كولونيا/مانهايم (د ب أ) –
يقرع جرس المدرسة، وينفتح الباب، ويظهر ضوء شاحب. ماذا يحدث هنا؟ هكذا تسأل نفسك حتى يتسلل إليك شعور مفاجئ بالضيق وتقول لنفسك: يا لها من حماقة، اختبار الرياضيات؟ لم أُذاكر!
التوتر قبل الامتحان – هذا شعور يعرفه ملايين الطلاب في جميع أنحاء العالم. لكن لماذا حتى البالغين الذين أتموا دراستهم المدرسية منذ فترة طويلة يلاحقهم أحيانا هذا الشعور، خاصة في الليل؟
إذا سألت من حولك ستعرف أن الكثير من الناس يحلمون بمواقف المدرسة والامتحانات: فصل دراسي مجهول، وسبورة في المقدمة، وورقة مهام على الطاولة – هذه هي كلاسيكيات المسرح التي يعرضها دماغنا أثناء نومنا. لكن لماذا يحدث هذا حقا؟
إذا كنت تريد معرفة الإجابة، فعليك التحدث إلى ميشائيل شريدل، أحد أشهر الباحثين في مجال الأحلام في ألمانيا، فهو رجل يمتلك إجابات هادئة للغاية على أسئلة مُلحة. يقول شريدل: “حلم المدرسة لا يتعلق بالتجارب الملموسة في المدارس منذ سنوات عديدة مضت – بل يتعلق بأشياء حالية ترتبط مشاعريا بهُنا والآن”.
يوضح المدير العلمي لمختبر النوم في المعهد المركزي للصحة النفسية في مانهايم قائلا: “يمزج الحلم دائما بين تجارب حالية وأشياء مررنا بها من قبل – إذا كانت هذه التجارب السابقة تثير مشاعر أو عواطف مماثلة. الأحلام تربط تجربة حاضرة بأخرى ماضية”. ومن هذا المنظور تعتبر المدرسة أشبه برقاقة معدنية تنعكس عليها الحالة المعنوية الحالية”.
يقول شريدل: “النمط الأساسي لحلم الامتحان هو أن شخصا آخر يريد أن يعرف منك ما إذا كنت تجيد شيئا ما، أو ما إذا كان بإمكانك تحقيق شيء ما. الشعور هو أن أدائي يتم مراقبته”.
يوضح شريدل أن الأمر يتعلق بشعور غير مريح وغير مقتصر على الفصول المدرسية، وقال: “هذا النمط الأساسي هو شيء نواجهه ليس فقط في المدرسة، ولكن طوال حياتنا… في الحياة المهنية، لم يعد المعلم هو الذي يختبر، بل رئيس العمل أو الزملاء”.
وأشار شريدل إلى أنه من الممكن لذلك أيضا أن يحلم الطلاب النموذجيون السابقون، الذين كانوا دائما مستعدين جيدا للاختبارات، عندما يكبرون بأنهم جالسون أمام ورقة امتحان الرياضيات أو اللغة الإنجليزية وليس لديهم أي فكرة عن تلك المواد الدراسية، وقال: “الأمر يتعلق هنا بمشاعر وعواطف حالية”.
وأضاف شريدل: “إذا كان لديك شعور بأنك غير مستعد بما فيه الكفاية لمهمة معينة في العمل، فمن الممكن أن يختلط هذا في حلمك بموقف من المدرسة”. وتبيَّن من خلال دراسة أجراها شريدل أن الأحلام المتعلقة بالامتحانات هي من بين الموضوعات العشرة الأوائل في الكوابيس لدى الألمان.
ويعد الكاتب العلمي، شتيفان كلاين، الذي ألف كتابا نال استحسانا واسع النطاق عن الأحلام بعنوان (“الأحلام. رحلة إلى واقعنا الداخلي”)، واحدا من هؤلاء الأشخاص الذين كثيرا ما يحلمون بمواقف الامتحان، على الرغم من أنه – وفقا لتصريحاته – لم يشعر مطلقا بخوف شديد من الاختبارات المدرسية وما شابهها، لكنه يقول أيضا: “أحلم بذلك في موقف حياتي محدد للغاية، عندما أخشى أن يتم تقييمي”، موضحا أن هذا يحدث عادة عندما يقترب تاريخ نشر كتاب له.
يقول كلاين: “هذا يعني أن أحلامي تخبرني شيئا عن نفسي”، مشيرا إلى أن الإنسان كثيرا ما يقنع نفسه خلال النهار أنه قادر على التعامل مع موقف ما بشكل جيد، لكن الحلم يكشف أن هذا الموقف يسبب القلق والتوتر، وأضاف: “قال لي صديق ذكي ذات مرة: الأحلام تخبرني بما أشعر به حقا. يكمن فيها الكثير من الأمور … العاطفة هي محرك الحلم”.
ويبقى السؤال: لماذا تختار هذه العاطفة المدرسة مسرحا لعرضها؟
يرى شريدل أن المدرسة مؤثرة جدا في حياة الكثير من البشر، ففيها مررنا بأوائل التقييمات وتعاملنا مع أولى السلطات. يقول شريدل: “المدرسة حاضرة على هذا النحو لأن أشياء كثيرة حدثت لأول مرة في ذلك الوقت – وأيضا لأن بعض المشكلات بدأت هناك. إنه زمن مرتبط بمشاعر قوية”.
وفي النهاية لا يسع المرء إلا أن يتمنى للطلاب الذين سيعودون الآن إلى الفصول الدراسية أحلاما سعيدة.