سعيد بن أحمد العتيبة.وهذه قراءة في القصيدة المذكورة ..

نعم مهما كبر الابن وتعالت هيئته وتسامى في شخصه ، يظل في نظر الأب دمعة حارة وشوق حري التوق مفعما في حب لا نظير له وسلوة تِحنان يظل أبد الدهر بلسماً ونداءاً مفعماً في أبوة حانية عطرة معطرة. إنها روح الشعر ولواعج الرؤية واستشعار مناخات الود وبوح فيوضات المشاعر الجياشة تعتمل في قلب الشاعر العتيبة وتخرج زفرات دمعي سخي غالِ يجرى كشلال غَمِر…لا يزال يطوف ويطفق بين الوديان والهضاب ويا لتلك الدموع الغالية الوفية الوافية يبثها للملأ يجسد فيها بوح ولوعة فراق أبٌ رحيم بار وشخصية عظيمة بارزة ساهمت في رفع اسم دولة الإمارات العربية المتحدة بين الدول تحت القيادة الرشيدة مع السيرة العطرة لباني نهضة الدولة المغفور له الشيخ زايد طيب الله ثراه.

الآن أصبحت اليتيم ودمعي يجرى كشلآّل،ويزهقٌ سمعِي
رحل الأب الغالي سعيدٌ وأغلقت أبواب أفراحي وأطفىء شمعي
راضِ بحكم الله إلاّ أنني أجد الفراق يصيبني بالروعِ

نفحات الوجود

ثم أن العتيبة الشاعر.. يستحضر نفحات الوجود بصدر رحب ويستحوذ خلده على صدر وحضن آسر يٌخلد في القلب ويشعل شغوراً شغوفاً في بوادي ومحاضر الود الذي ما يزال يفتيء حباً وفداء في صيرورة وسيرة الوالد سعيد أحمد العتيبة تجاه الأسرة الكريمة العريقة الشريفة. ويستشرف عليائها مع أبناء الإمارات الحبيبة الغالية.إنها السماحة الفٌضلى والود والتؤده التي تنساب أنسا وألقا وتوهجا .إنه الأب الذي يزيل الهموم ويحيلها الى مراتع وئام تعلوها مناهل الحكمة ترسم تجارب الحياة حلوها ومرها في خاصية لها مكانتها لتكون درعٌ واقي منيع

منذ الولادة كنت ألقى صدره حضنا منيعاً والأحبة ربعي
فإذا الهموم تكاثرت ألقيته من كل همّ حل بي كالدرعِ

وكون الحدث جللْ والمصاب كبير.فإن الابن معالي الدكتور العتيبة.ينظر الى رؤياه العينية في تبصر واستحواذ، انها مشاعر فياضة تختمر في طياتها عاطفة لا تٌستبدل ولا تحيد عن منهجها المكنون في حب الوالد سعيد طيب الله تربته واسكنه فسيح جناته.وكأني في خلاصة (الشوفينية) الدفينة التي تسكن صدر شاعرنا التي تستخلص روحانيات جليلة جلية تصدح رؤياها كعين الشمس ..كأن العيون وقسمات الوجوه تحسب وترى يقيناً أن الأب الحاني وطيفه الوارف الجليل وفيافيه الظليلة لا تزال حية بين ظهرانينا، تنشر الورود والرياحين والياسمين في أرجاء المعمورة والإمارات عامة ..وخاصة في ربوع أبوظبي العاصمة الحبيبة التي أحبها الوالد وساهم في بنائها حجراً بحجر ووتداً إثر وتد.نعم الوالد العتيبة خيراته ونفحاته ينابيع زلال باردة فوارة لا تنقطع أبداً أبداً..إذ أن عطاءاته جاءت واستثمرت من المِلة والجبِلة العطرة أسوة بالنبي محمد صلي الله عليه وسلم..ويا لها من خلجات وزفرات تنغمس في الوجدان وتتغلغل في لب الفؤاد وتعتصر جوانح الكبد ..إنها البلاغة المتفردة ودلالة فكرة تتجسد وتلتحم البدن والروح .. لله درك معالي الشاعر العتيبة:

أواه يا أبتاه قلبي رافض تصديق من حمل النبأ أو ينعي
ويقول: إن سعيداً بن عتيبة حيّ ويبقى خيرهٌ كالنــــبعِ
لا لن يموت مواطنّ أعطى الحمى من عمره ما فاق فعل الجمعِ
وسلوا المساجد شادها بمحبة للمسلمين ومؤمناً بالشـــرعِ

أجل إن الأقوال المأثورة يتحقق مرادها في الأفعال.. وهذا ديدن وشخصية الوالد سعيد العتيبة، رغم شغره غرف تجارة وصناعة أبوظبي ومن ثم غرف تجارة الدولة والخليج سابقاً .. حيث تولى منصب الرئيس العام .اضافة الى مهامه الأخرى العظيمة التي أحسن إدارتها وديمومتها.. فإن الفرائض برمتها هي شخصيته وسمات وضاءة في محياه وناصيته الندية.وتلك السِمة والعلامة النيرة ما فتئت نور وضاء في عيونه وفرحا وابتسامات مرسومة في وجهه الوسيم.وها هو شاعرنا العتيبة يختتم النجوى في أرق شعر من المرثيات المثالية الرفيعة التي يٌكتب لها الخلود في عيون الشعر العربي المعاصر.. وهاهي دموع الشاعر ترسم الرحمات وتمنحنا السٌلوان وتمسح الدموع بمعية رب العالمين . الله جل جلاله.

صلى فرائض دينه لم يٌلهه عنها ظروف أو مصاعب وضعِ
وحنا علينا قلبه وأحاطنا برعاية عادت لنا بالنفــــعِ
يا ربّ ارحم والدي وافتح له باب النعيم فقد أتاك بطوعِ
وامنح لنا السُلوان بعد فِراقه وامسح برحمتك العظيمة دمعي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى