أطلقت سموّ الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، التقرير العالمي لعام 2024 “مستقبل التعليم في الاقتصاد الإبداعي”، الذي يسعى إلى استكشاف مشهد التعليم في الصناعات الثقافية والإبداعية، وإبراز أهمية الاستثمار في التعليم ودوره في بناء اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار.
جاء ذلك خلال فعاليات منتدى المدن الثقافية العالمي 2024 الذي تستضيفه دبي لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تحت شعار “ثقافة الغد.. كيف تستشرف الأجيال القادمة مستقبلنا؟” بمشاركة أكثر من 36 مدينة من حول العالم لتبادل الأفكار والمعرفة وتسليط الضوء على جهود المدن التي تدعم الاقتصاد الإبداعي، وتستثمر في الصناعات الثقافية والإبداعية، وتسعى لاحتضان ودعم أصحاب المواهب والكفاءات، وإتاحة الفرص أمامهم للمساهمة في إعادة تشكيل مستقبل المدن الإبداعية.
وأكدت سموّها أن التقرير يواكب رؤية دبي وتوجهات قيادتها الرشيدة التي تؤمن بدور المعرفة في الارتقاء بالمجتمعات وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، لافتةً إلى أهميته الاستراتيجية في وضع صورة شاملة ومتكاملة عن مستقبل التعليم في الاقتصاد الإبداعي في دولة الإمارات والمنطقة العربية والعالم.
وقالت سموّ الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم إن تقرير (مستقبل التعليم في الاقتصاد الإبداعي) يشكل نقطة تحوّل محورية تبرز دور التعليم في تطوّر قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية، وتكمُن أهميته في تسليطه الضوء على العلاقة المباشرة بين الاستثمار في التعليم واستدامة الاقتصاد الإبداعي ويمثل دافعاً حقيقياً للجهود الرامية لتهيئة منظومة مبتكرة تسهم في تمكين الشباب وتحفيزهم على تحقيق طموحاتهم وأحلامهم مستندين إلى أسس قوية في التعليم، للمساهمة في إثراء قوة الصناعات الثقافية والإبداعية في العالم”.
ولفتت سموّها إلى أن التقرير يتضمّن الكثير من العناصر المهمة، من بينها تركيزه على أهمية التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، لما له من تأثيرات إيجابية طويلة الأمد على نمو الطفل.
وأشارت سموّها إلى قيمة مخرجاته وتوصياته التي تدعو إلى العمل على تطوير التعليم الإبداعي بمجالاته المختلفة، وتعزيز التعاون بين المؤسسات التعليمية والثقافية والجهات الحكومية والصناعات الثقافية والإبداعية، إضافةً إلى الاستفادة من مشاركة المرأة وتمكينها من الدخول إلى الاقتصاد الإبداعي.
وخصّصت “دبي للثقافة” ضمن فعاليات “منتدى المدن الثقافية العالمي 2024” الذي يُقام تحت رعاية سموّ الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، جلسةً بعنوان “مستقبل التعليم في الاقتصاد الإبداعي”، أدارها إبراهيم فاهيد، مدير الاستشارات في “دينار ستاندرد”، وشارك فيها كل من سعادة هالة بدري، مدير عام “دبي للثقافة”، وسعادة عائشة ميران، مدير عام هيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي، وسعادة محمد عبدالله، رئيس معهد دبي للتصميم والابتكار، وسعادة الدكتور فيصل العيان، مدير مجمع كليات التقنية العليا، والدكتور سعيد مبارك بن خرباش، المدير التنفيذي لقطاع الفنون والتصميم والآداب في “دبي للثقافة”، والبروفيسورة جانيت بيلوتو، عميدة كلية الفنون والصناعات الإبداعية في جامعة زايد والذين ناقشوا مجموعة من المحاور التي تسلّط الضوء على العلاقة بين التعليم والاقتصاد الإبداعي، ودوره في تعزيز قوة الصناعات الثقافية والإبداعية وتحقيق أهداف التنمية الشاملة وأكدوا ضرورة الاستثمار في التعليم ومنحه الأولوية باعتباره من العوامل الأساسية لبناء اقتصاد إبداعي مزدهر.
وتُعد هذه الجلسة الأولى من نوعها ضمن سلسلة من الحلقات النقاشية التي ستقوم “دبي للثقافة” بتنظيمها خلال الفترة المقبلة، بهدف إبراز أهمية التقرير وما يتضمنه من دراسات وإحصائيات وتوصيات استراتيجية، وتسهم في تمكين الحكومات والمؤسسات التعليمية وأصحاب المصلحة في الصناعة من تعزيز الاقتصاد الإبداعي، من خلال الاستثمار في التعليم.
ويقدم تقرير “مستقبل التعليم في الاقتصاد الإبداعي” نظرة شاملة عن دور التعليم في دفع عجلة نمو الاقتصاد الإبداعي الذي تشكل الصناعات الثقافية والإبداعية محوراً أساسياً فيه، حيث ساهمت بإيرادات بلغت 2.3 تريليون دولار في 2022، أي ما نسبته 6.1٪ من الاقتصاد العالمي، كما توفّر هذه الصناعات نحو 6.2% من الوظائف في جميع أنحاء العالم، وتتيح فرص عمل للكثير من الأشخاص ممن تتراوح أعمارهم ما بين 15 و29 عاماً مقارنةً مع أي قطاع آخر، ويتوقع أن تشهد الصناعات الإبداعية نمواً بنسبة 40٪ بحلول عام 2030، ما يسهم في خلق أكثر من 8 ملايين فرصة عمل إضافية.
وكشفت نتائج التقرير أن الإنفاق الحالي على التعليم في الاقتصاد الإبداعي يصل إلى 135.2 مليار دولار أمريكي، ويتوقع أن يصل إلى 174.6 مليار دولار بحلول 2027، بمعدل نمو سنوي مُركّب يبلغ نحو 6.6%.
وأوضح التقرير أن تركيز التعليم الإبداعي يتمحوّر حول تطوير المهارات الفنية الأساسية وتطبيق التقنيات الجديدة، ما يسهم في خلق فجوة بين المواد الدراسية والتطبيقات العملية في الحياة الواقعية، ويدفع الكثير من المبدعين إلى البحث عن التعليم غير الرسمي وفرص التعلّم الذاتي.
وأوصى التقرير الحكومات والجهات المعنية إلى ضرورة تبسيط اللوائح التنظيمية لتسهيل الحصول على التصاريح والتراخيص وحقوق حماية الملكية الفكرية، والتكيف بسرعة مع المشهد العالمي المتغير، موضحاً مدى الحاجة إلى توفير مواد تعليمية متخصصة في مجال ريادة الأعمال والأعمال التجارية، ومحو الأمية التكنولوجية وطرق التصنيع، والحصول على تدريب داخلي ومهني.
وتضمّن التقرير الذي صممته المبدعة الإماراتية حصة لوتاه، مجموعةً من التوصيات الاستراتيجية الهادفة إلى التحفيز على الاستثمار في التعليم، وتعزيز دوره في دفع عجلة نمو الصناعة الإبداعية، ومن أبرزها دمج المهارات المتعلقة بالتسويق، ومحو الأمية التقنية والتصنيع في المناهج الدراسية، وإصلاح المناهج الدراسية لتكون أكثر مرونة وقدرة على مواكبة وتيرة التغيير، وإعادة النظر في أساليب التقييم التقليدية، والعمل بشكل وثيق مع الجهات الفاعلة في الصناعة، إلى جانب قيام الحكومات بتحديد أدوار وسياسات وميزانيات واضحة ومخصصة لتعزيز التعليم الإبداعي .
وأوصى بضرورة الاستثمار في حملات التوعية بأهمية التعليم الإبداعي، مع التركيز على تعليم الطفولة المبكرة، وكذلك الاستثمار مباشرة في البنية التحتية للتعليم، وتسهيل وصول المتعلمين والشركات الإبداعية إلى الدعم المالي، بالإضافة إلى تشجيع الجهات المعنية على إنشاء برامج قوية تدعم الصناعة الإبداعية، وإطلاق مبادرات تعاونية تجمع بين التقنيات والجهات الفاعلة في الصناعة الإبداعية، بهدف تقديم تعليم قائم على الابتكار والرقمنة.
المصدر: وكالة أنباء الإمارات