دراسة جديدة لـ “تريندز” تستكشف “واقع الإسلاموية في جنوب آسيا.. التأثير الإخواني”
أبوظبي -الوحدة:
أصدر مركز تريندز للبحوث والاستشارات دراسة جديدة بعنوان “واقع الإسلاموية في جنوب آسيا.. التأثير الإخواني”، تسعى إلى استكشاف مسار التطور التاريخي الذي عرفته الإسلاموية “الجنوب آسيوية”، والتأثير الإخواني، على هذه الإسلاموية من حيث واقعه وحدوده.
وبينت الدراسة التي أعدها الباحث التونسي أحمد نظيف، المتخصص في دراسات الإسلام السياسي، أن الإسلاموية تستمد قوتها في الواقع من كونها لا يمكن فصلها بسهولة عن الإسلام، فهي تجد في هذا التماهي الزائف، طاقةً للاستمرار والتوسع، لاسيما في المساحات، حيث للدين؛ أي الإسلام، قوة جذب راسخة، ليس فقط بوصفه شريعةً، بل باعتباره محدد هويةٍ وفضاءً روحيًا للفرد والمجموعة.
وذكرت أن أوسع هذه المساحات، التي يحدد فيها الفرد وجوده القومي والهوياتي من خلال الإسلام، هي منطقة جنوب آسيا، ذات الروابط التاريخية القديمة مع مركز انتشار الإسلام في الجزيرة العربية، والعلاقات السارية حتى اليوم مع المنطقة عبر حركة السكان الكبيرة.
وأشارت إلى أنه ضمن هذه البيئة، أوجدت الإسلاموية، بمختلف فصائلها، لنفسها مكانًا للدعوة والتوسع والانتشار باكرًا، منذ النصف الأول من القرن العشرين، أي خلال سنوات التأسيس الأولى، لما سيعرف لاحقًا بالإسلام السياسي الحديث، في سياقٍ عامٍ من إعادة تأكيد الهويات الدينية عبر جنوب آسيا في العقود الأخيرة، والذي يتجلى في إعادة تنشيط للدين كقوة سياسية وكوسيلة للعمل الجماعي.
وأوضحت أن هذا الوجود، لم يكن دائمًا على الوتيرة نفسها من القوة والتأثير، بل شهد على مدى سنوات تطوره التاريخي، منعطفات وتحولات، تتعلق بالوضع الذاتي للإسلاموية وبالتحولات الموضوعية الجيوسياسية في المنطقة.
وقالت إنه يمكن اعتبار “ما بعد الإسلاموية” ظاهرة ذات ثلاثة أقطاب؛ الأول، تنويع المجال السياسي الإسلامي، أي زيادة تعقيده، مع الانتقال من رؤية متجانسة إلى تمثيل أكثر تنوعًا يتم فيه إدخال الفروق الدقيقة، وأشكال مختلفة تقريبًا من التعبير السياسي، بدءًا من ظاهرة مغلقة إلى أكثر انفتاحًا. ثانيًا، نقل النقاش العام نحو المجال الثقافي، بعد أن حُصر لعقود في مجال السياسة. وثالثًا ظهور أشكال جديدة وأحيانًا معارضة تشكّك في أسبقية السياسة، وحتى التنازع في السياسة كما كان يتصور من قبل الإسلاموية.
وخلصت الدراسة إلى أن منطقة جنوب آسيا تتجه نحو عصر ما بعد الإسلاموية تاركةً خلفها أكثر من أربعة عقود من الإسلام الراديكالي، وتمزقًا اجتماعيًّا هائلًا بسبب الحروب الأهلية والدولية والنزاعات الطائفية والعرقية، مشيرة إلى أن مؤشراته تتلخص في شيخوخة التنظيمات الإسلامية السياسية الإخوانية وغير الإخوانية، ومحافظة المجتمع – على الرغم من حدّة موجة الصحوة الإسلاموية – على نوع من التدين الشعبي الصوفي المتسامح، الذي سيشكل أرضية لنقل نقاش مسائل التنوع الديني والمذهبي إلى المجال الثقافي بدلًا من تحويله إلى برنامج صراع سياسي على السلطة، وكذلك فشل تجارب التمكين الإسلاموي في أفغانستان، والمشاركة السياسية للجماعة الإسلامية في باكستان في حلّ المعضلات الاجتماعية والاقتصادية للقاعدة الاجتماعية، وظهور أجيال جديدة أكثر تعلمًا ومعرفة بالعالم من خلال التطور التقني، وتطور علاقات الإنتاج في المنطقة على نحو كبير، ما سيؤدي إلى تمكين أكثر للنساء، ويؤدي تاليًا إلى تطور في البنية الفوقية للمجتمع، لجهة الأفكار والسرديات السائدة.