خاطرة مسائية من مدينة الموصل
بقلم / إبراهيم المحجوب – كاتب عراقي
الساعة الآن تشير الى التاسعة مساءًّ والشوارع في المناطق السكنية في مدينة الموصل شبه خاليه بسبب تغيير الأجواء ودخول فصل الشتاء وبسبب هطول الأمطار المتقطعة طوال النهار…
الأجواء خلابة وممتعة جداً حيث أنك ترى تلبد الغيوم في السماء وهي حبلى بأمطار غزيرة ربما سوف يكون هطولها في ساعات الليل القادمة أونهار الغد…
المحلات التجارية عامرة ببضائعها ومازالت تفتح أبوابها الى ساعات بعد منتصف الليل والسبب يعود لتوفر الأمن والأمان هنا والقدرة الشرائية للمواطن رغم اختلاف الطبقات المعاشية…
ورغم أن المدينة يتوفر فيها الكافتريات والمقاهي في جميع احيائها العامة الا أنها تعتبر قاسية بعض الشيء على كبار السن وخاصه أبناء الريف منهم الذين يسكنون فيها والذين هاجروا قراهم وأريافهم لأسباب عدة وأصبحوا اليوم لا يستطيعون الحصول على جلساتهم المسائية القديمة ((التعليلة الجماعية)) حتى يتجاذبون أطراف الحديث مع أبناء جيلهم ويتسامرون فيما بينهم بحكايات الماضي وقصص ذلك الجيل الذي عاش طفولته مع وسائل الحياة البدائية وذلك لعدم توفر الإمكانيات المادية الموجودة حالياً وعدم امتلاكهم أدوات وأجهزة العصرنة الحديثة الإلكترونية منها أو الكهربائية…
ورغم أن نمط البناء التقليدي في القرى والأرياف قد اختلف اليوم كلياً وأصبح الطراز المعماري الجديد يدخل في كل تفاصيل البيت الريفي واصبحت المواد الإنشائية الحديثة تدخل ضمن كل مراحل البناء الحديث هناك.. وكل هذه التغيرات أعطت نكهة جديدة للسكن في الريف فمساحة الأرض الواسعة والبناء على الطراز المعماري الحديث وجلسات السمر اليومية حتى وإن كان بين أفراد العائلة فقط فان له ميزة خاصة وطعم خاص وأنت تجلس على مدفأة حديثة وصوت الرعد والمطر تسمع أصواته خارج المنزل…
وربما هناك بعض المعاناة لبعض من الأشخاص الذين يرغبون بالجلسات المسائية مع أبناء اقاربهم أو جيرانهم بسبب استخدام أجهزة الموبايل بشكل مفرط لدى البعض الا ان جمالية الطبيعة والأجواء هناك تعطي ميزة خاصة لهذه الجلسات…
أما هنا وأنت تتجول في مدينة الموصل تجد الأماكن الترفيهية العامة مفتوحة أمامك على مدار الليل والنهار ولكن ضجيج واصوات بعض الشباب وهم يلعبون الدومينة ورائحة ودخان النرگيلة الكثيف يضعك أمام شعور مقرف لا يناسب أعمار الأشخاص الكبار الذين يبحثون عن راحتهم النفسية…
وأما في الوضعية العامة فإن جمالية المدينة بشوارعها وطرقها الحديثة وأجوائها الجميلة التي تبعث إلى الروح الهواء النقي وأنت تتجول في الأماكن العامة والمولات والأسواق الكبيرة التي تم إنشائها وفق نظام التسوق العائلي الجديد…
جميلة يا مدينة الموصل بأهلك الكرام وزوارك الطيبين.
وطيبتك تكتمل مع عذوبة مياه دجلة وهو يجري بين جانبيك الأيمن والأيسر قاطعاً جسورك الستة..