تقول كتب التاريخ إن أصدق بيت في الشعر وأكذب بيت شعري هو ما كتبه أبو الطيب المتنبي :
((بعيني رأيت الذئب يحلب نملة
ويشرب منها رائباً وحليبا
وعندما تم سؤاله عن قصة هذا البيت الشعري قال المتنبي : أما من حيث انه أكذب بيت لأن الذئب لا يعرف كيفية الحليب وأصلاً النملة ليست بالحلوب .
أما وأنه أصدق بيت من الشعر يقول المتنبي :
كنت مرة في أحد أسواق الكوفة بجوار امرأة فقيرة تبيع السمك ، فجاءها رجل غني فاحش الغنى ومتكبر فسألها
بكم رطل السمك ؟ فقالت المرأة : بخمسة دراهم ياسيدي ،فقال الغني : بل بدرهم فقالت ياسيدي : السمك ليس لي وأنا لا أستطيع أن أبيعه إلا بخمسة ، فقال الغني : أعطني عشرة أرطال ، وفرحت المرأة وظنت أنه سيدفع خمسين درهماً ، ولما أعطته السمك أخذه ورمى لها بعشرة دراهم وانصرف ،فنادته المرأة : ياسيدي ،يا سيدي وهي تبكي فلم يرد عليها فناديته أنا أيضاً فلم يرد علي..
لذلك قلت هذا البيت من الشعر :
(( فقصدت الذئب هو الغني وأن النملة هي بائعة السمك الفقيرة))
ما أجملها من صورة شعرية وما أشبه هذه القصة أيها المتنبي بعصرنا الحاضر في هذه الأعوام .فكم ذئباً موجود في عصرنا الحاضر وكم نملة تشكو همها إلى خالقها..
لقد أصبحت أغلب بلداننا العربية تحكمها الذئاب وأصبحت أغلب شعوبنا كالنمل وهل يستطيع النمل ان يطالب الذئاب بحقوقه…
إني أرى لو إنك اليوم موجود بيننا لهجوتنا بهذا البيت:-
بعيني رأيت الثعالب تحكم غابةً
ويشكي الأسود الجوع والسقم
إِنا بقينا يا أبا الطيب معذرة
السيف كذابٌ والمدح للقلم
نعم يا أبو الطيب المتنبي لقد كنت تعيش في الشام ثم ذهبت إلى مصر وبعدها عدت إلى العراق واستقريت في مدينة الكوفة وكل تجوالك هذا بدون جواز سفر أو تأشيرة دخول فلقد اختلفت الأوضاع بين أبناء وطنك العربي بالكامل فأمة العرب اليوم ممزقة وأغلب الحكام جاءوا لسرقة شعوبهم لا لتحقيق العدالة الاجتماعية بينهم…
وقد اختلفت أنظمة الحكومات بين دولة عربية وأخرى وأصبحنا تائهون لانعرف ماذا نفعل ولماذا نفعل فكلنا يا أبا الطيب في الهوى سوى ولم تعد مجالس الأدب التي كنت تجلس بها بين المدن العربية موجودة..
لقد قُطعنا إلى أشلاء مبعثرة لا ترجو منها الخير….
وللمعلومات العامة إن أبو الطيب أحمد المتنبي هو من أهل الكوفة ومات مقتولاً عن عمر خمسين سنة من خلال إحدى رحلاته بين بغداد والكوفة حيث واجه هو وغلمانه مجموعة من قطاع الطرق وأراد الهروب منهم إلا أن أحد غلمانه ذكره بهذا البيت الشعري الذي قال فيه:-
((الخيل والليل والبيداء تعرفني
والسيف والرمح والقرطاس والقلم))
فأصبح أمام أمر واقع ولم يستطيع الهروب وقتل في تلك الحادثة…