رغم مرور 25 عاما على وفاة راقصة صغيرة السن… لا يزال إرثها حيا في لوس أنجليس

لوس أنجليس (د ب أ)-

لقد كانت كنيسة “أنجيلوس تيمبل” الضخمة الواقعة في منطقة “إيكو بارك” بلوس أنجليس، هي المكان غير المتوقع (والأكبر حتى الآن) لإقامة حفلات نهاية العام الخاصة بمدارس “جابرييلا تشارتر”.

وفي أحد أيام السبت من شهر حزيران/يونيو الماضي، تجمع الأصدقاء والأهل في قاعة المسرح المكونة من ثلاثة طوابق، والتي تتسع لعدد 5300 مقعد، لتقديم عرضين مختلفين، حيث تم نقلها من غابات الخشب الأحمر في كاليفورنيا وحقول “سنترال فالي”، إلى لوس أنجليس حيث توجد مدارس “جابرييلا تشارتر”.

وصعدت طالبة في الصف السادس تدعى أنابيل سوريانو، إلى خشبة المسرح، حيث قدمت تعليقا صوتيا لقصة باللغتين الإنجليزية والإسبانية، تدور أحداثها حول فتاة أمريكية أصولها من جواتيمالا، لا ترى الجمال في حي لوس أنجليس الذي تعيش فيه، بحسب ما أوردته صحيفة “لوس أنجليس تايمز” الأمريكية في تقرير لها. لذلك، تنطلق الفتاة من خلال أحلامها، في مغامرة عبر “الولاية الذهبية” (أي كالفيورنيا)، بحثا عن المعنى. ويستكشف الطلاب كاليفورنيا من خلال أساليب الرقص الكلاسيكية، التي تشمل التاب (وهو رقص النقر بالاقدام)، والهيب هوب، والباليه الممزوج بالحركات المنتشرة على منصة “تيك توك” وعلى لعبة الفيديو الشهيرة “فورت نايت”.

واصطف الجمهور في شارع “جلينديل بوليفارد” قبل ساعات من انطلاق العرضين. وقالت المديرة التنفيذية لمدارس “جابرييلا تشارتر”، روندا بالدينيجرو، إن هذا هو الامر المعتاد خلال الحفل السنوي للمدارس، على الرغم من أنه العرض الثاني فقط الذي تقدمه المدارس من خلال الحضور الشخصي للطلبة والحضور منذ تفشي جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19).

وتعتبر شعبية هذه الفعالية شاهدة على مدى التزام ليزا بيركوفيتشي بتعليم الرقص منذ عقود. وكانت بيركوفيتشي، وهي محامية سابقة، أسست في عام 1999، برنامجا للرقص بعد المدرسة، للمجتمعات ذات الدخل المنخفض، تكريما لابنتها الراحلة جابرييلا أكيسلراد /13 عاما/ التي لقت حتفها في حادث سير في هذا العام على يد سائق كان مشتت الانتباه أثناء قضاء إجازة عائلية.

وكانت جابرييلا راقصة وكانت تحلم بأن تصير معلمة. وفي عام 2005، تطور البرنامج ليتحول إلى مدرسة مستقلة للطلبة، من مرحلة رياض الأطفال وحتى الصف الثامن. وكان قد تم في عام 2009 افتتاح حرم “إيكو بارك” بكاليفورنيا، والذي صار في الوقت الحالي مقرا له، وتم إنشاء مدرسة ثانية بجنوب لوس أنجليس في عام 2017. وهناك نحو 400 طالب مسجلون في كل مدرسة.

أما الآن، وبعد مرور خمسة وعشرين عاما على وفاة جابرييلا، لا يزال إرثها حيا ونابضا بالحياة.

وتقول بيركوفيتشي: “إننا كمنظمة قطعنا (على أنفسنا) هذا الالتزام بتقديم الفن والرقص بمستوى عال جدا وبصورة متكرر جدا أيضا، وهو أمر غير معتاد تماما”، بحسب ما نقلته صحيفة “لوس أنجليس تايمز”.

فيما تقول بالدينيجرو، المديرة التنفيذية في “جابرييلا تشارتر”، إن المدارس تعتبر واحدة من المدارس العامة القليلة في البلاد التي تقوم بتدريس الرقص لعدة أيام في الأسبوع، كجزء من المنهج الدراسي. وبالنسبة للعديد من طلاب المدرسة من ذوي الدخل المنخفض، فهي تعد فرصتهم الوحيدة للتدرب على الرقص بصورة رسمية.

وحتى بعد إقامة حفل نهاية العام الكبير، وبينما يقترب حلول العطلة الصيفية، استمر الأطفال بمدارس “جابرييلا تشارتر” في الرقص. فبالنسبة لخمسة طلاب، سيستمر الرقص خلال فصل الصيف في المعهد الموسيقي للفنون الصيفية، التابع لمجموعة التعليم المسرحي بمدرسة مقاطعة لوس أنجليس الثانوية للفنون. وبينما تزيد تكلفة التسجيل عن 1200 دولار، حصل طلاب مدارس “جابرييلا تشارتر” على منح دراسية كاملة.

وقد كان أنتافيوس إليسون، وهو مدرب الرقص في مدارس “جابرييلا تشارتر”، هو المحفز فيما خص الربط بين المدرسة والبرنامج.

وحتى عندما أجبر تفشي جائحة كورونا المدارس على اللجوء للتعليم الافتراضي، لم يتوقف الرقص أبدا. وتقول ستيفاني بيازا، المديرة في حرم “إيكو بارك”، إنه خلال الفصل الدراسي الذي شهده ربيع عام 2020، قام معلمو الرقص بتسجيل مقاطع فيديو لكي يشاهدها الطلبة. واستمرت المدرسة في تقديم حفلها الموسيقي، على الرغم من أن الحفل في ذلك العام كان في صورة مقاطع فيديو مجمعة معا للطلبة وهم يرقصون في منازلهم.

وتقول بيازا: “في كل مرة أرى فيها مقطعا من العرض الذي قدمناه (في عام 2020)، أشعر بأنه كان أمرا عاطفيا حقا، وذلك لأننا كنا جميعا نشعر بالوحدة وكنا في غاية الحزن، ولا زلنا نبحث عن طرق للتواصل بهذه الطريقة.”

وعند التجول في أنحاء حرم “إيكو بارك”، نجد أن الجميع يعرفون أسماء الآخرين. ويعد القاسم المشترك بين الطلبة والأسرة وأعضاء هيئة التدريس هو: الحب للمجتمع الذي كونته مدارس “جابرييلا تشارتر”.

 

 

Exit mobile version