وتابع صاحب السمو حاكم الشارقة الكلمة الرئيسية التي ألقاها في المنتدى معالي الشيخ عبد الله بن محمد بن بطي آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام، رئيس مجلس إدارة مجلس الإمارات للإعلام تحت عنوان “الإعلام الوطني وسيمفونية الازدهار” حول دور الإعلام الوطني في دعم مسيرة التنمية والازدهار.
وأكد معاليه أن دولة الإمارات تحت قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله” تولي اهتماماً كبيراً بالاستثمار في تطوير الإعلام الوطني، باعتباره ركيزة أساسية في ترسيخ الهوية الوطنية وقيم المجتمع الإماراتي، وشريكاً فاعلاً في دعم مسيرة التنمية المستدامة للدولة.
وقال معاليه إن الإعلام الوطني يلعب دوراً حيوياً في نقل صورة الإمارات المشرقة إلى العالم، من خلال إبراز إنجازاتها الحضارية وتوثيق مسيرتها التنموية”، منوهاً بحرص الإمارات على تحديث وتطوير مؤسساتها الإعلامية، لتكون قادرة على مواجهة مختلف التحديات ومواكبة أحدث التطورات التقنية.
وفي بداية كلمته الرئيسية وجه معالي رئيس المكتب الوطني للإعلام التحية إلى مقام صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، منوهاً إلى أن سموه يؤمن بأن الإعلام والثقافة منظومة حضارية تؤسس للنجاح وتصنع المستقبل وتحمي من التعصب والتطرف وتحقق عالماً أكثر أماناً وسلاماً وتحضراً وأشاراً إلى أنه وبفضل رؤى وتوجيهات وجهود سموه المتواصلة والمثمرة أصبح المنتدى الدولي للاتصال الحكومي محفلاً لتبادل الأفكار، ومنصة عالمية تساهم في بناء منظومة حديثة في مجال الاتصال الحكومي وعلاقة الجمهور بالمؤسسات الحكومية.
وأكد معاليه أن المكتب الوطني للإعلام وبتوجيهات من صاحب السمو رئيس الدولة، يعمل على صناعة منظومة إعلامية رائدة ومتكاملة، ترتقي بقطاع الإعلام في الدولة، وتحقق رؤية سموه في تعزيز مكانة الإمارات على الخريطة الإعلامية العالمية وتدعم القطاع في أداء رسالته والقيام بدوره في المجتمع على الوجه الأكمل.
وتحدث معالي رئيس المكتب الوطني للإعلام في كلمته عن قدرة دولة الإمارات على التعامل الإعلامي مع مختلف التحديات بفعالية وكفاءة، مشيراً إلى أنه هنا يتجسد دور الإعلام الوطني في بناء سردية إيجابية، تنقل صورة حقيقية عن الإنجازات التي تشهدها الدولة، وتعزز الهوية الوطنية.
وتطرق معاليه إلى دخول تقنيات جديدة على الإعلام فرضت وجودها مثل الذكاء الاصطناعي، مؤكداً أنه بات يلعب دوراً متزايد الأهمية في عالم الإعلام، ليس فقط كأداة لتحسين الكفاءة ولكن بوصفه عنصرا فاعلا في تشكيل مستقبل الإعلام وطرق استهلاكنا للمعلومات، مشيراً إلى أن الاستفادة من هذه التقنيات يحتاج لوضع ضوابط كونها تمثل تحدياً جديداً في هذا العصر.
وتناول معاليه خلال كلمته، التحولات الجذرية التي أحدثتها الثورة الرقمية في كيفية تفاعلنا مع المعلومات وتناقلها، مشيراً إلى أن المعلومة يُمكن أن تجوب العالم بنقرة واحدة، وتعبر القارات دون حواجز، حيث لم يعد الإعلام الرقمي، مجرد أداة لنقل المعلومات، بل أصبح منصة لتعزيز الفهم المتبادل والحوار البنّاء وتعزيز المسؤولية الاجتماعية.
وقال رئيس المكتب الوطني للإعلام في ختام كلمته إنه وبدعم قيادتنا الرشيدة وبمواصلة السعي وبطموحاتنا وإرادتنا ومساعينا لتأهيل كوادر إعلامية وطنية متميزة، وتوفير بيئة عمل تحفز على الإبداع والابتكار، سنواصل العمل على تقديم إعلام نموذج في المرونة والتطور والثبات على المبادئ والقيم يواكب إنجازات الإمارات.
وألقى البروفيسور فوميو هاياشي، الخبير الاقتصادي الياباني، خطابا مُلهما بعنوان”رسالة يابانية إلى حكومات العالم مضمونها العقود المفقودة”، قدم خلاله تحليلا عميقا لأسباب التحديات الاقتصادية التي واجهتها اليابان خلال العقود الماضية، وعَرضَ دروسا قيمة يمكن للحكومات حول العالم الاستفادة منها لتجنب الوقوع في نفس الأخطاء.
وقدّم هاياشي تحليلا للنمو الاقتصادي، مشيرا إلى تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة في ذلك، وقال إن البيانات تشير إلى أن معدلات النمو السكاني في الفئة العمرية فوق الخمسين، شهدت ارتفاعا ملحوظا في 141 دولة منذ عام 1990 حتى 2020، مع متوسط عمر أعلى من الأربعين في الدول المتقدمة”.
وأضاف أن هذه الزيادة ترتبط بالنمو الاقتصادي، إذ تُظهر الدول الشابة كالهند علاقة مباشرة بين الشباب ومعدلات النمو المرتفعة، ما يشير إلى حيوية اقتصادية أكبر”.
وقال إنه على النقيض، تواجه الدول ذات التركيبة السكانية المسنّة تحديات في النمو الاقتصادي، وفي السياق نفسه تؤثر معدلات الوفاة المرتفعة سلبا على الأداء الاقتصادي للدول، وهنا تُعتبر الإمارات نموذجا للدول الشابة، التي تتمتع بفرص تنموية واسعة، وهو ما يجعلها من أكثر دول العالم في معدلات النمو”.
وأوضح الخبير الياباني أنه بالنسبة للعامل الثاني المؤثر على النمو، فيتمثل في العلاقة العكسية بين حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات النمو، حيث تشير البيانات إلى أن ارتفاع نسبة الفقر في دولة ما، يجعلها تملك فرصة أكبر للنمو من غيرها لأن ارتفاع مستويات الفقر يدفع الأفراد إلى العمل بجدية أكبر لتحسين أوضاعهم، مما يحفّز النمو الاقتصادي، وبالتالي فإن هذين العاملين وهما التركيبة السكانية، وحصة الفرد من الدخل، يلعبان دورا حاسماً في تحديد معدلات النمو الاقتصادي للدول”.
وتناول المستكشف والكاتب البريطاني بير غريلز، في خطابٍ مُلهمٍ له بعنوان “رجل البرية يصنع من المغامرة استثماراً”، رؤيته حول كيفية تحويل المغامرة إلى استثمار، حيث ربط بين مغامراته في البرية وبين مواجهة تحديات الحياة، مشيرا إلى تجربته الخاصة وقال إن الفشل والإخفاقات كانت جزءا من حياته وكانت أكثر من نجاحاته، ومع ذلك، فإن الفشل هو وقود النجاح، حيث عزز من قوته على الصمود والاستمرار.
وقال إن التجارب حتى وإن كانت فاشلة، هي محاولات تقود في النهاية إلى النجاح، وأن الفشل هو بوابة عبور ونقطة انطلاق جديدة، وأن الخوف هو رد فعل طبيعي تجاه الصعوبات والمعارك، التي نواجهها في حياتنا، سواء كانت صحية، أو مالية، أو عاطفية.
وأضاف أن الحياة علمته أن المكافآت لا تأتي دائما لمن يلمع ويتألق، بل لمن يتحلى بالإصرار ويواجه الصعوبات بشجاعة، وعندما نواجه مخاوفنا بدلاً من الهروب منها، فإنها تختفي”.
وروى المستكشف البريطاني تجربته على قمة “إيفرست” حيث فقد أربعة أشخاص حياتهم في ظروف قاسية، مؤكدا أن الشغف هو ما أنقذ حياته، واصفا إياه بأنه الشرارة التي تدفعنا للاستمرار وعدم الاستسلام.
وأكد الخبير الاقتصادي جوستين لين في خطاب له بعنوان “أينشتاين وفولتير للحكومات: بذور الموهبة تزدهر بالتعليم” أن الاستثمار في التعليم هو الاستثمار الأهم الذي يمكن لأي حكومة أن تقوم به.
وأوضح لين أن التعليم يساهم في تعزيز مواهب الإنسان، وهو عامل أساس في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويجعل الناس أكثر ابتكارا ويُقلّل من الفروقات في الدخل بين أفراد المجتمع، لأنه يُمكّن الناس من الحصول على دخل مناسب، بالإضافة إلى ذلك، يسهم التعليم في تحقيق الانسجام الاجتماعي والتضامن، لأنه يجعل لدى المواطنين الوعي، بأهمية مساعدة الآخرين، فهو ليس امتيازاً شخصياً ولكنه خيرٌ عام”.
وشدّد لين على أنه من الضروري للحكومات أن تعزّز من ديناميكية التعليم، وأن توفّر للمتعلمين الوظائف التي تتناسب مع معارفهم، حتى تظل هناك حركة اقتصادية تتناسب فيها المهارات مع المعارف ومتطلبات سوق العمل.
وكشف الخبير لين عن الوصفة الخاصة للبنية الاقتصادية الصحيحة، مشيرا إلى ضرورة وجود ملائمة بين عناصر الاقتصاد المتنوعة من زراعة وصناعة وتقنية وخدمات وتوفير بنية تحتية معرفية لدى أبناء المجتمع في تلك القطاعات من أجل تحقيق التنمية المستدامة والشاملة، إلى جانب أهمية التركيز على قطاعات الاقتصاد الثقافي، التي تعد إمارة الشارقة رائدة فيها.
وأشار المهندس والمخترع المغربي رشيد اليزمي في كلمة له بعنوان:”حينما تكون النوابغ العربية سببا للارتقاء بالاتصال العالمي”، إلى أهمية تمكين الشباب العربي وإطلاق العنان لإبداعاتهم، وتوفير البيئة الداعمة لهم لتحقيق طموحاتهم.
وقال اليزمي “إن ثورة “الجرافيت”، وهي من مواد طبيعية متوفرة في أفريقيا وآسيا، وتستخدم في صنع أقلام الرصاص، أثّرت على حياة الكثيرين، وأخذت هذه المادة عندما زرت أحد مناجم الجرافيت في أفريقيا، وأحضرت هذا الحجر إلى هنا في الشارقة، الذي بتركيبته البسيطة يشكل هيكلا ذا طبقات، حيث يقوم الكربون في كل طبقة بصنع أشكال سباعية ومن صفاته أن التفاعل بين الكربون بين الطبقات قوي جدا، ومن هذه المادة جاءت صناعة الموبايلات والسيارات الكهربائية من خلال البطاريات التي تستخدم في صناعتها، والتي تُعرف ببطاريات الليثيوم”.
وأضاف اليزمي أنه “في السوق العالمي، يزداد استهلاك بطاريات الليثيوم بسبب الحاجة إليها، ومن المتوقع أن يصل إلى 4700 غيغاوات ساعة من البطاريات، وهو ما توازي قيمته أكثر من 4 تريليونات دولار بحلول عام 2030، وجميعنا نعلم أن المستقبل في العالم، لا سيما في الإمارات، هو للطاقة الكهربائية النظيفة، وبالرغم من هذا النجاح الكبير، لا تزال هناك مجالات لتحسين بطاريات الليثيوم، خاصة من ناحية السلامة والأمان في المناطق الحارة، وتقليل الوقت المطلوب للشحن إلى أقل من 20 دقيقة، وزيادة المسافة التي يمكن أن تقطعها السيارة باستخدام شحنة واحدة للبطارية، وأخيرا تحسين عمر البطارية بشكل عام”.
وفي ختام الخطابات المُلهمة، وفي خطوة تعكس رؤية الشارقة لمد جسور التواصل المعرفي مع الأجيال الصاعدة من المبتكرين، حاورَ العالِم البروفيسور رشيد اليزمي الطفل الإماراتي المخترع علي حميد اللوغاني، الذي أشار إلى أن فضول الطفولة كان ركيزة اكتشاف موهبته، متناولا أهمية دعم العائلة والبيئة المحيطة للأطفال ورعايتهم لمواهبهم وقال إن والديه كانا معه منذ بداية مشواره يدعمانه وكذلك المؤسسات المتوفرة في إمارة الشارقة، مثل مؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين وربع قرن للعلوم والتكنولوجيا”.
وتناول اللوغاني في حديثه “الطبيب الآلي” الذي ابتكره، وهو “روبوت” يساعد الطبيب على مراقبة حالة المريض عن بعد، مما يُقلّل الضغط على المستشفيات، مشيرا إلى أن الحاجة هي التي تدفعه للتفكير في إيجاد الحلول للمشكلات والتحديات، التي يواجهها العالم، مؤكدا أنه يمتلك أكثر من 15 مشروعا مسجلا في الملكية الفكرية، ويطمح إلى نيل براءات اختراع عالمية وتسويقها.
وتمثل الدورة الـ 13 من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي منصة معرفية، تهدف إلى مناقشة وتحليل مستقبل الاتصال المبتكر وأثره على الحكومات في تحقيق الأهداف التنموية.. ويتضمن مجموعة متنوعة من الجلسات والخطابات والحوارات وورش العمل، التي تناقش أهمية الاتصال المبتكر في ظل توجه حكومات العالم، نحو تبني مفهوم الحكومات المرنة لتعزيز الابتكار، وتطوير الفرص المستقبلية، للمساهمة في تعزيز الجهود العالمية لمواجهة التحديات المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة الشاملة.