أبوظبي – الوحدة:
اختتم مركز تريندز للبحوث والاستشارات مشاركته الثرية في المنتدى الدولي للاتصال الحكومي 2024، باعتباره شريكاً استراتيجياً للنسخة الـ13، حيث ساهم المركز في إنجاح الدورة الجديدة من خلال ما قدمه من أوراق بحثية وندوات علمية وجلسات نقاشية، ناقشت جملة من القضايا والتحديات المعاصرة التي تواجهها آليات الاتصال الحكومي في ظل الثورة الرقمية المتسارعة، كما استشرفت مستقبل وسائل الإعلام المختلفة في عصر الحكومات المرنة.
وشهد جناح المركز إقبالاً كبيراً على مدار يومي المنتدى، حيث زار الجناح سمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي، نائب حاكم الشارقة، رئيس مجلس الشارقة للإعلام، ومعالي زكي أنور نسيبة، المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة، الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات، وسعادة تشانغ ييمينغ، سفير جمهورية الصين الشعبية لدى دولة الإمارات، وسعادة أنطوان ديلكور، سفير مملكة بلجيكا لدى دولة الإمارات، وسعادة جابر حميتي، سفير جمهورية كوسوفو لدى دولة الإمارات، وسعادة الدكتور جمال محمد عبيد الكعبي، المدير العام للمكتب الوطني للإعلام، إلى جانب كوكبة من الأكاديميين والإعلاميين والمتخصصين.
ودعماً للمعرفة وتبادل الأفكار والرؤى، تمكن استوديو البث الإذاعي «بودكاست»، من تسجيل مجموعة من الحلقات الجديدة ضمن سلسلة «TRENDING ECHOES» مع عدد من الشخصيات الرئيسية المشاركة في أعمال المنتدى، من قادة الفكر والمسؤولين والخبراء والمتخصصين، مما أتاح منصة معرفية تفاعلية ساهمت في إيجاد مساحات رحبة للحوارات المتعمقة والنقاشات المثمرة حول قضايا عالمية معاصرة.
وفي سياق متصل، أكد المشاركون في ندوة «مستقبل الإعلام في عصر الحكومات المرنة: تحديات وفرص» أنه في ظل الحاجة إلى اعتماد آليات الحكومات المرنة والتي تسعى إلى تعزيز الشفافية والتفاعل مع الجمهور، يصبح دور الإعلام أكثر أهمية في نقل المعلومات وتشكيل الرأي العام وتعزيز المشاركة المدنية، ولكن هناك ثمة تحديات تواجه الإعلام في عصر الحكومات المرنة، في ظل تأثير التحول الرقمي على نماذج الأعمال التقليدية للإعلام، وانتشار الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة، إلى جانب تحديات الوصول إلى المعلومات الحكومية وتعزيز الشفافية.
وشارك في مناقشات الندوة التي أدارتها مريم الجنيبي، الباحثة في إدارة الباروميتر العالمي بـ«تريندز»، نخبة من الخبراء والإعلاميين والمتخصصين، وهم الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، وسعادة محمد غانم مصطفى، المدير العام لهيئة إذاعة رأس الخيمة، والدكتور حمد الكعبي، الرئيس التنفيذي لمركز الاتحاد للأخبار، وسعادة شريف البديوي، سفير جمهورية مصر العربية لدى دولة الإمارات – سابقاً، ومستشار أول للشؤون الحكومية في مجموعة محرم وشركاه القابضة للسياسات العامة والاتصال الاستراتيجي، والكاتب العراقي رشيد الخيون.
وأشار المشاركون في الندوة إلى أن هناك جملة تحديات تواجه وسائل الإعلام، منها ما يتعلق بما يمكن أن نسميه «التسونامي الرقمي»، وهو التأثير العميق للتحول الرقمي على الإعلام التقليدي، حيث اكتسحت الموجة الرقمية نماذج الإعلامية التقليدية، مما أجبرنا على إعادة التفكير في كيفية إنشاء المحتوى وتوزيعه.
وأضافوا أن المؤسسات الإعلامية تواجه تحديات عدة، أبرزها طفرة المحتوى، والتحديات التقنية المتمثلة في كثافة المنصات وتعدد الوسائط، وضروريات الحوكمة، إلى جانب الحاجة لإعلام ينتصر للمصداقية والأخبار الصحيحة، فضلاً عن تحديات التمويل، وغياب الإعلام المتخصص، وعدم وجود إعلام يتميز بمهارات تسويقية، وغياب نوافذ إعلامية للأفراد لطرح تطلعاتهم والتعبير عن طموحاتهم.
وأوضح المتحدثون في الندوة أن عصر الحكومات المرنة يقدم فرصاً كبيرة لوسائل الإعلام، ومن أبرزها القدرة على تعزيز المشاركة المجتمعية من خلال منصات الإعلام التفاعلية، وتسليط الضوء على قضايا مهمة في المجتمع، إلى جانب بناء الجسور، من خلال التعاون بين المؤسسات الإعلامية والحكومات والمجتمع المحلي لبناء مجتمعات واعية، فضلاً عن تعزيز الشفافية من خلال لفت الانتباه إلى القضايا التي قد تمر من دون أن يلاحظها أحد.
وذكروا أن التحول الرقمي أثر على الإعلام التقليدي، خاصة الإذاعة، فالإعلام الرقمي أظهر نجوماً جدداً في المجال الإعلامي، على حساب الإعلاميين الحقيقيين، حيث سحب مشاهير التواصل الاجتماعي البساط من أساتذة الإعلام، ما يفرض تحديات كبيرة على المؤسسات الإعلامية، فأهل الخبرة لم يعد لهم دور أساسي في صناعة العملية الإعلامية، وهذا يؤثر بشكل كبير على جودة ودقة المحتوى.
وأفاد المتحدثون في الندوة بأن العمل الدبلوماسي، على سبيل المثال، كانت تحكمه ضوابط كثيرة في التعامل مع وسائل الإعلام قديماً، ولكن حديثاً أصبحت الدبلوماسية مرنة بصورة أوسع، وأصبحت تستخدم الإعلام كوسيلة مهمة للتواصل مع المواطنين والمجتمعات وإيصال رسائل لتعزيز الثقة وتدعيم العلاقات الدولية، فالإعلام يمكنه حل نزاعات وصراعات كثيرة من خلال رسالته المعتدلة والبناءة.
وأكدوا أن الذكاء الاصطناعي مهما بلغ تطوره سيظل العقل البشري قادراً على الإبداع والابتكار، ولكن لا يمكن إلقاء اللوم على التقنيات الذكية واختراقها مجال الإعلام، ويظل الصحفيين والإعلاميين والإذاعيين غير قادرين على تطوير مهاراتهم، فيجب على العاملين في المجال الإعلامي مواكبة التطورات الحديثة وتطويع التكنولوجيا لخدمة رسالتهم الإعلامية السامية.
وفي سياق متصل، أطلق «تريندز» دراسة بعنوان: «المرونة الآسيوية.. التعلم من تجربة سنغافورة لتعزيز مرونة الحكومات في عصر الأزمات»، وعقب الإطلاق، شهد جناح المركز جلسة نقاشية حول نتائج وتوصيات الدراسة، قدمها سلطان الربيعي، الباحث الرئيسي، ورئيس معهد تريندز الدولي للتدريب.
وقال الربيعي إن الحكومة لعبت دوراً رئيسياً في اقتصاد سنغافورة، لدعم النمو الاقتصادي المزدهر في الفترة بين 2000 و2023، ولقد أثبتت الدراسة في تحليلها أن الحكومة السنغافورية تتحلى بدرجة متنامية من المرونة، وبما ساعد في تحقيق كفاءة السياسات الحكومية.
وذكر أن الحكومة السنغافورية تتحلى بمستويات مزدهرة من المرونة، ما ساهم في تسريع النمو الاقتصادي وتطوير اقتصاد مقاوم للصدمات، مضيفاً أن الاستجابة والتعافي والتكيف الاقتصادي السنغافوري في فترة الأزمة المالية العالمية عام 2009 وخلال أزمة جائحة كورونا، هما دليل مهم على أهمية المرونة الحكومية في سنغافورة ودورها الحاسم في التكيف مع الأزمات ومقاومة الصدمات.
وأشار الربيعي إلى أن الاستثمار في الابتكار هو الذي جعل اقتصاد سنغافورة يحقق نجاحاً كبيراً في مؤشرات التنافسية الدولية، لتصبح واحدة من الاقتصادات الأكثر تنافسية عالمياً، وجعل حكومتها تحتل المرتبة الخامسة عالمياً في مؤشرات الابتكار للعام 2023.
إلى ذلك، استعرض سلطان ماجد العلي، الباحث ونائب رئيس قطاع «تريندز دبي»، ومدير إدارة الباروميتر العالمي، مبادرات مركز تريندز الداعمة لجهود البحث العلمي، وذلك على منصة “باحثون” في المنتدى الدولي للاتصال الحكومي، حيث قال إن المركز في الأعوام الأولى لتأسيسه كانت التحديات أمامه كبيرة، وكان الهدف الأساسي هو تثبيت الأركان في المجتمع العلمي، ولهذا الغرض، بدأ في جذب نخبة من الخبراء من مختلف أنحاء العالم، وكان يُصدر دراسة أو دراستين أسبوعياً، تتنوع في موضوعاتها بين العلوم الاجتماعية والسياسية وغيرها.
وذكر أن نتاج «تريندز» العلمي لم يقتصر على الباحثين في المركز فقط، بل استقطب خبراء من الخارج أيضاً، لنشر أوراق بحثية ومقالات أكاديمية على منصات المركز، وبعد ذلك، ارتأى المركز أهمية تقديم دراسات موسعة وأكثر عمقاً، وكانت من بين الأفكار المتفردة التي قدمها المركز، «موسوعة تريندز حول جماعة الإخوان المسلمين»، التي تعد الأولى من نوعها في الوطن العربي، وقد ترجمت تلك الدراسات إلى ما يقارب من 15 لغة.
وأشار سلطان العلي إلى أن المرحلة الحالية، والتي بدأت في عام 2019، فهي مرحلة الاستقرار والنمو المتسارع للمركز، فخلال السنوات الست الأخيرة، انتقل «تريندز» إلى مرحلة البحث العلمي المتقدم، وتوسعت شراكاته مع المؤسسات الأكاديمية والبحثية الدولية، إلى جانب إطلاق استطلاعات رأي سنوية، ومؤشرات علمية تعكس اهتمامات المجتمع وقضاياه.
وبين سلطان العلي أن نتائج عمل المركز خلال هذه السنوات الماضية، هي خير دليل على المبادرات التي قدمها المركز لخدمة البحث العلمي والمجتمع، ولا ننسى أن أهم مبادرة حققها المركز ليست فقط في إنتاج المعرفة واستشراف المستقبل، بل في بناء كوادر بشرية مؤهلة، خاصة من المواطنين، بقدرات علمية عالية، فهذه الكوادر قادرة على إنتاج دراسات علمية استشرافية معمقة، ضمن أعلى المعايير العلمية والأكاديمية الرصينة.