دبي – الوحدة:
في إطار التزامها بدعم المبادرات الوطنية الرائدة، ودورها الاستراتيجي في نشر العلوم والمعرفة، نظّمت مكتبة محمد بن راشد، جلسة حوارية بعنوان «دور المؤسسات في تحقيق الاستدامة»، استضافت خلالها عددًا من المؤسسات الرائدة في دولة الإمارات العربية المتحدة بهدف تعزيز التعاون والتكامل بين مختلف القطاعات، لاستعراض تجربة دبي الطّموحة في مجال تعزيز الاستدامة وتحقيق التنمية والتّوزان بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.
افتتح الدكتور محمد سالم المزروعي، عضو مجلس إدارة مكتبة محمد بن راشد، الجلسة بكلمة رحب فيها بالحضور والمشاركين، مشيدًا بالجهود المشتركة لتعزيز ثقافة الاستدامة، وأكد المزروعي على أهمية اعتماد نهج الاستدامة لضمان المحافظة على الموارد الطبيعية وضمان استدامتها للأجيال القادمة، مشيرًا إلى دور مكتبة محمد بن راشد الرائد في هذا المجال منذ تأسيسها، وأوضح أن المكتبة ليست مجرد مكان للمعرفة، بل نموذج يُحتذى به في الاستدامة، حيث يتجلى ذلك في تصميم المبنى الذي يراعي المعايير البيئية، بالإضافة إلى برنامج فعالياتها وأنشطتها التي تركز بشكل أساسي على قضايا التغير المناخي وأهداف الاستدامة العالمية.
وأكد المزروعي «أن المؤسسات الثقافية والتعليمية لها دور محوري في تحقيق الاستدامة، مشددًا على ضرورة تبني استراتيجيات تدعم الوعي البيئي، وتعزز من فهم المجتمع الجماعي بأهمية هذه القضايا، مما يساهم في تحقيق أهداف طويلة المدى لبناء مستقبل مزدهر ومستدام».
كما وضّح الأستاذ الدكتور عماد السيوف، بروفيسور في كلية الهندسة بجامعة الشارقة، جهود الجامعة في تحقيق الحياد الكربوني من خلال تبني استراتيجيات تهدف إلى خفض البصمة الكربونية وتقليل الانبعاثات، وتركيزها على تكثيف البحوث العلمية التطبيقية، لمعالجة قضايا تغير المناخ عبر حلول مبتكرة تسهم في تعزيز استدامة الموارد الطبيعية، وعمل الجامعة على إدماج الوعي البيئي والاستدامة
ضمن المناهج التعليمية، لتعريف الطلبة بأهمية الحفاظ على البيئة، وتطوير مهاراتهم في تطبيق مفاهيم الاستدامة، إلى جانب تنفيذ برامج توعوية مجتمعية تهدف إلى إشراك المجتمع المحلي في جهود الحد من التأثيرات البيئية وتعزيز الممارسات الصديقة للبيئة.
واستعرض السيوف في الجلسة تجربة مكتبة محمد بن راشد ودورها الرائد في إثراء المجتمع بمعارف تسهم في ترسيخ وعي بيئي متقدم، وأشار إلى أن المكتبة أصبحت منارة ثقافية تتبنى نهجًا مستدامًا في دعم المعرفة البيئية، مما يعزز التزامها تجاه المجتمع بمبادئ المحافظة على البيئة للأجيال القادمة. إضافة إلى مساهمتها في تحقيق الاستدامة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية وتطلعاتها المستقبلية.
تلا ذلك مداخلة جمال حمزة السبت، مهندس أول في الاستدامة والتغير المناخي، في هيئة كهرباء ومياه دبي، والذي استعرض أبرز إنجازات الهيئة في الاستدامة وتحدث عن استراتيجيات الطاقة المستدامة والمشاريع المستقبلية، حيث استعرض رؤى الهيئة للتحول إلى الطاقة المتجددة كخيار استراتيجي طويل الأمد، وأوضح جمال «أن الهيئة تعمل بجد لتبني حلول مبتكرة تضمن استدامة الموارد وتقلل من الانبعاثات الكربونية، مثل مشاريع الطاقة الشمسية وتحلية المياه بتقنيات صديقة للبيئة، مؤكدًا أنّ هذه المشاريع وغيرها الكثير تأتي تماشيًا مع رؤية دبي في تحقيق مستقبل يعتمد على طاقة نظيفة ومستدامة».
وفي سياقٍ متصل، شاركت المهندسة شيماء العلي، من إدارة الدراسات والبحوث والتطوير بوزارة الطاقة والبنية التحتية، في تسليط الضوء على دور الوزارة في تطوير بنية تحتية مستدامة، واستعرضت دليلها الخاص بالاستدامة، كما تطرقت إلى جهود الوزارة في تنفيذ مشاريع تعتمد على تصميمات مستدامة تقلل من استهلاك الموارد الطبيعية وتحقق كفاءة الطاقة. وشددت العلي على أنّ هذه المشاريع تشكّل نواة لبناء مدن قادرة على التكيف مع المتغيرات المناخية، ممّا يدعم تحقيق التنمية المستدامة على المدى البعيد ويعزز من قدرة المجتمع على مواجهة التحديات البيئية.
وقدّمت مروة النحلاوي، المدير العام لشركة دايموند ديفيلوبرز، المدينة المستدامة في دبي، عرضًا عن تجربة «المدينة المستدامة» في دبي، كأحد الأمثلة الحيّة لمدن المستقبل، حيث استعرضت آليات التّصميم المعماري الذكي والتخطيط الحضري المتكامل الذي يسهم في تحسين جودة الحياة مع الحفاظ على الموارد البيئية، وأكّدت النحلاوي «أنّ المدينة المستدامة أصبحت نموذجًا يُحتذى به عالميًّا، حيث تجمع بين أسلوب حياة راقٍ وممارسات صديقة للبيئة مثل استخدام الطاقة المتجددة وإعادة التدوير وتوفير مساحات خضرا».
ومن جهة أخرى، تناول أحمد الحاتمي، مدير قسم الصحة والسلامة والاستدامة المؤسسي، في هيئة الطرق والمواصلات بدبي، مفهوم «الاستدامة في النقل والمواصلات»، مشيرًا إلى خطط الهيئة في تطوير وسائل نقل تعتمد على الطاقة النظيفة، مثل المركبات الكهربائية وأنظمة النقل المتكاملة، ما يسهم في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لتعزيز صحة وسلامة السكان. وأكد الحاتمي «أنّ دبي بفضل هذه الاستراتيجيات، تعمل على إعادة صياغة البنية التحتية للنقل بطرق تتواءم مع معايير الاستدامة العالمية».
وفي ختام الجلسة، كرّم الدكتور محمد سالم المزروعي، جميع الجهات المشاركة، تقديرًا لدورهم الفعّال ومساهماتهم القيّمة، وقد جاء هذا التكريم اعترافًا بجهودهم التي أثرت النقاشات وأسهمت في تعزيز أهداف الجلسة، ليكون بمثابة تحفيز لمواصلة التعاون المشترك ودعم المبادرات المستقبلية التي تسعى إلى تحقيق المزيد من التقدم والنجاح في مجالات العمل المختلف.
تعكس هذه الجلسة التي احتضنتها مكتبة محمد بن راشد، التزام دبي الراسخ بتبني حلول مبتكرة ومستدامة، والعمل على تطوير البنية التحتية بما يتماشى مع رؤية الإمارات 2071، لجعل دبي أفضل مدينة في العالم بحلول المئوية المقبلة، كما أنها ستسهم في دعم مكانة الإمارات كدولة رائدة تقود الجهود العالمية في مجالات الاستدامة والطاقة النظيفة والنقل المستدام، مما يترجم رؤى الإمارة الطموحة لمستقبل أخضر يدعم رفاهية الأجيال الحالية والقادمة.