الأرشيف والمكتبة الوطنية يستعرض عادات الإماراتيين قديماً في رحلة المقيظ

أبوظبي – الوحدة:

بالتزامن مع منتصف موسم المقيظ، نظم الأرشيف والمكتبة الوطنية محاضرة بعنوان “المقيظ بين الجبال والرمال” مستمدة معلوماتها من المقابلات التي أجراها قسم التاريخ الشفاهي مع كبار المواطنين؛ سلطت الضوء على مرحلة مهمة في حياة الآباء والأجداد وتراثهم المستدام.
بدأت المحاضرة بالحديث عن اهتمام المؤسس والباني الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه- بالزراعة، وما حققه على صعيد زراعة النخيل والمحاصيل المختلفة، وهذا ترجمة حقيقية لقوله الشهير: “أعطوني زراعة أضمن لكم حضارة”.
ثم عرفت المحاضرة -التي قدمتها الباحثتان مدية المحيربي، وهند الزحمي من قسم التاريخ الشفاهي في الأرشيف والمكتبة الوطنية- موسم المقيظ، ثم استعرضت عادات الناس وتقاليدهم منذ توجههم إلى الواحات وأماكن المقيظ، ثم في منتصفه الذي يعرف بجمرة المقيظ، أو غرزة المقيظ، وصولاً إلى نهايته، وتحدثت بالتفصيل الدقيق عن حرص أبناء الإمارات على استدامة هذا التراث الذي يدعو للفخر.
وأشارت المحاضرة إلى أن موسم المقيظ يبدأ بتباشير الرطب وجني محصوله للمرة الأولى، وعنه قالت الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي: طلوع الثريا يبتدي بالتباشير/ وعقب السبوعين اتهاداه الاصحاب.
وهذا ما يؤكد أن موسم القيظ يبدأ بطلوع الثريا، والقيظ هو الصيف حسب ما عرفه الدكتور سلطان العميمي، وتطرقت المحاضرة إلى وسائل السفر إلى مناطق المقيظ، إذ كانوا يسافرون على ظهور المطايا وفي سيارات اللاندروفر، وينتقلون إلى المناطق التي يكثر فيها النخيل، وإلى الوديان، وينتقل سكان الجبال إلى مزارعهم في الوديان، وذكرت أن أهالي أبوظبي كانوا يقيظون في منطقة العين وفي منطقة الظفرة.
وفي منتصف موسم المقيظ يقوم الأهالي بخرف الرطب، ومن أنواعه: النغال، والأنوان، والخنيزي، والهلالي، والفرض، والخشكار، وعين البقر… وغيرها، وأما اللولو فيبشر متأخراً، ومن فواكه القيظ الهمبا أو المانجو.
وحثت المحاضرة على أهمية الاستدامة على نهج الآباء والأجداد، فأشارت إلى أن القدامى كانوا يستفيدون من كل جزء من أجزاء النخلة؛ سواء في بناء العرشان أو الخيام، والأدوات المنزلية، وفي الصناعات والمنتجات الغذائية، وذلك دليل على استدامة الموارد البيئية، وأنهم كانوا يصنعون الحبال والقراقير من السعف والجريد لاستخدامها للصيد.
وأما نهاية موسم المقيظ فكان الناس يقومون بتكنيز التمور “حفظها” وباستخراج دبس التمر وتجهيزه للشتاء لكي يعدوا منه الأطعمة التي تدوم معهم طوال السنة.
وأشادت المحاضرة بجهود الدولة وبحرصها على الاحتفال بالموروث بالكثير من الفعاليات والمبادرات، وأبرزها تسجيل ملف النخلة في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي في اليونسكو، ومهرجان ليوا للرطب، ومهرجان الذيد للرطب، وبالدور الذي يؤديه الأرشيف والمكتبة الوطنية من أجل الحفاظ على الموروث واستدامته للأجيال المتعاقبة.
وعددت المحاضرة أهم الأكلات الشعبية التي يستخدم فيها الرطب والتمر، وأهم المنتجات المستخرجة من شجرة النخيل مثل الحيب وهو قلب النخلة ولبها، والعطر، وعصير الرطب، والقهوة المصنوعة من نواة التمر… وغيرها مما يدل على الاستدامة.

Exit mobile version