خلال فترة الخطوبة يكون الحوار بمثابة رقص أخاذ بين القلوب المتشحة بالحب ، حوار حميم ينشىء جسراً عابراً للآفاق بين النفوس المتآلفة ، الحفاظ على تلك الدرجة من الحوار الحيوي والتواصل الصادق بعد الزواج من أهم أركان نجاح العلاقة ومن دونه تتحول الحياة الزوجية الى روتين جامد ومخيب للآمال ، فلا يخفى عليكم اهمية الحوار الذي يشكل قوام العلاقة الزوجية المثلى فهو يعزز الإلفة والتفاهم المتبادل خصوصا إذا تم ضبط منطوق ومضمون الحوار وتنقيح أُسسه برؤية ناضجة .
مفهوم الحوار قد يتباين عند المرأة والرجل ، ففي حين يعتبر الرجل الحوار وسيلة تقود الى غاية هي ايصال المعنى تعتبر المرأة أن المحادثة غاية في حد ذاتها بغض النظر عن محتواها فمجرد الحديث يشبع حاجة عاطفية لدى المرأة ويملؤها بالطمأنينة فهو طريق المشاركة الأعمق والسبيل الى الرومانسية في نظرها ، في داخل المرأة تختلط المحادثة بالحب وتشعرها بالتوحد والاندماج مع شريكها لذلك تعتبر المحادثة طريقة لإرساء للمودة وتوطيد للمحبة .
فمثلاً المرأة التي يسافر عنها زوجها مع غياب الحديث والتواصل الصوتي تحتاج من يوم الى يومين لإعادة بناء الارتباط الحميمي الذي اُفتقد .. وهنا يأتي دور الزوج في الحفاظ على قربه من شريكته، لذلك دائماً ننصح الأزواج بالبقاء بقرب بعضهم ما لم يكن السفر ضرورة قهرية فهناك كثير من المختصين يؤكدون أن الوظائف التي تجبر الأزواج على فراق بعضهم لفترات طويلة تزيد من مشاكل الزواج ويصعب الحفاظ على مشاعر القرب والاندماج والحفاظ على متانة الرباط العاطفي يصبح تحدياً مضاعفاً.
والآن دعونا نسلط الضوء على أثر المحادثات والحوار الزوجي على العلاقة الزوجية ، كيف تنقر المحادثات الزوجية على وتر العلاقة وكيف يمكن أن تولد نغمات منسجمة تبعث على الترابط والوئام أو نغمات متنافرة تُعمق الخلاف وتقود الى التباعد .
لتقود محادثة ناجحة لابد من تطوير الاهتمام بموضوعات مشتركة تهم الطرفين ودعني أخبرك أن الأشخاص الأكثر إنطوائية قد ينخرطون في الحديث إذا كان الحديث عن أمور تهمهم ، وإذا كنت تسعى الى علاقة مشبعة فلا بد أن تخصص جزء من محادثاتك مع شريكك للإعلام عن احتياجاتك وأهدافك وخططك والتحري عن مشاعره وفهم دوافعه واستنباط احتياجاته وخلال كل ذلك لا تنسى أن شريكك يحتاج أن تمنحه انتباهك الكامل وتصغي له بكل حواسك .
ولا يندر أحياناً أن تتحول المحادثة لأداة تهدم العلاقة فالحوار سلاح ذو حدين ويتجلى ذلك في حوار عقيم يتباهى فيه كل طرف بقدرته اللفظية وعلو صوته لإثبات ذاته حتى يتم الانغماس في كومة من الفوضى والحديث المتصدع الذي يسعى فيه كل طرف لإثبات صحة اعتقاداته فيتحول الحوار إلى مباراة تتعالى فيها الأصوات وتزداد فيها الخصومة لكنها مع الأسف مباراة الربح فيها معجون بالخسارة حتى أشواطها الإضافية ووقتها بدل الضائع لأنها تخصم من رصيدك في بنك الحب لدى شريكك
بعض المعارك في خسرانها شرف
من عاد منتصرا من مثلها انهزما
لذلك أحرص على القيمة التي يحتضنها منظورك في الحوار لتحافظ على مسارك ولا تنحرف عنه لصالح مسار أقل نضجاً لمجرد إثبات الذات أو الانتصار لها ، وتذكر أن الغاية من الحوار تعزيز المعرفة وتعميق المحبة وردم الفجوة بيننا وتجلية الابهام ،
وأخيراً عبر عن نفسك بوضوح واجعل كلماتك تنبض حباً، ففي متاهة البوح والتلقي، قد يُقصد قول ما لم يُنطق به، أو ينطق ما لم يُقصد. وهنا تضيع المحبة بين منطوق لم يُقصد ومقصود لم يُنطق .