مرئيات

(نمورٌ من ورق) أو (مديرون من ورق)

بقلم : محمد عوض الجشي

حدثنا الراوي حكاية إدارية (بحتة) قائلاً:
حينما تواجد سكرتير المدير خارج منظومة العمل، أوعز المدير العام الى اجتماع عام افتراضي عبر منصة (الزوم) الى جميع مدراء الأقسام ونوابهم لبحث تطور العمل والإنجازات التي تحققت إضافة الى المعوقات بشتى ألوانها وأحجامها..
نعم جاء الموعد المحدد، ولم يتخلف أحد ،حيث تواجد نواب المدراء أيضاً. وبدأ كل يسرد المهام التي تقوم بها الإدارت جملة وتفصيلا. إذ بمدير ( التقهقر الورائي ) يفند مهام إدارته من حيث إخفاء الطلبات وعدم تنفيذها في الوقت المحدد، ثم يبين أن التأخير طبيعي جداً بسبب (الروتين التخبطي) حتى بدت عليه إمارات التلعثم وعدم الإلمام بالمهام. فما كان من نائبه الاسترسال في معطيات ومبطلات الهِممْ. وكاد هو الآخر أن يرتكس في المهام المنوطة به.

لحظات ،إذ انبرى (مدير أروقة الإحباط) يفند ما يدور في فلك إدارته، ويوهم الجميع أن الموظفين الذين يعملون في إدارته يتنافسون في دوريات مختلفة تحمل في طياتها الغٌبن وبث الفراغ المدوي في ردهات الإدارة. نعم هو أيضاً صار (يلبخ) ويجنح في الطرح لا يدري ما يقول وما يعي. إذ بنائبه يمتشق (المايك) ويبدو محاضراً من الدرجة الأولى. يبين صحة المعلومات التي ينتهجها القسم في استحضار آليات الإحباط التي تجعل من الموظفين (يهرولون) فرادى وجماعات للهروب خارج مقر العمل بحجة فتح حساب في البنك أو تسجيل الأولاد في المدارس أو أية مآرب أخرى.

وتستمر وقائع الاجتماع وهو (المٌدَونْ) ما فتيء يغذي الكمبيوتر في أريحية وسرعة والمدير المسؤول يستمع تارة يمتعض وتارة ترتسم على وجناته ابتسامات يملؤها (غيض من فيض) . فجأة إذ يتنطح (مدير فرز ملفات التوظيف) الذي صرّح في وضوح تام. مبيناً أن طلبات التوظيف تنساب عبر النظم المتبعة وعبر الإيميل المبين في الموقع ، تباعاً. وأكثر الطلبات يتم تصنيفها وفرزها من قبل متخصصين في إبعاد الأكفاء وتذويب شخوصهم وإرسالها فوراً الى سلة المهملات. حتى وإن حدث اتصال من أحد المرسلين للطلب . نرد عليه في سرعة البرق .وجعله ينتظر وينتظر حتى يتم (تطفيشه) وقفل هواء الاتصال ،ثم يرجع القهقرى. وإن حاول الاتصال مرات ومرات. يسمع طنيناً .وهذا مؤشر حصيف أن الطلبات التي تٌرسل إلينا كثيرة وتترى… نعم استمر هذا المدير يحاور ويناور حتى صار (يهذي) واختلفت آراؤه وأقواله على جميع الحاضرين. حتى انبرى نائبه أيضاً يفند ويبين أن القسم بحاجة ماسة الى موظفين أكفاء. ولا تزال الإدارة تٌفند الطلبات ونجهزها منذ أكثر من سنة. ولغاية الآن لم نحظى بموظفين مناسبين .

وقبل أن ينفض الاجتماع الافتراضي . حتى بادر جميع الحاضرين (مدير التوقيعات المٌخربشة) قائلاً بأعلى صوته . إن إدارته تسير أعمالها في يسر وحسن تنظيم. فإن البريد المرسل اليه يومياً لا يؤجله الى غدِ فقط بعد أن يحتسي كوب الشاي ومن ثم دلة القهوة. ويناقش (الواتس آب ) يباشر في إمضاء المعاملات دون النظر إلى فحواها وما كنهها. ويفتخر أن إمضاءه (القلمي) لا أحد يستطيع تقليده. وأحياناً أقوم بوضع الختم الأزرق كي تأخذ المصداقية وقائعها. وعلى سبيل الدعابة. تناول نائبه بعد أن المدير قد سرب بعضاً من المعلومات الغامضة وبدأ (يٌخربط) في القول…ثم أخذ نائبه يشرح في إسهاب ممل..قائلاً:.. أثناء قيام مديري في إجازة تم توكيلي للقيام بالمهام. وما أن باشرت فتح الإضبارات مع البريد المرسل إذ فوجئت في اتصال يفيد أن مديري آتِ الى المكتب بعد قليل من الوقت. . إذ فتح باب المكتب وأشار إلى شاهراً (القلم.) في وجهي.. كٌفّ عن التوقيع ، أين الختم الأزرق.؟ لا أحد يٌحسن التواقيع والأختام غيري.. معذرة.

فض الاجتماع وتم تدوينه حيث تم عرضه على المدير العام. الذي فوجيء بعنوان المحضر.. (نمــــــورٌ من ورق) فإذا به يشطـــــبه مشاغباً ويستبدله بعبارة مٌدوية (مديرون من ورق)..(عِشنا وشٌفنا).. سامحونا….

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى