Categories: مرئيات

الحر يفاقم معاناة سكان القاهرة مع تآكل المساحات الخضراء

مصر لديها خطة لزراعة 100 مليون شجرة في الفترة من 2022 إلى 2029

القاهرة – رويترز:
كانت شقة أحمد بلال في القاهرة تطل على مجموعة من الأشجار التي توفر حماية ضرورية جدا من التلوث في منطقة صاخبة بالعاصمة المصرية إلى جانب المساعدة في تخفيف حدة حرارة الصيف الشديدة.

لكن عندما أدت حملة للدولة لتمديد وتوسعة الطرق الرئيسية إلى اقتلاع معظم تلك الأشجار في حي المهندسين الراقي بالقاهرة الكبرى، قرر أحمد أن يحزم أمتعته وينتقل في عام 2022 إلى الضواحي.

وقال الطبيب (39 عاما) “بعت شقتي.. لأتمتع بقدر يسير من راحة البال وبعض المساحات الخضراء التي آمل ألا يبحثوا عنها”.

وباتت إزالة المساحات الخضراء في العاصمة ومدن أخرى موضوعا مثيرا للجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الأسابيع القليلة الماضية في أوج درجات الحرارة، إذ يشكو كثيرون من أن ذلك يفاقم آثار تغير المناخ.

ووصلت درجات الحرارة في القاهرة إلى 43 درجة مئوية في أوائل هذا الصيف، بينما شهدت مدينة أسوان في الجنوب حرارة شبه قياسية تجاوزت 49 درجة مئوية في السادس من يونيو حزيران، وفقا للهيئة العامة للأرصاد الجوية بمصر.

ومنذ سنوات قليلة تمضي مصر قدما في تنفيذ مشروعات بناء طرق تقول إنها ستخفف من الازدحام المروري في المدينة المكتظة وتعزز الاستثمار. لكنها أدت أيضا إلى تآكل المساحات الخضراء المتناثرة بالفعل.

ورغم ندرة البيانات العامة في الآونة الأخيرة، قالت وزارة البيئة العام الماضي إن متوسط حصة الفرد من المساحات الخضراء في البلاد وصل إلى 1.2 متر مربع فقط، وهو ما يقل كثيرا عن توصية منظمة الصحة العالمية بحصة تبلغ تسعة أمتار مربعة للفرد.

وفي الفترة من عام 2017 إلى 2020، خلال ذروة أعمال توسيع الطرق في مصر، فقدت القاهرة نحو 910894 مترا مربعا من مساحاتها الخضراء المحدودة بالفعل، وفقا لمشروع (حلول للسياسات البديلة) البحثي التابع للجامعة الأمريكية بالقاهرة والمعني بتقديم مقترحات حول السياسات العامة.

ويقول محللون إن هذه الخسارة يمكن أن تُعّرض السكان لمزيد من الحرارة التي تشكل تهديدا للحياة، إذ يؤدي تغير المناخ إلى موجات حر أكثر تواترا على مستوى العالم ويفاقم تأثير الجزر الحرارية الحضرية.

وقالت سناء شريف، وهي باحثة في مجال الحوكمة البيئية وخبيرة في علم الاجتماع مقيمة في القاهرة، “في المدن ذات الكثافة السكانية العالية حيث يمكن أن تصبح الحرارة شديدة القسوة يمكن أن يساعد وجود المتنزهات والحدائق وغيرها من المساحات الخضراء في خفض درجات الحرارة المحلية، مما يجعل الأماكن المفتوحة أكثر جذبا وقابلية للاستخدام”.

وأضافت “بدون وجود الظل الكافي ومساحات التبريد، يصبح السكان أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المرتبطة بالحرارة”.

حرارة محجوزة

اختفت بعض الأشجار والمساحات الخضراء من على طول نهر النيل، الذي يمر عبر القاهرة ويوفر كل احتياجات مصر تقريبا من المياه العذبة.

وفي جزيرة الدهب، جنوبي وسط المدينة مباشرة، أدى توسيع جسر على الطريق الدائري إلى تآكل الأراضي الزراعية، كما قال نبيل الهادي من جامعة القاهرة، بينما يجري بناء ممشى خرساني طويل على طول ضفتي النهر.

وقال الهادي “وجود العمران سواء العمران المباني، أو العمران الشوارع، أو العمران الأرضيات الصلبة، دي كلها بتحجز الحرارة إنها تُمتص وتمشى في مسارها الطبيعي بتاعها وتعكسها تاني، ففي الحقيقة وجود العمران الأساس بتاعه إنه بيزود الحرارة في المكان اللي هو فيه…العمران مرتبط بزيادة الحرارة”.

ويقول معارضون إن مشروعات الطرق في مصر ليست السبب الوحيد لإزالة المساحات الخضراء، إذ تمت إزالة حدائق جزئيا في أجزاء من القاهرة لإفساح المجال لمحال تجارية ومقاه.

وأحجم متحدث باسم وزارة البيئة المصرية عن الإجابة على أسئلة حول المناطق التي تمت فيها إزالة مساحات خضراء في غياب أعمال بناء، وطلب من رويترز الرجوع لبيانات رسمية.

وقال محافظ القاهرة إبراهيم صابر الشهر الماضي ردا على انتقادات عامة إنه لن يتم قطع أي أشجار ما لم تفحص لجنة متخصصة ما إذا كانت تعيق أي مشروعات.

وقالت مصر، التي استضافت مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب27) في عام 2022، إن لديها خطة لزراعة 100 مليون شجرة في الفترة من 2022 إلى 2029 على مستوى البلاد، مضيفة أنه تمت بالفعل زراعة 3.1 مليون شجرة.

وقالت أسماء الحلوجي، وهي ناشطة بيئية مخضرمة ورئيسة جمعية محبي الأشجار، التي تأسست في السبعينيات لمكافحة فقدان المساحات الخضراء في المناطق الحضرية في مصر “استبدال الأشجار ذات الجذور العميقة بأشجار جديدة ليس بالأمر السهل. عشان تعوضها محتاج فلوس كتير، محتاج عمالة، محتاج صيانة”.

وأضافت “نسمعهم يقولون زرعنا 50 شجرة، زرعنا 500 شجرة، زرعنا ثلاثة آلاف شجرة، زرعنا مليون شجرة، هما فين؟”.

امتداد أخضر

في الوقت الذي تتحمل فيه المناطق المكتظة بالسكان في القاهرة العبء الأكبر من أعمال الطرق في مصر، تزدهر المساحات الخضراء في المجمعات السكنية على مشارف المدينة، والمحجوزة في الغالب للأثرياء.

وتتضمن العاصمة الإدارية الجديدة الواقعة شرق القاهرة، حديقة النهر الأخضر بطول 35 كيلومترا.

وقالت سناء شريف “الامتداد الأخضر، أو نقل المساحات الخضراء إلى ضواحي أكثر ثراء، أدى إلى تراجع حاد في المساحات الخضراء التي يمكن الوصول إليها للسكان في قلب المدينة”، مما يزيد من التفاوت الاجتماعي.

وقالت أسماء الحلوجي إن قطع الأشجار يحرم الناس مما هو أكثر من الظل.

وأضافت “الشجر بيمثل ذاكرة الأمة وهوية المكان. النهاردة الأماكن بلا هوية وبلا ذاكرة”.

Recent Posts

دراسة لـ «تريندز» تستكشف تداعيات تصاعد تهديدات حركة طالبان الباكستانية

أبوظبي - الوحدة: تستكشف دراسة حديثة لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، تداعيات تصاعد تهديدات حركة طالبان…

9 دقائق ago

اقتصادية عجمان تحتفي بتخريج 59 منتسبًا لبرامجها في صيفنا سعادة 2024

عجمان - الوحدة: احتفت دائرة التنمية الاقتصادية في عجمان اليوم بتخريج 59 منتسبًا لبرامجها الصيفية…

11 دقيقة ago

رئيس الدولة ونائباه يهنئون رئيس جمهورية الكونغو بذكرى استقلال بلاده

بعث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، برقية تهنئة…

34 دقيقة ago

رئيس الدولة ونائباه يهنئون رئيسة الهند بذكرى يوم الاستقلال

بعث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، برقية تهنئة…

39 دقيقة ago

رئيس الدولة ونائباه يهنئون أمير إمارة ليختنشتاين بذكرى اليوم الوطني لبلاده

بعث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، برقية تهنئة…

48 دقيقة ago

رئيس الدولة ونائباه يهنئون رئيس جمهورية كوريا بمناسبة يوم التحرير

بعث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، برقية تهنئة…

49 دقيقة ago