مرئيات

مهــن وحـــرف البحــر والمدينـة

بقلم: أنور بن حمدان الزعابي

تبقى الحرف والمهن لكل شعب مصدرا للرزق في الحياة والعمل هو روح الانسان مهما كانت مهنته متواضعة وبسيطة الا انها تبقى لقمة شريفة تكفيه عن السؤال وعن العوز والحاجة وفي الماضي كانت بيئة الامارات حافلة بالكثير من المهن والحرف اليدوية .
ففي المدن هناك التجار وأصحاب الدكاكين الشعبية في السوق الشعبي حيث يجلب هؤلاء التجار أحتياجات الاهالي من المواد الغذائية كالأرز والطحين والسكر وكذلك بعض انواع القماش والعطور والبسة الرجال والنساء ويوجد في هذا السوق او ذاك الحمالي وجمعها شعبيا الحمالية وهم الذين يقومون بنقل المشتريات الثقيلة على ظهورهم الى المنزل المشتري بمقابل مادي بسيط.
وكذلك هناك مهنة الطواشة اي الطواش صاحب سفن الغوص حيث يجمع الغواصين ويمدهم بأحتياجات اهلهم أثناء غيابهم في رحلة الغوص على ان يسترد منهم الثمن بعد العودة من رحلة الغوص التي تستغرق أربعة شهور في عرض بحر الخليج.
والغواص مهنته خطيرة وشاقة حيث يذهب لرحلة الغوص وكأنه ذاهبا للمجهول
ويجب ان يكون ذو مهارة وشجاعة ورشاقة حتى يتمكن من الغوص الى أعماق غزيرة للبحث عن صدفات اللؤلؤ والمحار الذي يحتوي على اللؤلؤ ويسمى شعبيا با(القماش) وعلى ظهر السفينة يوجد السيب الذي يمسك بحبال الغواص التي ينزل بها الى البحر وثم يسحبه الى السطح عند ارساله هزة للحبل فيسحبه السيب الى اعلى وهي مهنة كذلك شاقة وخطيرة بحاجة لليقظة والانتباه لسحب الغواص الى الاعلى وان نسيه في الاعماق فان الغواص قد يهلك ويموت في الاعماق نظرا للثقل المربوط في قدمه وتكون عادة كتلة من الحجر او مايعادل 4 كيلو من الرصاص الثقيل وهناك المجدمي .
الذي هو بمثابة النائب عن النوخذا على ظهر السفينة ويدير شئونها ويحدد سيرها وسفينة الغوص يجتمع عليها كثير من اصحاب المهن كالطاهي الذي يطهوا الطعام للنوخذا والغواصين وبقية أعضاء رحلة الغوص.
وتوجد كذلك مهن اخرى في البحر مثل صياد السمك الذي يملك قاربا صغيرا بمجاديف ويبحر وحيدا طالبا من الله التوفيق والرزق الوفير في عالم البحر والمجهول البعيد واحيانا يكون معه صيادا اخر يتبادلان غناء النهمات البحرية ويصطادان بالشباك او القراقير الصغيرة وهي مصنوعة من الاسلاك على شكل دائري وسقف لولبي . صيادي الضغوة وهم مجموعة كبيرة من الصيادين يقومون بالصيد الوفير من الاسماك . حيث يحدد النوخذا المكان البحري لتبداء مراحل الضغوة التي تجلب الكثير من الاسماك والكائنات البحرية الاخرى . التي تدخل الليخ الكبير وغالبا ماتكون الضغوة أثناء تجمع الاسماك الكبيرة كالخباط والقباب والصدا والجد .
وهناك مهنة اخرى ترتبط ارتباط وثيقا بالبحر وهي مهنة الجلاف. او الجلافة اي صناعة السفن الخشبية والقوارب وهي من اقدم المهن وكانت وسيلة تعينهم على طلب الرزق واتخذت لتسهيل ركوب البحر ومواجهة أهواله للصيد والغوص بحثا عن اللؤلؤ الى جانب سفن التجارة مع سكان السواحل القريبة والهند وسواحل افريقيا مثل زنجبار . والجلاف يسمى الاستاد وهو رئيس كل العاملين من الجلاليف لبناء السفينه وقد يكون أشعر من مروا على مهنة الجلافة هو المرحوم محمد بن خميس بوهارون العلي .
حيث كان احد اشعر صناع وجلافة ووشر السفن كالمراكب واللنجات والهواري والابوام والسنابيك .الخشبية حيث بدايته وهو شابا يافعا في مسقط رأسه في أم القيوين مع اخيه أبراهيم ذلك الجلاف الحريف والماهر والذي يقال انه تعرض الى جرح غائرا في بسبب وقوع لوح خشب معراض على جبينه ولكنه ربط رأسه رغم النزيف وعاد للعمل اضافة الى ان محمد وابراهيم ورثا هذه المهنة من والدهما خميس وأخيهما سالم . وكان لدى الوالد خميس بوهارون العلي موقعا كبيرا (مصنعا) في منطقة البطين لوشر السفن وكان ملتقى لرجال البحر حيث الحكايات والذكريات مابين الشواب وبعض شباب المنطقة ممن الفوا البحر وهذه الحرفة والمهنة..
وبوفاة الوالد خميس بوهارون أنتهى واندثر مصنع وشر السفن وتحول هذا المكان وتغيرت ملامحه وكأنه لم يكن .
وهناك الكثير من الجلالبف في العديد من الامارات المشهورين بالاستادية في هذه الصناعة التراثية منهم الجلاف سيف بالقيزي من دبي وفي راس الخيمة محمد بن راشد وسرور بن فرج وعبدالرحمن بن حسن وعيال بن سلوم الذين توارثوا المهنة عن ابيهما عبيد بن سلوم في دبي وفي الشارقة هناك سعيد الختال الذي تعلم الجلافة في الهند واصبح من امهر الجلاليف في هذه الصناعة والحرفة المهنية الهامة . ونختتم بقصيدة الشاعر المرحوم محمد اسماعيل الزعابي والتي تغنى بها الفنان علي بن روغه والذي اضاف وكرر كلماتها في شطر كل بيت لتتوافق مع ادائه ولحنه البحري الشجي
ون قلبي ون والحشا ذابي
ونتي تسعين بالعدي
في هوى منسوع لرقابي
ضربتي ماضي الحدي
كم انا عاني من اسبابي
واشتكي لو عني َمصدي
ما شكيت الا من َعتابي
مول مالي مدعي حدي
غير خلي لي تصدا بي
وفي حشايه. زارع الودي
روف بي واعطف على حالي
يا زِكي الخال واليدي
حملتني حمل الاتعابي
حمل حيدن . ما حمل شدي
وما بيه من قلة ن. ما بي
لا ولا بي دين من حدي