باحثون في جامعة نيويورك أبوظبي يكشفون عن أسباب انعدام المساواة التي تعرقل تقدم العلماء من أصول غير أوروبية
استمرار عدم المساواة في مراجعة الأبحاث العلمية واستخدامها كمرجع علمي يسفر عن عقبات كثيرة لتقدم المسيرة الأكاديمية للعديد من العلماء
أبوظبي-الوحدة:
كشفت جامعة نيويورك أبوظبي عن إجراء فريق من باحثيها، بمن فيهم علماء مختصين في البيانات والعلوم الاجتماعية الحاسوبية، دراسة عثروا خلالها على نتائج جديدة تسلط الضوء على الحالات غير المعروفة سابقاً لتعرض العلماء من أصول غير أوروبية لانعدام المساواة فيما يتعلق بدراسة أبحاثهم ونشرها واستخدامها كمراجع علمية، الأمر الذي يتسبب في عرقلة تقدم مسيرتهم الأكاديمية. وأشارت تحليلات فريق جامعة نيويورك أبوظبي إلى أن عدد المحررين من أصول غير أوروبية أقل من النسبة المتوقعة بناءً على نسبتهم في مجال التأليف. كما يواجه العلماء من أصول غير أوروبية زمن انتظار أطول لتقديم أبحاثهم العلمية واستصدار الموافقات عليها ونشرها، علماً أن استخدام أبحاثهم كمراجع علمية لا يضاهي النسبة المتوقعة بالمقارنة مع الأبحاث المشابهة.
وتم نشر الدراسة تحت عنوان “العلماء من أصول غير أوروبية يمثلون نسبة قليلة في مجالس التحرير وتستغرق أبحاثهم وقتاً أطول في المراجعة ويتم استخدامها كمراجع علمية بنسبة أقل” في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة الأمريكية.
وجمع الباحثون قاعدة بيانات ضخمة وغير مسبوقة تتألف من مليون بحث علمي تم نشرها بين عامي 2001 و2020 من تأليف ستة ناشرين، وهم فرونتيرز، وهنداوي، ومعهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات، ومعهد النشر الرقمي متعدد الاختصاصات، ومجلة المكتبة العامة للعلوم (بلوس)، ومجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم. وقاموا بتحديد المحرر المسؤول عن كل بحث وتاريخ تقديم وقبول تلك الأبحاث. وركزت التحليلات على ثلاث نتائج رئيسية تشمل نسبة المحرر إلى المؤلف والزمن الفاصل بين تقديم البحث وقبوله وعدد المرات التي تم فيها استخدام البحث كمرجع علمي مقارنةً بالأبحاث المشابهة له.
وكشفت التحليلات أن عدد المحررين في قارات آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية (حيث تُعد غالبية السكان من أصول غير أوروبية)، أقل من المتوقع بناءً على نسبتهم في مجال التأليف. كما أشار جانب التركيز على العلماء المقيمين في الولايات المتحدة إلى أن الباحثين من أصول أفريقية هم الأقل تمثيلاً بين جميع الفئات. وسلطت الدراسة الضوء على الزمن الذي تستغرقه الأبحاث في المراجعة، وبيّنت أن الأبحاث المقدمة بواسطة علماء من آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية استغرقت وقتاً أطول في المراجعة مقارنةً بغيرها من الأبحاث التي تم نشرها في المجلة والعام ذاتهما. كما استغرقت الأبحاث التي قدمها علماء من أصول أفريقية في الولايات المتحدة الزمن الأطول في المراجعة. وأفاد تحليل نسبة الأبحاث الصادرة في الولايات المتحدة، والتي تم استخدامها كمراجع علمية، بأن الأبحاث التي أصدرها العلماء من أصول أفريقية ولاتينية، وتم استخدامها كمرجع علمي، أقل بكثير من الأبحاث المشابهة الصادرة عن علماء من أصول أوروبية. واستخدم الباحثون أداة خوارزمية لتصنيف أصول العلماء اعتماداً على اسمهم.
وتعليقاً على هذا الموضوع، قالت بدور الشبلي، الأستاذة المساعدة في برنامج العلوم الحاسوبية الاجتماعية في جامعة نيويورك أبوظبي: “تؤكد النتائج التي توصلنا إليها وجود فجوة عرقية تؤثر على العلماء من أصول غير أوروبية عند استخدام أبحاثهم العلمية كمراجع معتمدة، مما يعني أن هؤلاء الباحثين يحظون بشهرة أقل مقارنةً بنظرائهم ممن يصدرون أبحاثاً مشابهة. وتلعب التعقيدات التي يواجهونها، وخاصة في تلقي التمويل الكافي لعملهم، دوراً كبيراً في التأثير على مسيرتهم الأكاديمية”.
ومن جهته، قال طلال رهوان، الأستاذ المشارك في علوم الحاسوب في جامعة نيويورك أبوظبي: “يبذل الباحثون قصارى جهودهم لتدقيق عمليات التحرير والكشف عن حالات عدم المساواة ومعالجتها. ويتعين على كامل المجتمع العلمي السعي لتوفير بيئة عمل خالية من التمييز على أساس الأصل والمنطقة، والتي يسفر انعدام وجودها حالياً عن عرقلة تطور المسيرة الأكاديمية للباحثين وبالتالي ومنع التقدم العلمي”.