لقد كانت المرأة تعيش أيام الظلام قبل ستة عقود من الآن تهيمن عليها عادات وتقاليد سلطوية صنعها الواقع بنفسه وكان ضحيته بالدرجة الأولى المرأة التي تشارك الرجل في كل متطلبات الحياة إلا أنه كان يعتبرها شيء محرم في أغلب المجالات ولا يقبل لهذا الشيء أن يختلط بالمجتمع اسوةً بالرجل خوفا من التقاليد والأعراف القبلية في حينها…
كانت المرأة في اغلب البلدان العربية ووفق معتقداتهم السائدة يسمونها ((الحرمة)) وهذا الاسم هو بحد ذاته مشتق من التحريم والاختلاط للمرأة مع أبناء مجتمعها وحسب مفهومهم القبلي بانها الشيء المقيد والممنوع عليه الكثير من الأمور الحياتية..
لقد كانت مسلوبة الحقوق والإرادة في حياتها كانسان أكرمه الله سبحانه وتعالى ومنحه حقوقاً وامتيازات أسوةً بالرجال..
ومضت السنين وبقت المرأة على وضعها بعيدةً عن العلم غارقةً في الجهل والتخلف وبقت التقاليد والأعراف القبلية تلاحقها في كل مكان وحتى داخل غرفتها التي تعيش فيها وبقت تعاني من الانكسار والأقاويل الجارحة التي منعتها من الظهور في كل المحافل ومنعتها بعدم الاختلاط إلا بالمقربين إليها…إن ما كانت تعيشه يقع بين الأمرين : الأول عادات المجتمع والثاني هيمنة الرجل السلطوي عليها..
ورغم معاناتها من حرمان لحقوقها وانتقاص من شخصيتها إلا أن المجتمع العربي عموماً يعتبر هذا الشيء هو الصحيح والأصلح في حينها ومن باب الغيرة كان الرجل لا يقبل على نفسه أن تكون أمه أو أخته أو زوجته تعمل في أي قطاع وظيفي حكومي لأن الواقع الذي يعيشه يعتبر هذا انتقاص من شخصية ذلك الرجل حتى وإن كان بحاجة إلى مساعدتها…
ومع التحرر العالمي الذي ما زال الكثير منا ينتقده بسبب عدم فهمنا الصحيح له وعدم إدراكنا للمعنى الحقيقي لهذا التطور الحضاري ورغم إننا أصحاب كتب سماوية منحت المساوات بين حقوق الرجل والمرأة ولم تنكر دور المرأة التي تحملت العناء والأحزان من أجل علو شأن الرجل الذي أصبح متجبراً ومتسلطاً عليها ولكن صبرها وحكمتها أوصلها اليوم إلى أعلى المستويات الموجودة في دولنا العربية فما أجمل المرأة العربية اليوم بواقعنا الحاضر المعاصر وهي تشارك الرجل في شهاداته العلمية وفي وظيفته وعمله خارج المنزل..
وما أجمل الحياة ونحن نرى في أغلب البلدان العربية اليوم الكثير من النساء قد وصل بهم المطاف الوظيفي إلى أعلى درجة وظيفية في المجتمع فها نحن نشاهد اليوم الوزيرة الفلانية أو عضوة في مجلس الشعب أو عضوة في مجلس الرئاسة والقاضية والطبيبة والمهندسة والمعلمة الفاضلة إضافه إلى أننا نعرفها بأنها ربة البيت الناجحة وأصبحت الساعد الأيمن للرجل حتى في أمور الزراعة بالنسبة للمجتمعات الريفية…
إن التحرر للمرأة لا يعني المساس بالأخلاق أو التفكك أو الانحلال مثلما يطلقه اليوم الأشخاص المتشددون بهذا المجال ويعتبرون أن اختلاط المرأة هو شيء محرم متناسين مع أنفسهم إن الدين الإسلامي الحنيف قد وضع تعليماته بالمساواة بين أبناء البشرية كافة ولا فرق بين امرأة صالحه ورجل صالح إلا بالعمل والتقرب إلى الله زلفى..
نعم إن كل القوانين التي وضعها الإنسان بيده من أجل عدم الإنصاف بين المرأة والرجل أصبحت اليوم ملغية وغير قابلة للنقاش ويجب إعطاء المرأة دورها الناجح في المجتمع لأن بناء المجتمع لا يكمن على الرجل وحده والعلم لا يحتكر للرجال فقط..
فلدينا اليوم الكثير من العالمات التي قدمن بحوثهن العلمية لخدمة البشرية وأصبحت لهن بصمة تاريخية مميزة في العديد من الميادين والمحافل في مجتمعنا العربي الحديث…
فالف تحية وتحية للمرأة العربية بعيد ميلادها الأغر..