فلسطين تضيء ثالث أيام مهرجان “الشارقة السينمائي الدولي”

فيلم "الأستاذ" يستحوذ على انتباه الجمهور ويثير تفاعلهم

الشارقة – الوحدة:

برنامج ثري بالأفلام وورش العمل والجلسات النقاشية، أطل به مهرجان “الشارقة السينمائي الدولي للأطفال والشباب”، احتفاءً بفلسطين التي حلت ضيف شرف النسخة الـ 11 من المهرجان الذي يستمر حتى 12 أكتوبر الجاري، مانحاً زواره فرصة استكشاف جماليات السينما الفلسطينية، ولقاء مجموعة من صناعها الذين أضاءوا ليلة المهرجان الثالثة، حيث شهدت إقبالاً جماهيرياً لافتاً لمتابعة مجموعة من الأفلام الفلسطينية والعالمية، والمشاركة في تشكيلة ورش العمل التي نظمها المهرجان ضمن “ليلة فلسطين” واستلهمت من بيئتها وتاريخها وتراثها، لتبدو هذه الليلة بمثابة رسالة أمل ومحبة من الشارقة والإمارات تعبيراً عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني.

وضمن عروض “السجادة الخضراء”، استضاف “الشارقة السينمائي” الفيلم الفلسطيني “الأستاذ” للمخرجة والمنتجة فرح النابلسي، والذي لم يمر عرضه مرور الكرام في صالات المهرجان، حيث نجح في جذب انتباه الزوار الذين أبدوا تعاطفاً لافتاً وتفاعلوا بشكل مؤثر مع حكاية العمل الذي سعت فيه فرح النابلسي إلى إبراز ما يتعرض له الإنسان الفلسطيني من معاناة ومقايضات على حياته وحريته من قبل الاحتلال الإسرائيلي، حيث تدور أحداث الفيلم عبر قصتين، الأولى حول الأستاذ باسم (الفنان صالح بكري)، فيما تتناول الثانية حياة الطالب آدم (الفنان محمد عبد الرحمن)، ومن خلالهما يستكشف المتابع مدى تأثير هذه المقايضات على الحياة في المدن الفلسطينية في ظل المعاناة والأوضاع الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وعدم قدرته على التنقل بسلاسة بين المدن بسبب انتشار الحواجز الإسرائيلية، وقد سعت النابلسي في فيلمها إلى استخدام كافة عناصر اللغة السينمائية للتعبير عن القصتين، وهو ما تمثل في لقطات شجر الزيتون ومحاولات المستوطنين الاعتداء عليها وحرقها، وكذلك مشاهد تخرج “آدم” بتفوق من الثانوية العامة، وتحقيقه لحلم والده باسم الذي ضحى كثيراً لأجله، وذلك على الرغم من كافة التحديات التي مر بها آدم وظروف اعتقاله وغيرها.

وفي هذا السياق، أكدت المخرجة والمنتجة فرح النابلسي حرصها على استلهام قصص أفلامها من الواقع الفلسطيني، وقالت خلال جلسة حوارية نظمها المهرجان تحت عنوان “أصحاب التغيير والتأثير: مستقبل السردية الفلسطينية”: “تمكنت السينما الفلسطينية على مدار تاريخها من تقديم مجموعة كبيرة من الأعمال التي تروي حكايات المجتمع وتعبر عن حقيقة واقعه ومعاناته وقضيته العادلة، وفي ظل حرب السرديات التي نشهدها حالياً أعتقد أن مشاركة الرواية الفلسطينية سينمائياً أصبح أمراً مهماً للغاية، وهو ما أسعى إلى تحقيقه من خلال أفلامي التي أعبر فيها عن تراثنا وعاداتنا وحياتنا اليومية، وما يبذله أبناء شعبي من تضحيات للحصول على حريتهم من الاحتلال”، وعبرت فرح عن سعادتها بقدرة أفلامها على السفر حول العالم وتمثيل السينما الفلسطينية، لا سيما في ظل ما يشهده قطاع غزة من إبادة جماعية.
من جهة أخرى، حل حنا عطا الله، مؤسس “فيلم لاب فلسطين” ضيفاً على جلسة “الجيل القادم وإنتاج المحتوى العربي للأطفال والشباب”، استعرض فيها تجربة المؤسسة في تحفيز الأطفال والشباب الفلسطينيين على رواية القصص وصناعة المحتوى، وتأثير تنظيم مهرجان “أيام فلسطين السينمائية” على دعم هذه التوجهات وتشجيع أصحاب المواهب الناشئة على دخول صناعة السينما وصناعة المحتوى. وقال: “ساهمت طبيعة وواقع الكثير من الشباب الفلسطيني داخل المدن والمخيمات في منحهم الفرصة لرواية قصص نوعية مستلهمة من حياتهم ويومياتهم، وتعكس قدرتهم على الصمود وصلابة إرادتهم ورغبتهم القوية في البقاء على قيد الحياة والتخلص من الاحتلال، وقد ساهمت مؤسسة “فيلم لاب فلسطين” من خلال مبادراتها وبرامجها في تعزيز هذا التوجه عبر تمكين الشباب وتشجيعهم على مواصلة تحقيق شغفهم في هذا المجال”، وأشار عطا الله إلى أن مشروع “خراريف فلسطين” الذي أطلقته المؤسسة، ساعد في تدريب عدد كبير من الأطفال والناشئة على أساليب رواية القصص، وتعريفهم بنوعية المصطلحات التي يجب عليهم استخدامها”، مؤكداً أن ذلك يساهم في توثيق التراث والتاريخ الفلسطيني ويساعد في المحافظة عليه.

كما استعرض عطا الله خلال الجلسة تجربة “أيام فلسطين السينمائية” التي رأت النور في 2014 ولا تزال تحقق نجاحاً لافتاً في فلسطين. وقال: “بدايتنا كانت في رام الله عام 2014، وبرامجنا كانت عبارة عن ورش عمل تهدف إلى تدريب أصحاب المواهب على تقنيات وأساليب السرد السينمائي والمونتاج والتصوير وغيرها، وعملنا بجهد على تطوير هذه الفكرة وتحويلها إلى مهرجان “أيام فلسطين السينمائية” بهدف توفير حاضنة لصناع الأفلام تساعدهم على التعبير عن أحلامهم وتطلعاتهم وأفكارهم ووجهات نظرهم وقضاياهم من خلال رواية قصصهم الواقعية”، مشيراً إلى أن “أيام فلسطين السينمائية” استطاعت على مدار السنوات العشر الماضية التوسع خارج مدينة رام الله، حيث تعرض حالياً أفلامها في 6 مدن فلسطينية. وتابع: “أصبح المهرجان يشكل بالنسبة للكثير من صناع الأفلام والناشئة وحتى الأطفال مساحة إبداعية واسعة لصناعة المحتوى ورواية القصص، وبالنسبة لنا لا نزال نعمل كفريق واحد على مواجهة التحديات، من خلال بناء استراتيجيات مرنة قادرة على التأقلم مع طبيعة التغييرات التي يشهدها واقعنا الفلسطيني”.

وفي إطار احتفائه بفلسطين، نظم المهرجان سلسلة من ورش العمل التدريبية التي ركزت على إبراز أهم المعالم الفلسطينية باستخدام الواقع الافتراضي، وتعريف الزوار على عادات وتقاليد المجتمع الفلسطيني، وتعليمهم أساليب تطريز الثوب الفلسطيني، كما ساهمت الورش التي أقيمت تحت إشراف نخبة من المختصين والخبراء في تمكين الأطفال من كتابة رسائل أمل من أطفال الشارقة إلى أقرانهم في فلسطين.