استضافت اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان أمس جلسة حوارية حول العلاقة بين الأعمال التجارية وحقوق الإنسان وذلك بالتعاون مع أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية وبدعم من المعهد البريطاني للقانون الدولي والمقارن، وبحضور مسؤولين بارزين من الجهات الحكومية والمجتمع المدني والأكاديمي وبمشاركة وزارة الموارد البشرية والتوطين.
سلطت الجلسة الضوء على الدور المهم لمجتمع الأعمال التجارية في تعزيز حقوق الإنسان وأهداف التنمية المستدامة، وأهمية تحقيق الترابط والدعم المتبادل بينهما.. وتناولت الآليات الدولية الرامية إلى تعزيز السلوك المسؤول للأعمال التجارية، ووفرت فرصة لمناقشة المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان وسبل تطبيقها على الصعيدين المحلي والعالمي.
وتطرقت هند العويس مديرة اللجنة الدائمة في مستهل فعاليات الجلسة إلى أثر الأعمال التجارية على حياة الملايين من الناس حول العالم، بما يشمل توفير الفرص الاجتماعية والاقتصادية والمساهمة الفعالة في حماية الفئات الضعيفة في المجتمعات.
واستعرضت مسؤولية الشركات في تعزيز حقوق الإنسان، والدور الذي يمكن أن تلعبه الحكومات لدعمها في هذا الالتزام.
أدار الجلسة سعادة غادة النابلسي، نائب مدير الإدارة الاقتصادية والتجارية في وزارة الخارجية، وشهدت طرح رؤى مميزة من العديد من المتحدثين المرموقين بمن فيهم سعادة عبدالله علي راشد النعيمي، وكيل وزارة الموارد البشرية والتوطين المساعد للعمالة المساعدة؛ والبروفيسور روبرت مكوركوديل، الأستاذ الفخري في القانون الدولي وحقوق الإنسان في جامعة نوتنغهام ورئيس الفريق العامل المعني بمؤسسات الأعمال وحقوق الإنسان، الذي تحدث بصفته الشخصية وسعادة بدر جعفر، الرئيس التنفيذي لشركة الهلال للمشاريع.
واستعرضت الجلسة المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، والتي توفر مجموعة من مبادئ السلوك المسؤول، فضلاً عن تقديم التوجيه اللازم لتطبيق الممارسات الأخلاقية ضمن سلاسل التوريد العالمية.
وتمثّل هذه المبادئ خارطة طريق تتيح للشركات المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأشار المتحدثون إلى أن تطبيق المبادئ التوجيهية يعتمد على السياق المحلي الخاص بكل منطقة، وذلك في ضوء اختلاف الإجراءات التي تتخذها الشركات لتعزيز حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.
وأكد سعادة عبدالله علي راشد النعيمي أهمية هذه الجلسة التي وفرت منصة مثالية للتواصل واستعراض أفضل الممارسات، فضلاً عن مشاركة التقدم والنجاحات والإنجازات المحققة في مجال الأعمال التجارية وحقوق الإنسان بدولة الإمارات.
وتطرق سعادته إلى الجهود التي تبذلها دولة الإمارات في هذا الصدد وقال : “تأتي مشاركة وزارة الموارد البشرية والتوطين في هذه الجلسات بالتزامن مع تحقيق العديد من الإنجازات المهمة والتطورات الاستراتيجية البارزة، التي تسهم في تحسين سوق العمل بدولة الإمارات التي أقرّت مجموعة من التشريعات الجديدة لزيادة سهولة مزاولة الأعمال، بما يعزز منظومة الحماية الاجتماعية التي أطلقناها لحماية مصالح العمال في مختلف أنحاء الدولة، والتي تشمل نظام التأمين ضد التعطل عن العمل، ونظام الادخار، وبرنامج حماية العمال، وغيرها من المبادرات الرامية لتبسيط الإجراءات وحماية حقوق العمال وضمان سلامتهم، مع حماية حقوق جهات التوظيف وأصحاب العمل في الوقت ذاته”.
من جانبها، قالت سعادة غادة النابلسي : “تفخر دولة الامارات بالتقدم الكبير الذي أحرزته في مجال اعتماد الممارسات الأخلاقية في مجتمع الأعمال لديها.
وأوضحت الجلسة أهمية تعزيز الأطر التنظيمية بما ينسجم مع المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى دورها في حماية مصالح جميع الجهات المعنية.
بدوره، قال البروفيسور روبرت مكوركوديل، الأستاذ الفخري في القانون الدولي وحقوق الإنسان في جامعة نوتنغهام ورئيس الفريق العامل المعني بمؤسسات الأعمال وحقوق الإنسان: “تقع على عاتق الأعمال التجارية مسؤولية احترام حقوق الإنسان، كما ينبغي على الحكومات الحد من انتهاكات حقوق الإنسان التي قد ترتكبها الأعمال التجارية، سواءً الشركات بالإساءة أو شاركت فيها أو كانت مرتبطة بمثل هذه الانتهاكات بشكلٍ مباشر.. وبجانب ذلك، يجب على الشركات اتخاذ الإجراءات اللازمة في مجال حقوق الإنسان، والتي تضمن تحقيق رفاه الإنسان والكوكب، وذلك بهدف تحديد الآثار السلبية الفعلية والمحتملة لأنشطتها على حقوق الإنسان والحد منها ومعالجتها عند الضرورة”.
وقال سعادة بدر جعفر : “تسعى الأعمال التجارية حول العالم إلى إعادة تحديد دورها الاجتماعي وتحمل مسؤولياتها المؤسسية على نطاق أوسع.. ونتيجة لترابط سلاسل التوريد، فإن القطاع الخاص يؤثر بشكل كبير على البيئة التي يعمل فيها والمجتمعات التي يتفاعل معها.. لذا يمكن لمجتمع الأعمال إحداث تغيير إيجابي في مختلف القطاعات والمناطق، من خلال تطبيق ممارسات الأعمال المسؤولة التي تحترم حقوق الإنسان”.
أُقيمت الجلسة الحوارية في إطار سلسلة مستمرة من الفعاليات التي تنظمها اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان وأكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية، بهدف توفير منصة لتبادل الآراء وتسليط الضوء على أفضل الممارسات المعتمدة لحماية حقوق الإنسان.
وتنسجم هذه الفعاليات مع المنهجية طويلة الأمد التي تعتمدها دولة الإمارات والرامية إلى التعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين بهدف حماية حقوق الإنسان العالمية وتعزيزها بما ينسجم مع الالتزامات الدولية.