أخبار عربية ودولية

خريطة طريق لمدنيي السودان لوقف الحرب واستعادة زمام المبادرة

قوى الحرية والتغيير تؤكد من القاهرة تدشين حملة اتصالات مع القوى كافة باستثناء «حزب البشير»

القاهرة:وكالات
اختتمت قوى إعلان «الحرية والتغيير» المجلس المركزي، اجتماعاتها في القاهرة (مساء الثلاثاء)، والتي شارك فيها 45 من قادة القوى السياسية المدنية السودانية بهدف تنسيق المواقف لإنهاء الاقتتال الحالي في السودان. وقال مشاركون في الاجتماعات: إنها شهدت «حالة واسعة من التوافق» على ضرورة «الوقف الفوري» للحرب، والاهتمام بتحسين الوضع الإنساني، فضلاً عن ضرورة العودة إلى المسار السياسي السابق على اندلاع الحرب، وذلك عبر إطلاق «خطة تشارك فيها القوى المدنية وتضغط لتنفيذها بقوة بالتنسيق مع القوى الإقليمية والدولية».
وقال جعفر حسن، المتحدث الرسمي لقوى إعلان «الحرية والتغيير»: إن الاجتماعات التي تستضيفها القاهرة، هي «الأولى لقوى المجلس المركزي بكامل هيئته»، مشيراً إلى أنها سعت إلى «القفز على الآلام التي تسببت فيها الحرب، ومحاولة البحث عن حلول سياسية لوقف «الحرب التي أشعلها البعض من النظام السابق»، وفق تعبيره.
وأوضح حسن في تسجيل عبر الصفحة الرسمية لـ«الحرية والتغيير» على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أن الاجتماعات ناقشت مجموعة من الأوراق، ومنها ورقة حول الأزمة الإنسانية، حيث استعرضت حجم الانتهاكات التي وصفها بـ«الضخمة من جانب كل المتقاتلين»، وورقة سياسية حول الحلول المطروحة وضرورة استعادة المسار المدني الديمقراطي، وبناء أوسع جبهة مدنية لوقف الحرب. وأشار إلى أن الاجتماعات ناقشت كذلك ورقة اقتصادية تتعلق بسبل إعادة بناء الاقتصاد السوداني في مرحلة ما بعد الحرب، وكيفية إعادة الإعمار، وتعويض الأعداد الكبيرة من المتضررين من استمرار المواجهات العسكرية.
وكانت قوى «الحرية والتغيير» السودانية (المجلس المركزي) قد اجتمعت في العاصمة المصرية القاهرة، لأول مرة منذ اندلاع القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات «الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، فيما وصفت بأنها «خطوة مفصلية» في مسار استعادة دور القوى المدنية في المشهد السوداني.
خطوات جديدة
من جهته، قال كمال إسماعيل، رئيس حزب التحالف السوداني، القيادي بالمجلس المركزي لقوى «الحرية والتغيير»: إن الاجتماعات كانت «فرصة لبناء خطوات جديدة للوقوف إلى جوار الشعب السوداني في هذا التوقيت الصعب». وأوضح إسماعيل في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اجتماعات القوى السودانية في القاهرة شهدت توافقاً واسعاً على بناء «اصطفاف وطني لوقف الحرب»، مشيراً إلى أن قوى «الحرية والتغيير» كانت حتى قبل اندلاع القتال «على مسافة واحدة من الطرفين»، في إشارة إلى المكون العسكري (الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»).
وأضاف القيادي بالمجلس المركزي، أنه تم الاتفاق خلال الاجتماعات على إطلاق حملة اتصالات مكثفة من جانب قوى «الحرية والتغيير» بكل المكونات والقوى السياسية السودانية، «باستثناء حزب المؤتمر الوطني وأذنابه»، على حد تعبيره، في إشارة إلى الحزب الذي كان يقوده الرئيس السوداني السابق عمر البشير، والذي تتهم الكثير من القوى السياسية السودانية بعض قيادات الحزب بـ«إشعال الحرب بين الجيش السوداني وقوات (الدعم السريع)».
وشدد إسماعيل على أن الاجتماعات شهدت كذلك «اتفاقاً على إطلاق مرحلة انتقال مدنية بالكامل»، إضافة إلى «المطالبة بمحاكمة القائمين على هذه الحرب التي أودت بحياة الآلاف وشردت الملايين، فضلاً عن تدمير البنية التحتية السودانية»، مؤكداً ضرورة إعمال قواعد العدالة الانتقالية في هذا الصدد.
ياسر عرمان أحد قيادات قوى «الحرية والتغيير» خلال رئاسته إحدى جلسات قوى الإعلان بالقاهرة (الصفحة الرسمية للقوى على «فيسبوك»)
وبعد 100 يوم من الحرب، ارتفعت حصيلة ضحايا القتال الدائر حالياً إلى 3900 قتيل على الأقل حتى الآن بحسب منظمة «أكليد» غير الحكومية، في حين تؤكد تقديرات طبية سودانية أن الحصيلة الفعلية أعلى بكثير، وأن هناك صعوبة في إحصاء الضحايا بدقة جراء استمرار القتال، وبخاصة في الكثير من الأحياء المدنية.
وقدرت المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة في تقرير لها مطلع الشهر الحالي، أن الصراع في السودان أجبر قرابة 3 ملايين شخص على الفرار من ديارهم.
وقالت المنظمة في بيان رسمي: إنه بخلاف 2.2 مليون نازح داخلي في السودان، فرّ ما يقرب من 700 ألف آخرين، إلى البلدان المجاورة، استقبلت مصر النسبة الأكبر منهم (40 في المائة)، تليها تشاد بنسبة 28 في المائة، ثم جنوب السودان 21 في المائة، كما استقبلت إثيوبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى نسبة من اللاجئين.
وأبدى القيادي بالمجلس المركزي لقوى «الحرية والتغيير» تفاؤلا بقدرة القوى المدنية السودانية على التماسك وبناء تحالف يعبر عن قدرتها على التوحد من أجل إحداث «تغيير حقيقي يتجاوز ثغرات ما قبل 15 أبريل»، ويحقق المصلحة الوطنية السودانية على غرار ما استطاعت القوى المدنية تحقيقه في ثورة 2018، أو في تصديها لإجراءات أكتوبر (تشرين الأول).
وكانت قوى إعلان «الحرية والتغيير»، التي تضم تجمعات مدنية وسياسية ومهنية، قد برز دورها بشكل كبير في فترة الاحتجاجات السودانية التي اندلعت نهاية عام 2018 واستمرت حتى إطاحة حكم البشير، كما عارضت قوى «الحرية والتغيير» إجراءات أكتوبر 2021، والتي تضمنت إعلان حالة الطوارئ، وحل الحكومة التي كان يترأسها عبد الله حمدوك، وكذلك حل مجلس السيادة السوداني.
انعطافة واضحة
في المقابل، عدّ الكاتب والباحث السياسي السوداني، مجدي عبد العزيز، اجتماعات المجلس المركزي لقوى «الحرية والتغيير» بمثابة «انعطافة واضحة في مواقف تلك القوى»، مشيراً إلى أن قوى «المجلس المركزي» اتخذت من قبل «موقفاً مجافياً» لدعوة مصر لحوار سوداني شامل وفق ما عُرف وقتها بـ«ورشة القاهرة للحوار»، التي استضافتها مصر في فبراير (شباط) الماضي.
وأضاف عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط» أن انعقاد اجتماعات قوى «الحرية والتغيير» (المجلس المركزي) في القاهرة، يأتي في توقيت بالغ الأهمية، حيث واجهت بعض تلك القوى اتهامات بأنها كانت ظهيراً سياسياً لـ«ميليشيا الدعم السريع»، فضلاً عن مساعي بعض القوى في هذا التيار إلى إقامة حكومة منفى أو حتى الدعوة إلى تدخل قوات شرق أفريقيا في السودان لوقف الحرب، وهو ما تبنته دول مثل كينيا وإثيوبيا، وعدّه السودانيون «مساساً خطيراً بسيادة الدولة».
وأشار الباحث السوداني المقيم بالقاهرة، إلى أن ما رشح عن الاجتماعات يشير إلى وجود رغبة حقيقية لبناء «رؤية جديدة تختلف عما كان مطروحاً قبل 15 أبريل»، وأن الاجتماع في القاهرة ربما يعكس تحولاً في رؤية تلك القوى لما يمكن أن تلعبه مصر من أدوار سواء في وقف الحرب، أو في المساعدة لبناء سلطة انتقالية سودانية على قاعدة توافق سياسية واسعة، تضمن انتقالاً آمناً للسودان، وهو ما تعدّه مصر جزءاً من أمنها القومي.
وعدّ عبد العزيز تحولات الرؤية لدى قوى المجلس المركزي لـ«الحرية والتغيير»، وكذلك توسيع قاعدة الحوار والتوافق بمثابة «تطورات إيجابية تخدم مساعي تأسيس حوار سياسي جاد بين القوى السودانية دون إقصاء»، وكذلك توفر الفرصة لاجتياز مرحلة انتقالية آمنة عقب وقف الحرب، وعبر حكومة يصفها بـ«حكومة طوارئ»، يكون هدفها إزالة آثار الحرب وتهيئة المجال العام لانتخابات شاملة بمشاركة كل القوى السودانية في «منظور زمني متوسط على الأقل»، وفق تقديره.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى