أخبار الوطن

تنمية الأسرة الإماراتية

بقلم : المهندس سيف بدر الصيعري

تعتبر الأسرة نسقا اجتماعيا حصينا ورئيسيا بالمجتمع يتفاعل فيه الوالدان والأبناء لتشكيل شخصية سليمة اجتماعيا ونفسيا ليقوموا بأدوارهم بطريقة فعالة في المجتمع الذي ينتمون اليه، وكلما زادت قدرة الأسرة على رعاية ابناءها وتنشئتهم وفقا لقيم وعادات المجتمع ودون أن يشعروا بالحرمان أو الضغط أو القسوة أو التساهل أو عدم الاهتمام، كلما كان الطفل سويا قادرا على تحمل مسؤوليته في اطار احترامه وتقديره لذاته وذوات الآخرين، والعكس صحيح أيضا فإذا ضعفت الخلية الأساسية في المجتمع ضعف مصدره ونقطة ارتكازه، فإذا أصيبت الأسرة بأمراض فكرية وأخلاقية سيختل تماسكها وتتفكك، ما يرتب آثار سلبية كبيرة على المجتمع، يجب التحوط لها واتخاذ إجراءات وقائية.

لهذا قالت العرب أن الأسرة هي الدرع الحصينة و هي أهل الرجل وعشيرته، والأسرة هي التقيد برباط، وهي الجماعة التي يربطها أمر مشترك، وجمعها أسر. وهي بالاصطلاح جماعة من الأشخاص تربطهم رابطة الزواج أو الدم يتم التفاعل فيها بين الأب والأم والأب والأم والأبناء ويشكلون جميعا وحدة اجتماعية. والأسرة هي المؤسسة الأولى التي ينشأ فيها الطفل وفيها يتم نقل ثقافة المجتمع من قيم وعادات وتقاليد ومهارات الى الأجيال الجديدة(التنشئة).
وقد حرصت الدولة الإماراتية من خلال مؤسساتها المختلفة على دعم كافة مقومات الأسرة، فوفرت لها مقوماتها الاقتصادية من خلال توفير فرص العمل والدخل المناسب لمواطنيها، ذلك أن المقوم المادي للأسرة وقدرتها على إشباع حاجاتها المادية يشكل عنصرا أساسيا لقيامها، كما وفرت الرعاية الصحية للأسرة وأتاحت الخدمات الصحية المتنوعة والمجانية لتكون الأسرة سليمة من الناحية الصحية، وبتوافر المقوم النفسي للأسرة من استقرار نفسي وطمأنينة وأمان وعطف ، يكون أفرادها أكثر فعالية في رعاية أبنائهم وتنشئتهم بشكل صحيح، وهذا ما ينعكس على الطفل منذ السنوات الأولى، أما مقوم الأسرة الاجتماعي فإنه يرتبط بقيام الأسرة على أساس من التواد والتكيف المتبادل وتقسيم العمل والرعاية والعطف والحنان والتربية الحسنة واندماج الأسرة في المجتمع بنقل وتوارث عناصر الثقافة والمعايير والقيم الاجتماعية الأصيلة.
جريا على السياق نشير لجانب من جهود الدولة في الحفاظ على الاسرة واستقرارها ودعمها وحمايتها وتوفير الإمكانات للمحافظة على موروث الأسرة الإماراتية من القيم والأخلاق وبذات الوقت الانسجام مع الحداثة، وهو إنشاء مؤسسة التنمية الأسرية التابعة لدائرة تنمية المجتمع في أبوظبي، والتي تهدف الى رعاية وتنمية الأسرة الإماراتية بشكل عام والمرأة والطفل بوجه خاص، وتعمل على تعزيز دور الأسرة في التنشئة الاجتماعية، والى تعزيز التلاحم والترابط والتواصل بين أفراد الأسرة والمحافظة على النظام الأسري الإماراتي المبني على الاحترام وتكامل الأدوار والاستقرار والتراحم الأسري وتأكيد الانتماء والهوية الوطنية، ونشر ثقافة التنمية الأسرية المستدامة.
وقد وضعت مؤسسة التنمية الأسرية خارطتها الاستراتيجية 2023-2027 لتطوير آليات رصد ودراسة الاحتياجات الاجتماعية الحالية والمستقبلية للسكان، وتصميم المزيد من البرامج والخدمات الاجتماعية للاستجابة للاحتياجات الاجتماعية، والعمل على تمكين وتوعية الأطفال والشباب لزيادة مشاركتهم الفاعلة في المجتمع، وتأهيل وتمكين المرأة لتمارس دورها المتوازي في الأسرة والمجتمع، وتوفير حياة كريمة لكبار المواطنين، وكل هذا في إطار حماية الأسرة واستقرارها والحفاظ على أصالتها الإماراتية العربية، بل أن عمل دائرة تنمية المجتمع في أبوظبي اتخذ شكلا وقائيا “إعداديا” من خلال اعداد الشباب المقبلين على الزواج ودعم رحلة بناء الاسرة الإماراتية، حيث اعتمد سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، إطلاق مركز مِديم لإعداد الأسرة، ضمن مبادرة “مِديم”، التي أعلنتها دائرة تنمية المجتمع – أبوظبي في شهر أبريل 2024، وقد أكَّد سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان أهمية مبادرة “مِديم” في دعم رحلة بناء الأسرة الإماراتية ودور مركز مِديم في الإسهام في تحقيق أهداف استراتيجية أبوظبي لجودة حياة الأسرة، وتعزيز الترابط الأسري باتباع القيم الإمارتية الأصيلة، من خلال تثقيف وتأهيل الشباب المقبلين على الزواج، عبر الدورات التثقيفية والبرامج التوعوية والإرشادية والمبادرات المجتمعية، التي تُشجِّع الشباب على التمسُّك بالعادات والتقاليد الإماراتية الأصيلة في تنظيم حفلات الزواج وتعزيز ثقافة التربية الإيجابية والمسؤولة في تنشئة الأبناء.
هذا عرض لجانب من مثابرة الدولة الإماراتية على توفير الحماية للأسرة والحفاظ عليها، يجب تسليط الضوء عليها أكثر ذلك أنها مساعي وجهود مميزة، ولا أقول تحاكي ولكنها تتفوق على الكثير من الممارسات الدولية والإقليمية في هذا المجال، وأخيرا فاتني الإشارة الى أن الدولة سنت القوانين والأنظمة التي تواجه التفكك الاسري وتحمي الاسرة الإماراتية وافرادها سواء الطفل أو المراة أو الوالدين أو أصحاب الهمم أو كبار السن وشبابها، وبشكل يساهم في خلق أجيال قادرة على تحمل المسؤوليات، تحت مظلة (اجتماعية وقانونية) عريضة هي الحفاظ والالتزام بالقيم والعادات والتقاليد الإماراتية العربية الأصيلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى