صحة وتغذية

خبير اقتصادي أمريكي: بالنسبة للبنك الدولي …الصحة العامة لها الأولوية

واشنطن ( د ب أ)-

يرى خبير الاقتصاد الأمريكي الدكتور تايلر كاوين أن أجايا بانجا الرئيس التنفيذي السابق لشركة أنظمة الدفع الإلكتروني ماستر كارد، الذي رشحه الرئيس جو بايدن لتولي رئاسة البنك الدولي، سيحصل على قدر كبير من المشورة خلال الأشهر المقبلة مع تطور عملية الترشيح. وكما قال الرئيس نفسه يعتبر البنك في” لحظة حرجة”.

وفي تقرير نشرته وكالة بلومبرج للأنباء، عرض كاوين الاستاذ في جامعة جورج ماسون، والحاصل على دكتوراه في الاقتصاد من جامعة هارفارد رأيه بالنسبة لإعادة هيكلة البنك الدولي للأفضل. فهو يرى أولا، أنه على خلاف الحكمة السائدة ، فإنه يتعين على البنك الدولي ألا يجعل تغير المناخ أولوية بالنسبة له. فقضايا تغير المناخ مرتبطة بالدول الغنية ومتوسطة الدخل، أكثر من ارتباطها بالدول الأكثر فقرا.

فالدول الأكثر فقرا، نظرا لحجم اقتصادياتها الضئيل، لا تبعث كربونا كثيرا بشكل عام. وتلوث الهواء الداخلي، مثل حرق الخشب أو الوقود للتدفئة أو الطهي، هو المشكلة عادة. ومن الممكن أن تكون هذه الانبعاثات سامة، ويتعين على البنك الدولي محاولة المساعدة في الحد منها. ولكن ذلك لن يفعل الكثير لخفض انبعاثات الكربون.

وتقدر منظمة الصحة العالمية أن نحو سبعة ملايين شخص يموتون كل عام نتيجة التأثيرات المباشرة لتلوث الهواء.وبالنسبة للدول الأكثر فقرا ، ينبغي أن يكون تخفيف حدة هذه المشكلة أولوية أكبر من مواجهة تغير المناخ. وفي حقيقة الأمر إذا استطاع البنك الدولي المساعدة في رفع مستوى بعض الدول الفقيرة للغاية إلى دول متوسطة الدخل، سوف تصبح مشكلات تغير المناخ أسوأ بشكل ما- على الأقل في المدى القصير إلى المتوسط.

ومقولة” نحن نجعل مشكلات تغير المناخ أسوأ” ليست شعارا قابلا للتسويق. ولكن من الأنانية محاولة جعل البنك الدولى يحقق المزيد من الخير للدول الأكثر ثراء والأقل للدول الأكثر فقرا، وهو أساسا ما سيفعله إعطاء الأولوية لتغير المناخ. وبطبيعة الحال، تتوافق دول العالم الأكثر ثراء مع كبار المساهمين في البنك الدولي.

ويوضح كاوين أن العالم ككل يحتاج إلى عمل الكثير للتعامل مع تغير المناخ. لكن يتعين أن يكون عبء ذلك على الدول الغنية، لا سيما نفقاتها الخاصة بالبحث والتطوير وهيكل اختياراتها الاستهلاكية. وبالنسبة للدول الأكثر فقرا، وفي ظل هوامش الكفاف الحالية، تعتبر محاربة تغير المناخ ترفا كبيرا للغاية.

وأكد كاوين على أنه إذا كان هناك أي مجال ينبغي على البنك الدولي مضاعفة جهوده فيه، فهو التدخلات في مجال الصحة العامة. وكانت النتائج في العقود العديدة الماضية رائعة. ففي أفريقيا على سبيل المثال، انخفضت معدلات وفيات الأطفال، وتحسن الكثير من مؤشرات الصحة العامة بدرجة كبيرة، خاصة خارج مناطق الصراعات الكبرى. فلماذا لا يتم الاستثمار فيما هو ناجح؟

وبالمقارنة، حققت المؤسسات العالمية نجاحا أقل بكثير في دفع أفريقيا نحو الطاقة الشمسية أو المحطات النووية صغيرة الحجم. وسوف يكون النهج الأكثر فائدة واستدامة في تلك المجالات هو الاستثمار في البحث والتطوير في الدول الغنية، وبذلك تكون تلك التكنولوجيات رخيصة بشكل يناسب دول العالم المنخفضة الدخل لتبني أسلوب أكثر استدامة ماليا. ولن يكون التمويل الإضافي من جانب البنك الدولي لبعض محطات الطاقة الشمسية الجديدة كافيا لتحسين الأمور بشكل ملموس.

ويتعين أيضا ملاحظة أن التدخلات في مجال الصحة العامة ، بخلاف مشروعات البنية الأساسية الكبيرة، تتم عادة على نطاق أصغر وغالبا ما تنطوي على فرص أقل للفساد والكسب غير المشروع على نطاق واسع.

وأخيرا، يتعين على البنك الدولي مراعاة احتمال تحمل المزيد من المخاطر. ومنذ نشأته، يحظى البنك بتصنيف إئتماني مرتفع، ومن المهم الحفاظ عليه. ولكن هل البنك فعلا على وشك فقدان تصنيفه المتميز؟ من الصعب أن يبدو الأمر كذلك. وإذا ما وجد نفسه بشكل ما يواجه صعوبة مالية، فإن بوسع الدول الأكثر ثراء إعادة رسملته. وسوف يكون ذلك إحراجا سياسيا، ولكنها مخاطرة تستحق القيام بها، في ظل الهوامش الحالية.

ويرى كاوين أن الإبقاء على البنك الدولي على أساس حجمه الحالي لا يبدو منطقيا كثيرا: ويتعين اختيار إما إلغاء البنك أو توسيع نطاقه. وخلص تقرير أعده خبراء مستقلون بتكليف من مجموعة العشرين إلى أن التوسع في نشاط الإقراض سيكون استغلالا أفضل لموارد البنك ووضعه المميز. واتسم رد فعل العام للبنك نفسه بنوع من العصبية، ناجم في الأغلب الأعم من خوفه من فقدان بعض من وضعه وسمعته بالنسبة للاستقامة المالية.

ويختتم كاوين تقريره بالقول إنه من المهم التساؤل عن مدى أهمية هذه المخاوف بالنسبة لإلحاحية مشكلات البنك. ويتعين على بانجا مواجهة هذه التساؤلات، وهذه القضايا بصراحة وشجاعة.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة عشر + إحدى عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى