مرئيات

الأجنحة الحامية وصراع الولاء في الزواج

بقلم / د. ولاء قاسم

تشكل الأسرة الممتدة في ثقافتنا العربية الجناح الحامي للأزواج الجدد حيث تمنح الاسرة الزوجين الشعور بالأمان والانتماء وتقدم كافة أشكال الدعم مما يعزز العلاقة الزوجية .
كما أن المساندة المعنوية من قبل الأهل كثيراً ما تكون دافعاً للزوجين في تجاوز الأزمات أو الصراعات ، فيقوم الأهل بنوع من “العلاج الواقعي” الذي يساعد كل من الزوجين على تهدئة الشطط في الانفعالات ، ويُسكن الثورات، ويسد الثغرات، ويحث على الرضا لتجاوز العقبات.

لكن تبدأ المشكلة عندما يظهر صراع الولاء بين الوالدين وأحد الزوجين مما يشكل تحدياً كبيراً للأسرة الصغيرة فيكون الزوج والزوجة مطالبان بتحقيق التوازن بين ارتباطهما الأصيل بوالديهم وأسرتهم الممتدة وارتباطهما الجديد بالشريك وبالأسرة الصغيرة بطريقة تحفظ الاتزان وتصون كرامة الجميع .

يكافح العديد من الأزواج للحفاظ على حياتهم الزوجية وتوازنهم النفسي ويبذلون جهوداً جبارة للحصول على استقلالهم بعيداً عن سطوة الأسرة التي تصر على التدخل بلا هوادة في كل قراراتهم التربوية والاجتماعية والمالية وقد تمتد تدخلاتهم أحياناً للعلاقة الزوجية وهذا بطبيعة الحال أمر مرفوض من غالبية الأبناء الذين يعتقدون أنهم نالوا قسطاً من التعليم وتطوروا اجتماعياً وثقافياً بصورة تؤهلهم لإدراة حياتهم الزوجية بطريقة تتوافق مع متطلبات العصر ومعطيات الواقع الجديد .

بعد الزواج قد تشكل تدخلات الأهل عبئاً لايستهان به قد يقود إلى العديد من الأزمات من خلال قيام حرب معسكرات بين أحد الزوجين وأهله ضد الآخر وأهله ولا يجدر أن تقوم الأمهات بحملات تحريض للزوجة على زوجها وحثها على محاصرته وإرهاقه بمطالبها ، بينما تحرض أم الزوج ابنها على التعنت مع زوجته ومحاولة إخضاعها ، وعندما لا يوفر الوعي الكافي لدى الزوجين تستمر هذه الحرب التى تكون العلاقة الزوجية وقودها .

تمثل العلاقة “التملكية” أحد أكبر تحديات الزواج حيث تكون بطلة القصة هنا أم متعلقة بابنها ترفض استقلاله عنها وتتعامل مع زواجه على أنها خيانة لها و محاولة للتمرد على نفوذها فنكون هنا بصدد حالة تَعذر فيها الفطام النفسي الذي يشكل القناة الوحيدة للوصول الى الاستقلال الوجودي ، فيستمر هذا الصراع الذي تتعامل فيه الأم مع زوجة ابنها على أنها كيان دخيل يحاول إزاحتها عن عرشها في عالم ابنها النفسي ،وهنا يُفتح الباب لسلوكيات منفرة من الرصد والتجسس والمتابعة تضع الزوج في موقف لايحسد عليه بين حاجته لإقامة رباط زوحي راشد وبين اتهامه بالعقوق والضعف والتخاذل أمام زوجته ، وتستمر كل من الأم والزوجة بزراعة الألغام في طريق الحياة الناشئة مما يهدد بتدميرها مع خطوة .

وفي شكل آخر للتدخل لكنه أقل شيوعاً وحدة نجد الميل الأبوي لاستيعاب حياة الإبن أو الإبنة في محاولة لتوسيع النفوذ فيعتبر الأب ذلك الزواج الناشيء ملكية تخصه في نوع التصخم الذاتي ويمارس سلطاته تجاه ذاك الزواج تحت ستار العطاء والرعاية رغم تعارض ذلك مع مقتضيات التغير الاجتماعي وتوجهات الأسرة الحديثة .. فذلك النمط يخدم أسرة تقليدية تتسع فيها عباءة الأب لتغطي الاولاد واسرهم وتستخدم البر كسلاح لإخضاع الأبناء وغالباً سيدفع كل من يحاول التحرر أو يقاوم سلطة الأب ثمناً باهظاً بداية من الاتهام بالعقوق ومن ثم فقدان الامتيازات والمساعدات المادية.

بدوري أنصح الزوجين بالتعامل مع تلك الصراعات بحكمة ومرونة ،وأدعوهما لمواجهة أي تدخلات سافرة وغير منطقية بدرجة عالية من الحزم ويمكن تجنب ذلك التدخل أو حتى تقليله برسم حدود واضحة في التعامل للحفاظ على الخصوصية وبناء هوية مستقلة لأسرتهما الجديدة .

كما بجب أيضاً تحديد مساحات التداخل بينهما وبين الأسرة الممتدة مما يحدد الأدوار والتوقعات والمسؤوليات وتساعد على الوفاق والتكيف ، ومن الأهمية بما كان مصارحة الشريك بالامور التي ترفض تدخل الاهل فيها بشكل قطعي والتعبير عن مخاوفك وتوقعاتك بصورة واضحة ودون تذمر حتى تصلان لأرضية مشتركة تسمح بالحفاظ على المودة والمساندة من الأسرة الممتدة وتحقق الاستقلالية الزوجية في ذات الوقت .

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى